لبنان يلتزم الصمت حيال الاحتجاج اليمني واستياء من التماهي مع حزب الله
دبلوساسي لبناني سابق قال لـ"العين الإخبارية" إن حكومة بلاده "مسؤولة عن السياسة الخارجية، وليس جبران باسيل المتناغم مع حزب الله".
لا تزال الحكومة اللبنانية ملتزمة الصمت المطبق، حيال مذكرة الاحتجاج التي بعث بها وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، إلى نظيره اللبناني جبران باسيل، والتي دعا فيها إلى "كبح جماح حزب الله وسلوكه العدواني تجاه اليمن، تماشيا مع سياسة النأي بالنفس".
ولم يصدر أي موقف رسمي لبناني بعد يومين على رسالة الاحتجاج، إلا أن مصدراً في الخارجية اللبنانية، أكد لـ"العين الإخبارية"، أن الوزارة "لم تتسلّم بعد أي كتاب رسمي من نظيرتها اليمنية".
وأوضحت أنها "تتخذ الموقف المناسب بعد الاطلاع رسمياً على فحوى الرسالة، وما تضمنته من معلومات وأدلة، ولا تبني سياستها على تصريحات وردت في وسائل الإعلام".
تبرير غير مقنع
تبرير الخارجية لا يقنع الكثيرين في لبنان، ممن يعرفون سياسة وزير الخارجية وعلاقته الوثيقة بـ"حزب الله"، حيث أوضح مصدر دبلوساسي لبناني سابق لـ"العين الإخبارية"، أن "الحكومة اللبنانية هي المسؤولة عن السياسة الخارجية، وليس جبران باسيل المتناغم مع حزب الله والناطق باسمه في المحافل العربية والدولية الخارج".
وأشار إلى أن مواقف باسيل "طالما ولّدت إشكالات للبنان في اجتماعات وزراء الخارجية العرب، ومع الدول الأجنبية الصديقة، وخير مثال على ذلك، خروجه عن الإجماع العربي يوم أدانت الجامعة العربية إحراق السفارة السعودية في طهران، وكاد يضع لبنان في عزلة عربية تتعارض مع مصلحة الدولة".
ولم تف الحكومة اللبنانية بتعهداتها في تطبيق سياسة النأي بالنفس، التي كانت عنواناً للتسوية السياسية التي أوصلت ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، لأن تصرفات الحزب الإيراني قفزت فوق كل هذه الالتزامات، وأمعن في التورط في حروب منطقة وزعزعة أمن الدول العربية.
وقال المصدر الدبلوماسي، الذي رفض ذكر اسمه: "حتى لو صدر موقف لبناني رداً على الرسالة، سيكون خجولاً ومقيداً برغبة حزب الله، وليس بالمصلحة الوطنية العليا"، مضيفا: "حتى لو تسلّم باسيل الرسالة اليمنية فمن المستبعد أن يتخذ قرارا يتعارض مع سياسة حزب الله"، مشيراً إلى أن "الدولة كلّها أسيرة سياسة الحزب، وبالتالي لن يكون هناك أي إجراء ولو كان شكلياً".
موقف باسيل وحزب الله
من جهته، قال وزير شؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي، إن "موقف باسيل يتماهى كلّياً مع حزب الله، وهو يؤيد كلّ ما يفعله الحزب، وهو ما أعلن مرات عدّة أنه يدعم انخراطه في الحرب السورية بذريعة محاربة الإرهاب".
وشدد المرعبي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، على أنه "لا فرق بين باسيل وحزب الله وكل الفرق الإيرانية في المنطقة"، مبدياً أسفه لأن "وزير الخارجية يسبق أحياناً حزب الله بالمواقف المنسجمة مع المشروع الإيراني على مستوى لبنان والمنطقة".
وينقسم أعضاء الحكومة اللبنانية حيال مقاربتهم لدور "حزب الله" العسكري في المنطقة، والارتدادات السلبية لهذا الدور على لبنان واستقراره، لأن الحزب يفرض قراراته بقوة السلاح، دون النظر إلى الاعتراضات الداخلية.
وأضاف وزير شؤون المهجرين، وهو من الفريق الوزاري لـ"تيّار المستقبل" الذي يرأسه رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، أن "الرسالة اليمنية حقّ شرعي لدولة تعترض على تصرفات تنظيم عسكري مسلّح يسهم في تدمير اليمن وتعميق مأساة شعبه"، مبدياً استغرابه لتنصّل الخارجية اللبنانية من تسلّم هذه الرسالة.
المحافل الدولية منبر آخر
وتابع المرعبي: "إذا كانت رسالة الاحتجاج سلّمت إلى سفير لبنان في اليمن، يفترض أن يحيلها الأخير فوراً إلى وزارة الخارجية، وفي حال التلكؤ، يمكن لسفير اليمن في لبنان أن يسلّمها شخصياً إلى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وتسارع الدولة إلى إعلان موقفها الصريح، المنسجم مع سياسة "النأي بالنفس" التي اعتمدت في البيان الوزاري للحكومة، وفي خطاب القسم لرئيس الجمهورية".
وتوقع الوزير اللبناني "ألا تقف رسالة الاحتجاج اليمنية على الجانب اللبناني، وقد تضطر القيادة اليمنية إلى اللجوء إلى جامعة الدول العربية، وإلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإلى مجلس الأمن الدولي، وعندها يصبح موقف لبنان أكثر صعوبة وإحراجاً"، معربا عن أسفه لوجود فريق منشق عن الدولة، وتابع لإيران يرهن مصير اللبنانيين بمغامراته الانتحارية.
وقد شدّد وزير الخارجية اليمني خالد اليماني في رسالته على "حقّ بلاده في طرح هذه المسألة في المحافل العربية والدولية"، مشيرًا إلى "أنّنا في الجمهورية اليمنية نحتفظ بحقّنا في عرض المسألة على مجلس جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومجلس الأمن الدولي".
ونوه إلى أنّ "دعم "حزب الله" لـ"المليشيات الحوثية" ظهر جليًّا في الكلمة المتلفزة للأمين العام للحزب حسن نصرالله 29 يونيو/حزيران الماضي الّتي حرّض خلالها على قتال القوات الحكومية اليمنية، وعبّر فيها عن طموحه ومسلّحي حزبه للقتال في اليمن لصالح الانقلابيين ومساندة "الحوثي" ضدّ السلطة الشرعية المعترف بها دوليًّا".