خطة النهوض الاقتصادي.. سيدة أوروبا القوية في مواجهة 4 دول
المفوضية الأوروبية تعلن خطتها للنهوض الاقتصادي للدول الأوروبية المتضررة من جراء الوباء، في رهان يصل إلى ألف مليار يورو
بخطوات متسارعة تسير الحياة في أوروبا نحو الوضع الطبيعي، ومع شعاع أمل للخروج من كبوة كورونا يكثف الاتحاد الأوروبي تحركاته لوضع خطة للنهوض الاقتصادي.
وتشهد القارة العجوز تراجعا كبيرا في معدلات الإصابة بالفيروس، وهي دلائل مبشرة على انحسار الجائحة، ما جعل الوقت مناسبا للإعلان عن خطة منتظرة لدعم اقتصادات الدول الأعضاء الـ27 بالاتحاد الأوروبي.
وبدأت الدول الأوروبية تخفيف إجراءات العزل لاستئناف نشاطات الحياة الطبيعية، في السياحة والسفر والاقتصاد، مع مراعاة تدابير الوقاية للحفاظ على الصصحة العامة.
ألف مليار يورو
وتعلن المفوضية الأوروبية الأربعاء، خطتها للنهوض الاقتصادي للدول الأوروبية المتضررة من جراء الوباء في رهان يصل إلى ألف مليار يورو.
ولكن من أين سيتم تمويل هذه الخطة الضخمة؟.. الإجابة جاءت على لسان مصادر في المفوضية الأوروبية، حيث قالت: "إن المفوضية تدرس فرض ضرائب جديدة للمساهمة في تمويل حزمة التحفيز التي تستهدف مساعدة دول الاتحاد الأوروبي للخروج من دائرة الركود الاقتصادي الحاد".
الحل في الضريبة
مصادر الضريبة الجديدة كانت محل تساؤلات، لكن سرعان ما انكشف النقاب عنها لوكالة لأنباء الألمانية التي أكدت أنه ستكون هناك ضريبة على منتجات البلاستيك وضريبة على الأنشطة الرقمية وتمديد نظام تجارة الانبعاثات الغازية الأوروبي.
المهمة ليست سهلة لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين التي ستخوض معركة في بروكسل لتقديم خطة النهوض المنتظرة بفارغ الصبر، حيث ستصطدم بخلاف بين دول الشمال والجنوب.
رئيسة المفوضية الأوروبية أو كما يطلق عليها (سيدة أوروبا القوية) تخوض المعركة وفي مخيلتها الخلاف الدائر بسبب المقترح الذي تقدمت به فرنسا وألمانيا الأسبوع الماضي.
مقترح فرنسي ألماني
وتقدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألمانية أنجيلا ميركل، بمقترح لإنشاء صندوق بقيمة 500 مليار يورو لدعم جهود التعافي الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي.
المقترح الفرنسي الألماني يعتمد على اقتراض المفوضية الأوروبية من أسواق المال العالمية نيابة عن الاتحاد الأوروبي.
ثم تقدم المفوضية الأموال كمنح وقروض منخفضة الفائدة للدول الأعضاء المتعثرة على أن يتم سداد هذه الأموال المقترضة من خلال ميزانية الاتحاد الأوروبي على مدى 7 سنوات.
معارضة 4 دول
لكن الفكرة لم ترق لبعض الدول، وتحديدا التي تتبنى سياسات مالية محافظة وهي النمسا والدنمارك والسويد وهولندا.
وطالبت الدول الـ4 بتقديم المساعدات في صورة قروض بفوائد منخفضة.
وفي ظل هذه المعارضة تراهن رئيسة المفوضية الأوروبية على مساندة دول أخرى، مثل إيطاليا وإسبانيا، وهما من الدول الأشد تضررا من جائحة كورونا ومن المستفيدين الأساسيين من أموال الصندوق المقترح.
أزمة ديون
وتقول هذه الدول إن حصولها على مزيد من القروض سيؤدي إلى زيادة معدلات الدين العام لديها إلى مستويات تهدد استقرار منطقة اليورو.
وكانت دول الاتحاد الأوروبي قد أقرت بالفعل 3 برامج إقراض قصيرة المدى بقيمة إجمالية تبلغ 540 مليار يورو.
ووافقت دول الاتحاد من حيث المبدأ على صندوق للتعافي الاقتصادي لكن من المنتظر أن تشهد مناقشة التفاصيل خلافات حادة خلال القمة الأوروبية المقررة في الشهر المقبل.
أيضا، أعلنت عدة دول خطط دعم خاصة بها لبعض قطاعات اقتصاداتها على غرار فرنسا التي وعدت الثلاثاء بثمانية مليارات يورو لإنقاذ صناعة السيارات لديها.
رغم التسارع في تقديم حزم التحفيز، إلا أن هناك أزمة أخرى في طريق التعافي الاقتصادي تتمثل في تراكم الديون الناجم عن خطط الإنقاذ.
أزمة الديون هذه بدأت تثير قلق البنك المركزي الأوروبي الذي حذر الثلاثاء من أن المخاوف من خروج الدول الأكثر مديونية من منطقة اليورو بسبب تأثير كورونا المستجد من المرجح أن تنمو في الأسواق إذا لم تُتخذ تدابير للحد من أعباء الديون.
البورصات تتجاوب
على الجهة الأخرى، ظهرت أسواق المال أمس الثلاثاء واثقة، وارتفعت الأسهم في أوروبا وفي وول ستريت، في دليل على التفاؤل السائد في ظل إعادة الفتح الجزئي للاقتصاد.
التحدي كبير في مواجهة الفيروس، فالعالم يسعى لفرض كلمته وإعادة الحياة لمسارها الطبيعي مع الحفاظ على تدابير الوقاية وتحريك عجلة الاقتصاد واستئناف النشاط السياحي ودفع قطاع الطيران للأمام، حتى تعود الأوضاع تدريجيا لما كانت عليه قبل الجائحة.
مخاطر الانكماش
ورغم الإجراءات القوية المتخذة، تبقى المخاطر التي خلفها الفيروس كبيرة، وفقا لما أعلنته رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد من أن اقتصاد منطقة اليورو يواجه انكماشا هذا العام يتوافق مع أكثر التوقعات تشاؤما للبنك.
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن لاجارد القول إنه من المرجح أن ينكمش اقتصاد منطقة اليورو بنسبة تتراوح ما بين 8% إلى 12%.
وأضافت "سوف يكون لدينا رؤية أفضل خلال الأيام المقبلة عندما نعلن إحصاءاتنا في مطلع الشهر المقبل، ولكن من المرجح أنها سوف تكون ما بين السيناريوهين المتوسط والحاد".
ومن المقرر أن يقوم البنك بتحديث توقعاته الرسمية للنمو والتضخم الأسبوع المقبل، عندما يجتمع المجلس الحاكم للبنك لمناقشة السياسة النقدية.