السلاح الاقتصادي بات سلاحا مدمرا للخصم، إذ ينشغل الخصم بنفسه وتتفاقم مشاكله الداخلية مما يجعله يتراجع عن موقفه.
تغيرت أشكال الحروب في هذا العصر والتي كانت على مدى التاريخ تقتصر على الحرب العسكرية بشكل محدد لكن الوضع تغير بشكل كبير في عصرنا الحالي، إذ تشكل الحرب الاقتصادية سلاحا فتاكا ينهك الخصم دون أي خسائر.
الولايات المتحدة الأمريكية كانت أكثر من استخدم السلاح الاقتصادي ضد خصومها وذلك عبر العقوبات الاقتصادية المشددة، استخدمت هذا السلاح الفتاك ضد أنظمة الحكم في العراق وليبيا سابقاً، وفنزويلا وإيران وكوريا الشمالية حالياً حيث الهدف من هذا السلاح هو تغيير سلوك هذه الدول دون العمل العسكري والذي يعد مكلفا جدا.
وبحكم أن الولايات المتحدة هي من يتزعم ويسيطر على النظام المالي العالمي خاصة بعد تفكك منافسها الوحيد، الذي يتبع النظام المالي الاشتراكي "الاتحاد السوفيتي" أصبح العالم تحت تحكم وسيطرة النظام الرأسمالي بقيادة أمريكا، ومنحت هذه الميزة لأمريكا القدرة على إقرار عقوبات اقتصادية على أي دولة في العالم مما منحها خيارات متعددة للتعامل مع خصومها.
أتذكر عندما وصلت العلاقات الروسية التركية إلى أسوأ مراحلها، قام الرئيس الروسي باستخدام سلاح الاقتصاد ضد تركيا حيث قاطع كافة المنتجات الغذائية وكذلك السياحة، مما أثر على اقتصاد تركيا بشكل سلبي الأمر الذي أجبر أردوغان للذهاب إلى موسكو وتقديم اعتذاره للرئيس بوتين أملاً في وقف المقاطعة الاقتصادية لبلاده.
ولم أنس عندما هدد الرئيس الأمريكي ترامب تركيا حال تجاوزت الحدود في سوريا بأنه سوف يدمر اقتصادها، ثم سرعان ما انهارت العملة التركية وفقدت من قيمتها في يوم واحد 18%، ونفس الأمر قبل هذا التهديد عندما توعد ترامب تركيا بعقوبات اقتصادية إن لم تطلق سراح "القس" الأمريكي الأمر الذي جعل تركيا تطلق سراحه فورا دون شروط.
من هنا نستنتج أن السلاح الاقتصادي بات سلاحا مدمرا للخصم، إذ ينشغل الخصم بنفسه وتتفاقم مشاكله الداخلية مما يجعله يتراجع عن موقفه، لذلك يكون تأثير سلاح الاقتصاد على الدول الصناعية والسياحية أكبر، حيث أنها بمجرد دخولها في مشاكل مع دول العالم ستكون لهذه الدولة نقطة ضعف رئيسية، تتلخص في أن تتم مقاطعتها من قبل شعوب هذه الدول مما يتسبب بخسائر فادحة على اقتصادها كحال تركيا الآن.
حيث تعتمد تركيا في مداخيلها الأساسية على الصناعة وبيع منتجاتها، وأيضا تعتمد على السياحة وهذه نقطة ضعف كبيرة، إذ في حال دخلت تركيا في صدام مع دول العالم، فسوف تكون تلك نقطة ضعف كبيرة لها يستخدمها خصومها عبر المقاطعة لأهم مصادر دخلها، حيث أدخل أردوغان بلاده في مشاكل مع دول العالم، مما جعل هذه البلدان تقوم بالرد عليه بسلاح الاقتصاد ماتسبب في تداعيات خطيرة على الاقتصاد التركي.
ومن ناحية أخرى فخلال العقود الماضية لم أسمع أن الصين قد دخلت في تصادم مع دول العالم، بل اتبعت سياسة إقامة علاقات جيدة مع كل دول، اذ تعتبر الصين دولة صناعية تعتمد اعتمادا كليا على بيع بضائعها، لذلك تحرص على عدم الدخول في أي تصادم مع دول العالم، مما جعلها الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم وهذا هو سر نجاحها.
لذلك فإن سلاح الاقتصاد بات سلاح العصر الفتاك.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة