«أسطورة الدم».. توقيف «فيتو» المطلوب الأول في الإكوادور (صور وفيديو)

في لحظة خاطفة بجنح الليل داهمت القوات الخاصة الإكوادورية مدينة مانتا، لتسدل الستار على أكثر رجال العصابات رعبًا في تاريخ البلاد.
فقد سقط «فيتو» الرجل الذي حوّل الإكوادور إلى ساحة حرب بقبضة رجال الأمن.
- اقتحام هوليودي لسجن بالإكوادور.. 4 آلاف جندي لإسقاط "رجل واحد" (صور)
- إعلان حالة الطوارئ في الإكوادور.. والسبب: «هروب فيتو من السجن»
كيف ضبط؟
كانت الساعة تدق ببطء في مانتا، المدينة الساحلية الهادئة على المحيط الهادئ، حين اخترقت وحدات النخبة الأمنية حجب الليل لتعتقل أدولفو ماسياس، المعروف باسم «فيتو»، زعيم كارتيل «لوس تشونيروس» وأخطر مطلوب في الإكوادور منذ أكثر من عام.
"المطلوب الأول".. #الإكوادور تعلن اعتقال "فيتو" زعيم أخطر عصابات الجريمة المنظمة بعد مطاردة استمرت 10 ساعات وبمشاركة الجيش والشرطة#عينك_على_العالم pic.twitter.com/vwFH8ShJBV
— العين الإخبارية (@AlAinNews) June 26, 2025
وأعلن الرئيس الإكوادوري دانيال نوبوا الخبر بنفسه، عبر منشور رسمي بدا وكأنه يتنفس ارتياحًا: «فيتو في قبضة قوات الأمن».
لم يكن مجرد إعلان اعتقال، بل نهاية فصل دموي من تاريخ الجريمة المنظمة في البلاد.
من هو فيتو؟
قصة «فيتو» ليست قصة رجل عصابات عادي. إنها حكاية تحوّل مظلم، لرجل بدأ حياته سائق تاكسي متواضعًا، قبل أن يتسلّق سلالم الجريمة من القاع حتى قمة الهرم، ليقود أخطر كارتيل إجرامي عرفته البلاد.
وُلد ماسياس عام 1979 في مانتا، المدينة نفسها التي شهدت سقوطه.
دخل عالم المخدرات والقتل، وسرعان ما ورث زعامة «لوس تشونيروس» بعد مقتل قائده خورخي لويس زامبرانو عام 2020.
بحلول 2023، كان «فيتو» قد حوّل السجون إلى معاقل له، وتحوّلت كلماته إلى أوامر تُنفذ في شوارع كيتو وغواياكيل.
وعندما اتُهم باغتيال المرشح الرئاسي فرناندو فيلافيسينسيو، أدركت البلاد أنها أمام رجل قادر على زعزعة ديمقراطيتها الهشّة.
هروب «الوحش» من السجن
في يناير/كانون الثاني 2024، استيقظت الإكوادور على كابوس: «فيتو» هرب من السجن رقم 8 في غواياكيل.
لم يكن مجرد فرار، بل صفعة أمنية مهينة. تبع ذلك موجة عنف طاحنة خلّفت قتلى بالعشرات، وعمليات خطف وذبح، وتحوّلت البلاد إلى جحيم مكشوف.
الرئيس نوبوا أعلن حالة الطوارئ، ودفعت الحكومة بـ4 آلاف جندي مدججين، ومئات المدرعات لاقتحام السجن ذاته لاحقًا.
مشهد بدا وكأنه مقتبس من أفلام العصابات، حيث الدولة تتصارع مع شبح رجل واحد.
رغم ذلك، ظل «فيتو» طليقًا، يدير إمبراطوريته من الظلال، ويوجه أوامره من المخابئ، متحديًا الدولة والعدالة والعالم.
سقوط الأسطورة
القبض على «فيتو» جاء كصفقة مكتملة الأركان، مشهد درامي أعاد الأمل لملايين المواطنين، ووجّه رسالة إلى عصابات الجريمة أن «لا أحد فوق يد الدولة».
السلطات نشرت صورة لزعيم العصابة وهو في حالة يرثى لها: «شعر طويل، ولحية غير مهذبة، ووجه مرهق. بدا كمن خرج من كهف، لا كمن كان يحكم السجون والشوارع».
وقال نوبوا إنّ بلاده أنجزت الجزء الخاص بها لتسليم «فيتو» إلى الولايات المتحدة، التي تطلبه بتهم تشمل تهريب الكوكايين والأسلحة.
جغرافيا الرعب
«فيتو» لم يكن حالة فردية، بل رمزًا لنظام إجرامي متجذر.
فالإكوادور التي تتوسط كولومبيا والبيرو، تُعد ممرا رئيسيًا لتهريب المخدرات، وتضم سجونًا تحوّلت إلى ممالك للموت.
ومنذ 2021، قُتل أكثر من 430 سجينًا في اشتباكات دامية بين عصابات داخل الزنازين.
سجون تسيطر عليها كارتيلات، ومدن تحكمها المافيات، وأمن منهار.. هذه كانت خلفية صعود «فيتو»، وهذه هي التحديات التي تنتظر كيتو الآن.
ما بعد «فيتو».. هل تنتهي الحرب؟
ورغم أن القبض على أدولفو ماسياس يُعد ضربة كبيرة، لكنّ الحرب لم تنته. فكلما سقط زعيم، نهض آخر. وكلما أُغلق ممر، فُتح آخر.
فالإكوادور اليوم أمام لحظة نادرة من الحسم، إما أن تبني على هذا الانتصار وتطوّق دوائر الفساد والعنف، أو تنزلق من جديد إلى دوامة الدم التي غذّتها لسنوات.
أما «فيتو» نفسه، فقد عاد إلى السجنـ، لكن هذه المرة، دون هالة أو نفوذ، بل كرمز مكسور، وفق ما وصفه الإعلام الإكوادوري.