مصر تفاجئ العالم بأكبر مسجد وكاتدرائية خلال احتفالية عالمية
جولة لـ"العين الإخبارية" داخل المشروع الكبير بالعاصمة الإدارية
المهندس هاني أحمد ماهر، مدير مشروع مسجد "الفتاح العليم" بالعاصمة الإدارية الجديدة، يؤكد أن العمل في المشروع استغرق عاما ونصف العام.
من قلب العاصمة الإدارية الجديدة، تفاجئ مصر العالم بإعلان قبلتين ضخمتين للإسلام والمسيحية تعبيرا عن وحدة نسيج شعبها بالتزامن مع احتفالات عيد الميلاد المجيد في يناير 2019.
وافتتح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، مساء اليوم الأحد، أكبر مسجد وكاتدرائية في مصر بالعاصمة الإدارية الجديدة، بالتزامن مع قداس عيد الميلاد المجيد، خلال احتفال عالمي بحضور جمع كبير من ضيوف مصر من دول العالم ورجال الدين من الأزهر والكنيسة المصرية.
- المصريون يد واحدة.. إمام مسجد ينقذ كنيسة من عمل إرهابي
- استشهاد خبير متفجرات أثناء تفكيكه قنبلة بمحيط كنيسة في مصر
كان الرئيس المصري قد أطلق إشارة البدء في بناء أكبر جامع وكنيسة في يناير 2017، وحاليا فوق مساحة 106 أفدنة من أرض العاصمة الإدارية البالغة مساحتها 168 ألف فدان، يقف مسجد الفتاح العليم شامخا بعد عام ونصف العام فقط من انطلاق العمل به بطاقة ما يقرب من 2000 عامل.
17 ألف مصلٍ يمكنهم أداء الصلاة داخل المسجد ذي الـ95 نجفة المطلية بماء الذهب، والقبة الرئيسية ذات الـ44 فصا على الطراز الفاطمي والمآذن الـ4 شاهقة الارتفاع.
يقول المهندس هاني أحمد ماهر، مدير مشروع مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة، إن العمل في المشروع منذ البداية حتى الانتهاء من التشطيبات استغرق عاما ونصف العام.
وأكد ماهر، في مقابلة خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن إتمام المشروع في هذه الفترة الوجيزة هو في حد ذاته إنجاز كبير، لا سيما أن المسجد ضخم جدا ويعد من أكبر المساجد في العالم، وأن مثيله في البلاد الأخرى يستغرق بناؤه بين 5 و6 أعوام على الأقل.
وأوضح، أن المشروع أقيم على أرض تقدر بنحو 106 أفدنة، ومحاط بسور طوله 3 كيلومترات وبه 5 بوابات.
وأشار إلى أن مساحة صحن المسجد الرئيسي نحو 6500 متر مسطح تتسع لنحو 6500 مصلٍ، إلى جانب دور السيدات الذي يتسع لـ1100 مصلية، وأمام المسجد مدخل رئيسي ثم ساحة رئيسية تتسع لـ7100 مصلٍ، أسفلها دور أرضي "بدروم" به مصلى رجال يتسع لـ1200 مصلٍ، وآخر للسيدات يتسع لنحو 300 مصلية، كذلك توجد مباني خدمات وتحفيظ قرآن، ومكاتب إدارية، كذلك يوجد في الناحية الجنوبية مهبط للطائرات.
وأكد أن المسجد تم تصميمه على الطراز الفاطمي، ويتسع إجماليا لـ17 ألف مصلٍ.
وعن أهم التحديات التي واجهت فريق العمل الذي وصل عدده لـ2000 عامل طوال فترة عام ونصف العام، يقول ماهر إن الوقت كان مضغوطا جدا، وكانت هناك حساسية في التعامل مع حجم الكتل والارتفاعات التي تميز بها المشروع، حيث إن القبة وصل ارتفاعها إلى 45 مترا، والمآذن على ارتفاع 90 مترا.
وأشار إلى أن التعامل مع الارتفاعات كان يراعي بقدر الإمكان معاملات الأمان، وأن سلامة العامل كانت الأهم على الإطلاق، وتابع: "بفضل الله تمكنا من طرق حلول غير تقليدية في التنفيذ ساعدتنا على مواجهة هذا التحدي والتحكم به بحرفية عالية".
من جانبه، قال طارق خيري، مدير التشطيبات في جامع الفتاح العليم، إن القبة من أبرز معالم الجامع، وسجل ارتفاعها من الأرض حتى آخر نقطة 44 مترا، وقاعدتها على ارتفاع 20 مترا، وقطرها 32 مترا، مصممة في السطح على الطراز الفاطمي بمادة "جي آر سي"، ويعلوها 44 فصا، ومن الداخل مكسية بمادة الـ"جي آر بي" على رسومات فاطمية وطراز عربي بسيط غير مبهر وغير لافت للنظر، كما أن هناك 8 أعمدة مثمنات، العمود به 4 أعمدة خرط، أي 32 عمود خرط تحمل القبة العملاقة، والهلال فوق القبة وحده يسجل ارتفاع 11 مترا، بخلاف الـ44 مترا مقدار ارتفاع القبة، كما توجد 4 قباب ثنائية و4 مآذن بارتفاع 90 مترا لكل منها.
وأضاف خيري، في مقابلة خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن أعمال التشطيبات استغرقت نحو ما يقرب من عام ما بين رخام وجي أر بي وجي أر سي ونجارة وبلاط وتشطيبات الأسطح والتكييف، حيث يوجد 34 تكييفا فوق سطح الجامع تغذي جميع أركان المسجد.
كاتدرائية "ميلاد المسيح"
وفوق مساحة 15 فدانا تقف قبلة الأرثوذوكس وأكبر كنائسهم في العالم شامخة بصورة قبوين متقاطعين بهيئة الصليب وفي منتصفهما القبة الرئيسية بعد عامين متواصلين من العمل، تحكي رسومات جدرانها تاريخ 20 قرنا من الزمان هي عمر الكنيسة القبطية.
وقال المهندس منير عبده فام، استشاري معماري مصمم كاتدرائية ميلاد المسيح، إن الناحية التصميمية للمشروع بدأت في مارس 2017 بتكليف من البابا تواضروس الثاني، بابا الكنيسة الأرثوذوكسية وبطريرك الكرازة المرقسية.
وأضاف أنه منذ ذلك التاريخ حتى اليوم قرابة العامين، انتهت فيهما أعمال المشروع تماما، ويعد ذلك إعجازا، حيث إن إنجاز هذا العمل بهذا المسطح وهذه التصميمات يستغرق في الظروف الطبيعية ما يقرب من 5 سنوات.
وأضاف فام: "أعمال التشطيب أسندت لأكثر من شركة مقاولة حتى يكون هناك تزامن في العمل بجميع المحاور، وبالتالي سرعة الإنجاز واختصار الزمن، وكانت كل شركة مقاولة مختصة بجزء من الأعمال "الخراسانات والتشطيبات الداخلية والتشطيبات الخارجية"، فكل شركة اختصت بجانب، وكانت فكرة التناسق ما بين الشركات المنفذة أمرا ليس بالسهل، إلا أن النتيجة كانت مُرضية إلى حدِّ بعيد، بالإضافة إلى أن عدد العمال يتجاوز 1500 فرد شاركوا في هذا العمل خلال العامين.
وعن الأبعاد والمساحات والتوصيف الشامل للمشروع، يقول إن مسطح الأرض يبلغ 15 فدانا، أي 63 ألف متر، يحوي مبنى الكاتدرائية، والمقر الباباوي، ومبنى كنيسة الشعب، بالإضافة إلى مبنى خدمات يحوي المولدات والماكينات وخلافه.
وتابع: "الكاتدرائية مكونة من 3 مناسيب، المنسوب الرئيسي على نحو 8100 متر مسطح، يتسع لنحو 7 آلاف مُصلٍ، وما يميز الكاتدرائية أنها بدون أعمدة، ومُصممة على شكل صليب قبوين متقاطعين وفي المنتصف القبة الرئيسية، بقطر 40 مترا وارتفاع 40 مترا، والكاتدرائية تحوي منارتين ارتفاع كل منهما نحو 60 مترا، وفي الجزء الشرقي من الكاتدرائية 3 هياكل، الرئيسي 15x15 مترا، والهياكل الجانبية 10x 10".
وأكد فام أن مساحة الكنيسة تبلغ 3 أضعاف ونصف كاتدرائية العباسية، وتتميز عنها بعدم وجود أعمدة، حيث إن كاتدرائية العباسية على 12 عمودا، أما في ميلاد المسيح كان هناك حرص على استخدام أحدث الأساليب الإنشائية وتم بناؤها دون أعمدة بما يتيح لكل فرد أن يتابع ويرى دون أي عوائق.
وأشار إلى أن "ميلاد المسيح" أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط، والأكبر على الإطلاق في العالم بالنسبة للكنائس الأرثوذوكسية.
وعن أهم المواقف التي يتذكرها مهندس كاتدرائية ميلاد المسيح، قال: "كنت أشرف على بناء ميلاد المسيح وتجديد كاتدرائية العباسية في الوقت نفسه، وكان ذلك عبئا نفسيا لما يحتاج إليه من مجهود ضخم لمتابعة كاتدرائيتين بهذا الحجم في وقت واحد، لكن تدبير الله كان عجيبا، حيث نقلت من الفكر الذي طبقناه في تجديد كاتدرائية العباسية ما يصلح للتطبيق في ميلاد المسيح، وطوال هذه الفترة كنا نواصل الليل بالنهار لإنجاز المطلوب وإخراجه في أحسن صورة، ورغم أنه عبء كبير فإن الصورة النهائية جعلتنا في فرحة لم نتوقعها".
وأضاف فام: "الرسومات الحائطية في ميلاد المسيح تم إنجازها في شهرين فقط في حين أنها استغرقت 3 سنوات في كاتدرائية العباسية، واستعنا بالفنانين أنفسهم الذين عملوا في كاتدرائية العباسية، وتم إخراج رسومات مميزة تحكي تاريخ 20 قرنا هي عمر الكنيسة القبطية العريقة".
وتابع: "راعينا إظهار تاريخ الكنيسة القبطية سواء في التصميم المعماري أو الرسومات على مستوى الأيقونات أو الجداريات، واعتمدت كلها على الفن القبطي القديم، كذلك استخدمنا الأخشاب القديمة واستقيناها من أديرة قديمة، استلهمنا القديم وقدمناه في إطار حديث، وحاولنا قدر الإمكان استعراض تاريخ الكنيسة القبطية في الرسومات، واستقينا من المتحف القبطي أفكارا وأشكالا هندسية"
.