فورين بوليسي: لماذا مصر "مفتاح أي حل" لحرب إسرائيل وحماس؟
بينما لا تزال الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة على أشدها، تتوجه الأضواء الدبلوماسية إلى مصر، التي يبدو أن "لا حل من دونها".
هكذا ترى مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، في تحليل طالعته "العين الإخبارية"، رأت فيه أنه عندما يتعلق الأمر بغزة فإن مصر لديها مصالح حاسمة بالإضافة إلى نفوذها القوي.
وعلى الرغم من أنها ستكون شريكا صعبا للولايات المتحدة وإسرائيل والعديد من حلفائهم الغربيين، إلا أن مصر كانت وستظل لاعبا أساسيا في الاستجابة الدولية للحرب.
فتاريخيا، كان لمصر اهتمام دائم بالجار الشمالي قطاع غزة منذ أن كان تحت إدارتها لمدة عقدين تقريبا خلال أربعينيات وستينيات القرن الماضي، وظل ذلك متناغما تماما مع البيئة الأمنية في المنطقة.
وبالنظر إلى حركة حماس التي لا تتمتع بأي تأييد رسمي في مصر، استطاعت القاهرة أن تتعامل مع الحركة خاصة بعد سيطرتها على قطاع غزة، في صيف 2007.
وتُعتبر مصر أول دولة عربية وقعت اتفاق سلام مع إسرائيل عام 1979. وحذّر رئيسها عبدالفتاح السيسي، مؤخرا، من "أن يتلاشى بين أيدينا السلام الذي حققناه".
كذلك رفع نبرة التحذير، العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الذي أبرمت بلاده في عهد والده الملك حسين سلاما، هي الأخرى مع إسرائيل في 1994، وتؤوي بلاده مليوني لاجئ فلسطيني.
مفاتيح العلاقة
وفي الحروب الماضية، عملت مصر كمحاور مع الحركة، حيث سهلت عمليات تبادل أسرى وساعدت في التفاوض على وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.
وبينما يسعى العالم إلى إيجاد حل للصراع في غزة، حيث الحرب الإسرائيلية المتواصلة لليوم التاسع عشر على التوالي، تطرح مصر الكثير على الطاولة.
ولعل الأمر الأكثر إلحاحا هو سيطرة مصر على معبر رفح، وهو نقطة الدخول الرسمية الوحيدة إلى قطاع غزة التي لا تسيطر عليها إسرائيل.
كما أصبح شريان حياة حيويا لإيصال المساعدات الدولية إلى غزة، حيث يواجه القطاع أزمة إنسانية هائلة.
ومن المرجح أيضا أن يكون معبر رفح بمثابة نقطة خروج لرعايا الولايات المتحدة والدول الأخرى لمغادرة منطقة الحرب.
المصلحة للجميع
المصلحة هنا لا تتعلق فقط بواشنطن أو العواصم الغربية الأخرى -بحسب فورين بوليسي- فإسرائيل لها مصلحة أيضا في العمل مع مصر لضمان وصول المساعدات إلى المدنيين وليس حماس.
وبالإضافة إلى رفح، تذكر المجلة الأمريكية، أن حماس قامت ببناء شبكة من الأنفاق على الحدود بين القطاع ومصر. وأن كثيرا ما مكنت هذه الأنفاق الناس في غزة من شراء البضائع المهربة، مثل الماشية والمنتجات الاستهلاكية الأساسية.
وعلى ذمة المجلة أيضا، استخدمت حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية المسلحة، "هذه الأنفاق لتهريب الأسلحة إلى غزة، فضلا عن سفر العديد من أعضائها للتدريب في الخارج".
وسبق للجيش المصري أن اتخذ إجراءات صارمة ضد شبكة الأنفاق في السنوات الأخيرة.
وفي هذا الصدد، رجّحت "فورين بوليسي" أن تطالب إسرائيل بوضع حد لهذا التهريب كجزء من أي جهد تفاوضي أوسع.
وفيما تعهد وزير الدفاع الإسرائيلي بمحو حماس "من على وجه الأرض"، دون ترك مجال كبير للتوصل إلى تسوية، تركت مصر نفسها منفتحة على إيجاد التفاهمات الضرورية، وما زالت تسعى لاحتواء التصعيد الحاصل.
وفي ظل صعوبة التكهن حاليا بمن سيتولى زمام السلطة الفلسطينية في غزة، خلال المرحلة المقبلة، يبقى أن أي طرف سيأتي سوف يسعى إلى الحصول على ضمانة مصرية لأي اتفاق يتم التوقيع عليه في نهاية المطاف لإنهاء القتال.
وإذا كان لمصر أن تلعب دورا مركزيا في تسوية قضايا غزة، فإن ذلك سيعود بالنفع على المنطقة إلى حد كبير.
لكن في المقابل، تواجه مصر أيضا مخاوف أمنية مشروعة في غزة، إذ تقاتل لأكثر من عقد من الزمان في شمال سيناء، جماعات إرهابية.
والأكثر من ذلك أن مصر تخشى أن يؤدي تدفق اللاجئين من غزة إلى زعزعة استقرار جزء مضطرب بالفعل من سيناء، ما سيفرض مطالب على الوظائف والموارد.
ويعيش في قطاع غزة نحو 2.3 مليون شخص، يرزحون منذ أكثر من أسبوعين تحت وطأة قصف إسرائيلي عنيف، تؤكد وزارة الصحة التابعة لحماس بأنه أسفر عن مقتل أكثر من 6 آلاف شخص.
وتخشى مصر من أن فتح الباب أمام اللاجئين يمكن أن يسهل الخطط الإسرائيلية للتهجير القسري لأعداد كبيرة من الفلسطينيين الذين باتوا بلا مأوى، إذ ينام الغالبية منهم في العراء أو في خيام تابعة للأمم المتحدة.
وخلال الأيام الماضية، كرر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، رفضه بشدة تهجير فلسطينيين من القطاع الى سيناء والأراضي المصرية، محذرا في الوقت ذاته من "تصفية" القضية الفلسطينية.
واليوم، أكد أن مصر بذلت دورا إيجابيا في احتواء التصعيد بقطاع غزة على مدار 5 جولات من الصراع طوال 20 عاما مضت.
"مصر لاعب حيوي"
وعلى الرغم من أن مؤتمر السلام الذي عقدته القاهرة بشأن الصراع بين إسرائيل وحماس في نهاية الأسبوع الماضي لم يسفر عن أي شيء جوهري، إلا أن مصر ستكون لاعبا حيويا بشكل متزايد إذا بحثت جميع الأطراف عن مخرج لهذه الأزمة في الأسابيع والأشهر المقبلة.
ونتيجة لهذا، خلُصت "فورين بوليسي" إلى أنه "من الأفضل للولايات المتحدة أن تعمل مع مصر بدلا من محاولة تهميشها".
وقالت "لا مصر ولا الولايات المتحدة تستطيعان حل الأزمة في غزة لوحدهما. وفي الوقت نفسه، لا يمكن لأي منهما أن يفعل ذلك دون الآخر".