من الشعر المستعار إلى الكعب العالي.. كيف برع الفراعنة في الموضة؟
الألوان المستخدمة في الأزياء هي التي تفرق بين الطبقات، كان الخدم يرتدون ملابس ملونة ومشجرة بينما كانت الطبقة العامة ترتدي لونا موحدا.
اعتاد المصري القديم على تسجيل تفاصيل حياته اليومية على جدران المعابد والمقابر، ووسط تلك النقوش، عثر علماء الآثار على رسومات نباتات وأدوات، تكشف عن ريادة الفراعنة في مجال الموضة وصناعة مستحضرات التجميل والعطور.
ويضم المتحف المصري بوسط القاهرة، عدداً من أدوات التجميل في مصر القديمة، من بينها أواني حفظ العطور، ومساحيق التجميل وأدواتها المصنوعة من الخشب والأحجار، وأواني الكحل وطلاء الأظافر والأمشاط الخشبية والمرايا تعود لنحو 7 آلاف سنة.
الملابس والأحذية
صناعة الملابس تعد أقدم الصناعات التي مارسها المصري القديم، وتفوقت المرأة المصرية في مراحل التصنيع بداية من جمع الكتان الأكثر استخداماً في الغزل خلال الدولتين القديمة والوسطى، وجمعه وتركه في الشمس حتى يجف وتنظيفه وتمشيطه واستخراج الألياف الطويلة الجيدة منه بالمغزل لإعداد الخيوط.
وبرز الكتان الأبيض كرداء تقليدي لدى الرجال، وتطورت ملابس المرأة إلى فستان ذي حمالتين لونه أبيض فوقه شال.
وكانت الألوان المستخدمة في الأزياء هي التي تفرق بين الطبقات، كان الخدم يرتدي ملابس ملونة ومشجرة، بينما كانت الطبقة العامة ترتدي لوناً موحداً، وتميزت طبقة الأغنياء بارتداء ملابس بيضاء مطرزة من الخرز أو الجلد المطرز.
ومع ظهور الدولة الحديثة، ظهرت الملابس الطويلة ذات الأكمام القصيرة مزخرفة بالزهور المستوحاة من البيئة، إضافة للرداء الريشي ذي الثنيات المصمم للوضع على الكتفين أو كتف واحد للرجال والسيدات.
وعن طبيعة الأحذية التي ارتدها المصريون القدماء، يذكر كتاب "100 حقيقة مثيرة في حياة الفراعنة" لعالم الآثار المصري زاهي حواس، أن أغلب المصريين لم يرتدوا في أقدامهم أي أحذية، وكانت طبقة الكهنة وكبار الموظفين والملوك يرتدون نعالاً صنعت من سيقان البردي في البداية ثم تطور صناعتها من الجلود فيما بعد.
وأصبح الحذاء ذو الكعب العالي يميز الطبقة الغنية في الاحتفالات، وصمم على شكل قطعتين يتم ربطهما برباط جلدي.
مساحيق التجميل
مهارة صناعة مساحيق التجميل واستخدامها تميزت بها ملكات مصر، وكان الفراعنة أول من عرف الكحل الأسود والحناء وأحمر الشفاه وطلاء الأظافر.
وفي طقوس مميزة كانت تستعد المرأة لاستخدام مستحضرات التجميل، بتنظيف البشرة بوضع الزيوت والحليب والأملاح على بشرتها كرمز للبداية والتجديد، وتنوعت أدوات التجميل ما بين الخشب والزجاج والأحجار حسب الطبقات الاجتماعية.
ويسرد كتاب "100 حقيقة مثيرة في حياة الفراعنة" أن استخدام مساحيق التجميل لم يكن بهدف تجميل الوجه فقط، بل لمنع ظهور الشوائب والحبوب في البشرة، ما دفعهم لإعداد مسحوق النطرون الممزوج بالعسل الذي يشبه ماسكات التجميل الآن.
الكحل الأسود أو الدهنج الأخضر استخدم من قبل المرأة والرجل لتزيين العين وحمايتها من التلوث، وبهرس الخنافس والدهون الحيوانية والزيوت النباتية والطلاء لصنع طلاء الشفاه.
واقتنت المرأة المصرية مكاحل صغيرة والمغرة الحمراء، والحناء لصبغ الشعر والأيدي وكانت تحفظ داخل أوان عميقة وصناديق خشبية.
تصفيف الشعر
امتد ابتكار المصري إلى تصفيف الشعر واستخدام الخصلات الصناعية والشعر المستعار "الباروكة"، وتفننت المرأة في تصفيف فرم للشعر وارتداء الباروكة المضفرة وفوقها تاج من الورد.
وتشير البرديات القديمات إلى أن الشعر المستعار استخدم في الاحتفالات، وتدريجياً أصبح جزءاً من جاذبية المرأة والملكات تحديداً، وكان التاج المصمم من زهرة اللوتس الأكثر انتشاراً بين أدوات الزينة وقتها.
وبداخل مقابر الدولة الحديثة، عثر علماء الآثار على الأمشاط المصنوعة من العاج والخشب والمرايا الفضة والنحاسية بأشكال متنوعة، التي تعكس تطور الموضة لدى الفراعنة، باختلاف العصور والظروف الاقتصادية والاجتماعية.
الحلي والعطور
ذكر المؤرخ اليوناني "هيرودوت" أن الفراعنة أكثر الشعوب المحبة للتزيين والنظافة، ما دفعهم لابتكار العطور والزيوت العطرية ذات الرائحة النفاذة. واشتهرت الملكة كليوباترا الـ7 بإتقانها صناعة العطور.
ومن المواد والمعادن والذهب المعشق بالأحجار الكريمة، صُنعت الحلي المختلفة من العقود والأساور والخواتم. وعلى تابوت الملكة "كاويت" من الأسرة الـ 11 ومقبرة "مروروكا" وجدت أجمل الحلي.
واهتمت والدة الملك أحمس "أعم حتب" باقتناء الحلي المزخرفة، كما ارتدى الملك توت عنخ آمون قلادة كبيرة تغطي منطقة الصدر خلال الاحتفالات والمراسم الرسمية، وهي تلك الحلي التي عُثر عليها قبل اكتشاف مقبرته عام 1922.