المؤتمر الـ21 لوزراء الثقافة العرب.. تحديات لمواجهة الإرهاب والتطرف
وزراء الثقافة العرب يتفقون خلال الاجتماع الـ21 على أن الإرهاب أكبر التحديات التي تهدد الحياة الثقافية في المنطقة.
قالت الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة المصرية، إن الثقافة العربية تواجه تحديات كبرى تتمثل في الإرهاب والتطرف الفكري الذي يهدد مستقبل الأجيال المقبلة، مؤكدة أن المعادلة صعبة في التوازن بين الحفاظ على الهوية والنسيج الثقافي ومواكبة التقدم والعولمة.
وأضافت الوزيرة المصرية، خلال كلمتها في افتتاح الدورة الـ21 لاجتماع وزراء الثقافة العرب المنعقد في القاهرة على مدار يومي 14 و15 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أن "الاجتماع الحالي يؤسس لدعائم مشتركة في الثقافة العربية؛ لبناء جسور التعاون والربط بين الماضي والحاضر والمستقبل"، مشيرة إلى امتلاك الدول العربية الإمكانات والموارد البشرية لتعزيز الثقافة والصناعات الثقافية التي يتجاوز عمرها قرنا من الزمان وتؤرخ لتراث عريق على مدار العصور.
التطرف التحدي الأكبر
كما نوهت "عبدالدايم" إلى أن التحديات التي تواجه الثقافة العربية تتفاقم مع اتساع الفجوة بين الفكر ومواكبة التنمية المستدامة، وظهور جماعات إرهابية من شأنها تهديد مسيرة بناء الإنسان العربي الجديد، مشددة على أهمية المؤتمر واحتضان مصر لهذه الدورة، ما يؤكد استعادة مصر دورها الثقافي الذي يتزامن مع مرور 60 عاما على تأسيس وزارة الثقافة المصرية.
وتطرقت "عبدالدايم" إلى المشروع المشترك الذي تتطلع هذه الدورة لتحقيقه، ويتمثل جوهره في مكافحة التطرف الفكري وتحقيق العدالة الثقافية والانفتاح عبر الثقافات الأخرى، عبر تعزيز دور ترجمة الإصدارات والكتب الصادرة باللغة العربية، مؤكدة أن الثقافة هي القاطرة التي تقود التنمية وتدعم الصناعات الموازية من الفنون والحرف التشكيلية والسينما والمسرح.
وفي كلمته، شدد أحمد أبوالغيط، الأمين العام للجامعة العربية، على أن الثقافة العربية تقف في مفترق طرق، وتواجه معادلة صعبة للحفاظ على هويتها وجذورها الحضاري، مع التجديد ومواكبة التطور من حولها، مشيرا إلى أن الثقافة العربية حاليا تدفع ثمن ما يسمي بـ"ثورات الربيع العربي" وما نتج عنها من تشوه للتراث والآثار والمواقع التراثية على يد العصابات الإرهابية.
وأضاف: "تشرد الأطفال وحرمانهم من الدراسة في بلادهم والتعرف على ثقافتهم العربية أكبر جرم ارتكب بحق الثقافة العربية خلال السنوات الماضية، مستشهدا بحال اللاجئين السوريين الذين تركوا بلادهم بعد تهدم المدارس والمدن نتاج التطرف والإرهاب الذي تفشى بالمنطقة منذ 2011".
وألمح أبوالغيط إلى أن الخطاب المتطرف الذي يخاصم الحاضر ويكفر المستقبل ويشوه الماضي، لا بد من مواجهته بتطوير الخطاب التنويري، فضلًا عن الاعتزاز بقيمة الثقافة العربية في المسيرة الإنسانية، مشيرا إلى أهمية إحياء حركة الترجمة للكتب والإصدارات العربية لتغيير الصورة الخاطئة عن الثقافة العربية.
وأشار في ختام كلمته إلى دور القمة العربية الثقافية الـ29 التي انعقدت في السعودية، أبريل/نيسان الماضي، إضافة لدور المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم لمواجهة التحديات التي تهدد مسيرة تطوير وتجديد الثقافة العربية.
القدس عاصمة فلسطين
وقال إيهاب بسيسو، وزير الثقافة الفلسطيني، في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "إن أهمية المؤتمر والمبادرات الثقافية هي مواجهة كافة التحديات والاهتمام بالمبادرات الثقافية الشابة التي تسعى لحماية التراث؛ لذا يمثل انتصارا للقيم الإنسانية والقيم الثقافية كعنصر أساسي من عناصر الهوية العربية".
وأثني بسيسو على رفع المؤتمر لشعار "القدس عاصمة فلسطين"، وحضور فلسطين بقوة في الدورة الـ21 للاجتماع، والتأكيد على أن القدس عربية وعاصمة لفلسطين، مشيرا لدور مصر والدول العربية لمواجهة التحديات التي تواجه التراث العربي وثقافة وتاريخ البلاد العربية.
واعتبر الوزير الفلسطيني أن اجتماع ممثلي الثقافة العربية على مدار يومين بالقاهرة، مفتاح لسلام ومستقبل القضية الفلسطينية والمنطقة.
خطة عربية شاملة
وأشار سعود هلال، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، في تصريحات لـ “العين الإخبارية"، إلى أهمية المؤتمر لدعم مبادرات حماية التراث في المناطق العربية التي تعاني من النزاعات المسلحة في اليمن وسوريا والعراق وفلسطين، متوقعا انعقاد مؤتمرات إعادة إعمار الدول العربية المتضررة بالمنطقة خلال الفترة الماضية.
وحول دور المنظمة في مواجهة الإرهاب، أكد هلال دور المنظمة والوزراء والمسؤولين عن الشؤون الثقافية في العالم العربي لتحقيق الأمن الثقافي، الذي بدوره يحقق الأمن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، مشيرا إلى أهمية الخطة الشاملة لدعم الثقافة الإنسانية، فضلًا عن التصالح مع ثقافات الآخر والانفتاح مع ثقافات دول أخرى بعيدا عن التطرف.
ومن جانبه، قال الشاعر عزالدين ميهوبي، وزير الثقافة الجزائري لـ“العين الإخبارية": "من الضروري التنسيق لقمة ثقافية للقادة العرب؛ لأن الثقافة العربية هي عجلة أساسية في مسيرة التنمية للعالم العربي. لافتا إلى أن "التحدي الأساسي هو الثقة بالمؤسسات الثقافية من قبل المجتمعات العربية، لأنها تتعامل مع قضايا حساسة منها الإرهاب والشوفينية وغيرها من المهددات التي تواجه المجتمع العربي".
وشدد على أهمية تغيير نظرة الغرب لنا باعتبارنا مجتمعات منتجة للتطرف والفكر المنغلق، مؤكدا أهمية تنشيط دور المجتمع المدني في المشهد الثقافي.
وشهدت دار الأوبرا المصرية، الأحد، حفل افتتاح الدورة الـ21 لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في العالم العربي، بحضور وزراء ووفود رفيعة المستوى من 16 دولة عربية.
وجاء الحفل بالتزامن مع احتفالات وزارة الثقافة المصرية بمرور 60 عاما على إنشائها، واستعرضت وزارة الثقافة المصرية مسيرتها على مدار العقود الماضية بتقديم عروض استعراضية وأفلام تسجيلية.