باريس تشيد بجهود الإمارات في حماية التراث المُهدّد بالضياع في العالم
رئيس معهد العالم العربي في باريس، جاك لانج، قال إن الإمارات تلعب دورا عظيما في إعادة الأمل لإحياء المُدن التاريخية المهمة
يحتضن معهد العالم العربي بباريس معرضاً رقمياً بعنوان "مُدن عتيقة.. رحلة افتراضية من تدمر إلى الموصل"، يسعى لإحياء مدينتي تدمر وحلب السوريتين، ومدينة الموصل بالعراق، ومدينة لبدة الكبرى بليبيا، التي تعد مواقع أثرية بالغة الأهمية من التراث الإنساني العريق، وعرضة للتهديد والنهب والتدمير، وذلك بداية من شهر أكتوبر الجاري وحتى شهر فبراير/ شباط المقبل.
وأعرب رئيس معهد العالم العربي في باريس، جاك لانج، عن سعادته بالمعرض، مؤكداً أنه عمل منذ سنوات لإعادة ترميم المعالم الأثرية في العالم العربي، خاصةً في أعقاب ما شهدته بعض المُدن العربية من تخريب ونهب نتيجة الأعمال الإرهابية والحروب في المنطقة.
وقال وزير الثقافة الفرنسي الأسبق، في تصريحات خاصة لموقع 24، إن "هذا التدمير حصل بسبب العقيدة الأيديولوجية للحركات المُتطرفة، والتي تتمثل في فكرة أن كل ما لا يدور في فكر وأيديولوجية تنظيم داعش الإرهابي، يستحق التدمير"، مُشيراً إلى أطراف أخرى شاركت في الحرب وأسهمت في تدمير التراث الثقافي بكل وحشية.
وتوجه جاك لانج بالشكر والتقدير للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مشيراً إلى دور دولة الإمارات الكبير في إعادة الأمل لهذه المُدن التاريخية المهمة، من خلال مُبادرة تأسيس صندوق في جنيف لترميم ما دمرته الحرب والإرهاب في المنطقة العربية، خاصةً تدمر والموصل، ورصد 100 مليون دولار لترميمهما وإعادة بنائهما. وأوضح أنه كان سفيراً للرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في تعزيز جهود تأسيس الصندوق وجمع التمويل لإعادة تأهيل المدن الأثرية العريقة والمُهددة في العالم.
وكانت المبادرة الإماراتية الفرنسية لإنقاذ المُدن المُهددة بالاندثار، قد أطلقت من أبوظبي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، في ندوة عالمية بالعاصمة الإماراتية حازت أصداءً إيجابيةً جدا، ودعت لتكاتف الجهود الدولية لصون التراث الثقافي الإنساني.
وكشف لانج عن أن الموصل هي أولى المناطق التي سيعاد تأهيل آثارها بمساعدة الإمارات وبإشراف منظمة اليونسكو. وجدد الشكر لدولة الإمارات، البلد المهم في رأيه لحمايتها التراث المُهدّد بالضياع في العالم، وبشكل خاص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، الذي وصفه بأنه من أبرز القامات الثقافية على الصعيد الدولي اليوم. وعن المعرض، قال إنه "يُمثل الرغبة الجامحة لكل الجهات والمؤسسات الثقافية في العالم لإنقاذ هذه المناطق التي دمرت من قبل تنظيم داعش".
والمعرض الذي يتواصل إلى 10 فبراير (شباط)2019، رحلة افتراضية من خلال عرض رقمي مُدهش، يُقدم أهم المواقع الأثرية التي دمرتها قوى الإرهاب في حلب، وتدمر، والموصل، ولبدة الليبية، باعتبارها منارات أدهشت العالم بعظمتها وجمالها وتاريخها العريق، وأضحت اليوم مثار ألم وحسرة.
ويتيح المعرض للزائر، بفضل التكنولوجيا الرقمية الحديثة، فرصة التجول بين الصروح المعمارية والمواقع الأثرية التي تعد رمزاً للتراث الإنساني العالمي.
واختيرت بعض أهم المدن العربية لإبراز حاجتها لأعمال البناء والترميم، وهي حلب وتدمر من المُدن السورية العالمية المُهمّة جداً، كما يصفها جاك لانج، والموصل العراقية التي وضعت الخطط فعلاً لإحيائها، ومدينة لبدة الكبرى في ليبيا، التي نجت من التخريب، لكنها تعاني الإهمال الكامل، ما يُهدد باندثارها.
ويتوقع جاك لانج أصداء واسعة للمعرض، وأن يشكل مناسبة لتحفيز المجتمع الدولي، واستقطاب الزوار والمُهتمين، والتوعية بالمخاطر المُحدقة بهذه المدن. ويتضمن مساقط عملاقة يصل بعضها إلى 360 درجة ومشاهد افتراضية ووثائق وصور أرشيفية وأفلام فيديو ومقابلات مع سكان المواقع.
وكشف جاك لانج عن أن المعهد يعمل على نقل هذه الفعالية لدول أخرى، ما يخلق دعماً دولياً خاصاً، وليكون المعرض وسيلةً للدفاع عن هذه المواقع الاستثنائية وصون التراث بشكل عام. كما كشف عن مُبادرات أخرى مُماثلة للمعهد في العام المُقبل تتعلق بمُدن أخرى في العالم العربي، منها إطلاق أبحاث جيولوجية في الجزائر، وأعمال مماثلة مع السعودية التي وقعت مذكرة تفاهم مع معهد العالم العربي لإقامة وتنظيم معرض زائر العام المقبل 2019، حول محافظة العلا في مقر المعهد بباريس حيث ستحظى العاصمة الفرنسية بسبق عالمي بعرض الكنوز التراثية والثقافية لمحافظة العلا السعودية، واستعراض مراحل التاريخ العريق لهذه المحافظة الذي يعود إلى آلاف السنين.
وتضم محافظة العلا مواقع تراثية وثقافية مهمة مثل مدائن صالح، التي يعود تاريخها للحضارة النبطية، وتُعد أول موقع أثري سعودي يُسجل في برنامج التراث الإنساني العالمي الذي تديره منظمة اليونسكو. ويعد مشروع تطوير المعلا جزءاً من الاستراتيجية السعودية لتعزيز السياحة بموجب رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد، وخاصة تطوير السياحة المُستدامة وصون التراث الثقافي بالتعاون مع شركاء دوليين.