"الزايط" مسؤولا عن "إخوان مصر".. صراع الجبهات يعصف بالجماعة
صراع جديد يدق أبواب جماعة الإخوان الإرهابية بقرار أصدرته جبهة إبراهيم منير باستحداث منصب مسؤول التنظيم "داخل مصر".
وعلمت "العين الإخبارية" أنه تم إسناد المنصب للقيادي الإخواني، محيي الدين الزايط، إضافة لمناصبه الأخرى التي تولاها في السابق ومنها نائب رئيس الهيئة العليا وعضوية مجلس الشورى العام.
وكان محمود حسين يتولى منصب الأمين العام للتنظيم، وكان المسؤول الأول عن التواصل مع "إخوان الداخل" في مصر قبل أن ينشق على إبراهيم منير، ويحدث الخلاف الذي قام على أساسه الأخير بفصله مع 10 آخرين من معاونيه.
ويعتقد أن من يستطيع حسم ملف "إخوان مصر" سيكون قادرا على حسم الخلاف مع الجبهة المناوئة له، فالتنظيم داخل مصر هو أحد مفاتيح الصراع بين الجبهات المنشقة، خاصة أن مصر تًعد بلد المقر لقيادة تنظيم الإخوان، وفي نفس الوقت هي بمثابة محور الأحداث، والبلد الأكثر عددًا في التنظيم.
وبذلت جبهة الراحل إبراهيم منير في لندن جهودًا كبيرة لاستقطاب"إخوان الداخل" ولكن فشلت في تحقيق ذلك إلى أن تم استبعادهم من تشكيل الإخوان ومركز القرار، ورغم ذلك لم تنته محاولات صلاح عبد الحق بعد تولية منصب القائم بعمل المرشد في استقطاب الظهير الأكبر للتنظيم في مصر، وجاء اختيار "الزايط" في هذا المنصب أملًا في سد الفراغ واستقطاب الكتلة الأكبر في التنظيم الإرهابي.
والزايط هو قيادي إخواني مصري مدرج على قوائم الإرهاب في مصر، ومدان ومتهم بعدة قضايا جنائية وقضايا إرهاب.
فأي الجبهات تستطيع حسم الخلاف لصالحها؟ وهل يستطيع محمود حسين الاحتفاظ بولاء "إخوان الداخل" بمصر بعد أن قامت جبهة إبراهيم منير بتعيينه مسؤولًا عنها؟ وهل يستطيع عبد الحق التواصل مع التنظيم في القاهرة بعد قرار تعيين الزايط؟ ولماذا الخلاف تحديدًا على إخوان مصر وما أهميتهم في التنظيم؟.
أهمية إخوان مصر
إخوان مصر يمثلون الركيزة الأساسية في التنظيم لعدة أسباب، أولها أنهم المتحكمون في التنظيم، فالمرشد دائمًا يتم اختياره من مصر، كما أن كل أعضاء مكتب الإرشاد المعاونين له مصريون بخلاف بعض النواب الذي تم اختيارهم بصورة شكلية دون أن يكون لهم دور في الإدارة.
وهنا تبدو أهمية إخوان مصر في المعادلة سواء في قيادة التنظيم أو في ترجيح كفة التنظيم ما بين الأقطار التي يتواجد فيها، فالجماعة كانت تُدير التنظيم من القاهرة وتنسق لكل أنشطتها من مكتب القاهرة الذي سبق وتواصل مع أجهزة استخبارات أجنبية وقيادات من كتائب عز الدين القسام، وهنا بات مكتب القاهرة هو نقطة ارتكاز التنظيم الأساسية.
جزء من الخلاف على إخوان مصر مرتبط بأن الجبهتين المتنازعتين على قيادة التنظيم سواء جبهة الراحل إبراهيم منير أو خلفه صلاح عبد الحق، وهما مصريان، كما أن الجبهة المناوئة يقودها مصري أيضًا وهو محمود حسين، والأخير تحديدا يرى مصدر قوته في تحكمه في إخوان الداخل، بينما ما زالت الجبهة الألى غير قادرة على حسم الخلاف لصالحها لأنها فشلت أكثر من مرة في التواصل مع إخوان مصر.
وقبل وفاته، أبدى إبراهيم منير نيته ونية تنظيمه في عدم التنافس على السلطة بمصر، كمحاولة لإعادة إنتاج التنظيم، بينما قدم محمود حسين نفسه باعتباره ولي الدم، وهو أثار ارتياح إخوان الداخل المصري لسببين أولهما أنهم يتمتعون بحس متطرف، والثانية أنهم يعيشون فكرة الانتقام من السلطة والشعب الذي ساندها في ثورة 30 يونيو/حزيران 2013 وثار على حكم التنظيم بعد عام واحد من وجوده على رأسها.
وأغلب قيادات الجبهتين، بل كلهم من إخوان مصر، فانقسم مجلس شورى التنظيم بين الجبهتين، صحيح أن نصيب جبهة محمود حسين لم يتعد 5 أعضاء بينما البقية لجبهة إبراهيم منير ومن بعده صلاح عبد الحق، ولكن الجهتين تؤمنان بأن من يمتلك "إخوان مصر" يمتلك التنظيم، فضلًا عن أهميتهم.
ولا يغيب أن نشأة التنظيم في مصر دفعت هاتين الجبهتين المتنازعتين على الصراع على "إخوان مصر" اعتقادًا من التنظيم لا يمكن أن يستثني إخوان الداخل من المعادلة ولا يمكن أن تحسم الصراع بدون امتلاك مفاتيحهم.
لأي من الجبهتين ذهب ولاء "إخوان مصر"؟
ولاء إخوان مصر حسمه، محمود حسين، لعدة أسباب أولها، أنه كان عضوًا لمكتب الإرشاد فترة طويلة وكان أمينًا عامًا للتنظيم، وثانيها، أنه يفهم الخلفية النفسية لإخوان الداخل، كما أنه يعرف قيادات التنظيم في المكتب الإدارية بالمحافظات بحكم عمله أمينًا عامًا للتنظيم، فضلًا على أنه كان بمثابة همزة الوصل مع القائم بعمل المرشد محمود عزت، قبل إلقاء القبض عليه.
كما أن إصرار جبهة محمود حسين على الصدام مع السلطة في مصر يلقى هوى الإخوان في مصر، كما أنه يداعب من خلاله أسرة الرئيس المعزول محمد مرسي، التي أعلنت تضامنها الكامل مع محمود حسين، ولعل ولاء أسرة المعزول منح حسين دعمًا وتأييدًا داخل صفوف الإخوان، وهو ما قلل من شعبية منير وجبهته.
ورغم أن إبراهيم منير قبل وفاته نجح في الوصول إلى مجموعات من الإخوان في مصر وأخذ منها البيعة، ولكن هذه المجموعات غير مؤثرة ولم تُعلن عن نفسها خشية بطش الجبهة المناوئة التي تمتلك خزينة الأموال، والتي قد تمنع الدعم عنهم، وهو ما اضطر منير إلى محاولة استبعاد إخوان الداخل من معادلة الحسم، بمعنى عدم وضعها في تصورات جبهته على المدى القريب.
وكان إبراهيم منير يفتقد خريطة الإخوان في مصر، نظرًا لأنه سافر خارج مصر قبل أكثر من 30 عامًا، فلا يعرف قادة التنظيم في المحافظات المصرية، وغير قادر على التأثير فيهم، ولا توجد أدوات تواصل معهم، وكانت هذه بمثابة المشكلة الأكبر أمام جبهته، ولعل قوة حسين من وجود "إخوان مصر" معه.
ولهذا اتخذ صلاح عبد الحق قرارًا سريعًا بتعيين محيي الدين الزايط، مسؤولًا عن "إخوان مصر" أملًا في القضاء على شرعية محمد حسين داخل مصر ومحاولة استقطاب إخوان الداخل لصالح جبهة لندن.
أيهما أقرب لحسم الصراع ؟
لا أحد يستطيع التكهن بالنتيجة لصالح جبهة دون الأخرى، ولكن يمكن الحديث عن قوة كل جبهة من الجبهات المتناحرة، ولعل أهمها جبهة محمود حسين، وجبهة صلاح عبد الحق، وقد تكون هناك أحداث في المستقبل تحسم الصراع لأي من الجبهتين بعيدًا عن مؤشرات القوة والضعف، فكل منهما يمتلك ما يؤهله لحسم الصراع.
أغلب قيادات التنظيم الدولي تميل لصالح جبهة إبراهيم منير، كما أنه مؤيد من قبل بعض الحكومات والتي تتعامل معه على أنه التنظيم أو على الأقل القوة الأكبر داخل الجبهات المتنازعة، فحجم التنسيق الأمني والمخابراتي مع هذه الجبهة يفوق كثيرًا مثيلاته مع الجبهة المناوئة، والتي تقدم نفسها أنها قادر على حسم الصراع مع السلطة في مصر.
قوة جبهة منير سابقا وصلاح عبد الحق حاليا قد تمثل 70% أمام جبهة محمود حسين التي تمثل قرابة 30% فقط من قوة التنظيم العددية، ولكن الجبهة الأضعف قد تكون مساوية للجبهة الأخرى لسببين أنها ما زالت متحكمة وفاعلة في "إخوان مصر"، فضلًا على أن مصادر الدعم والتمويل ما زالت تأتيها، ولعل أموال التنظيم ما زالت في حوزة هذه الجماعة، من معه المال يستطيع أن يحسم الصراع لصالحه، وهو ما يتوافر لجبهة محمود حسين.
أغلب التقديرات تُشير إلى أن كلتا الجبهتين يتمتعان بمصدر قوة لا يمكن إخفاؤه أو التهاون فيه، وأن ثمة عوامل قد تُشارك في حسم الخلاف لصالحها، ولذلك مازالت هناك جولات في الصراع لم يتم حسمها، ولكن يمكن القول إن هذا الصراع بهذه الطريقة سوف يؤدي إلى انهيار التنظيم قبل حسم الخلاف لأي من الجبهتين.
انهيار التنظيم أم حسم الخلاف ؟
استراتيجيات مواجهة التنظيم تلعب على فكرة "دع الجماعة تأكل نفسها بنفسها" وهو ما يترجم سرعة انهيار التنظيم وليس حسم الخلاف، كما تتوقعه كلا الجبهتين، فالتنظيم لم يعد قادرًا على البقاء بصورة أكبر، وأن الصراع الموجود داخل التنظيم الآن هو انعكاس لانهيار التنظيم، وأن الانهيار لن يحدث لمجرد خلاف مهما كانت درجته، فأفكار التنظيم ما عادت جاذبة للناس.
الخلاف بين الجبهتين قد ينتهي ولكن بانهيار التنظيم حتى ولو حسم أي من الجبهتين ملف "إخوان مصر" لصالحه، خاصة وأن جبهة الإخوان في الداخل منشقة على نفسها وتُعاني الانقسام، وبالتالي قد لا تُرجح كفة أي من الجبهتين، لأن دواعي الانهيار مرتبط بتفكك التنظيم وأفكاره وليس بالخلافات بين جبهاته.
aXA6IDMuMTQ1LjE2MS4xOTQg جزيرة ام اند امز