خبيران أمنيان يكشفان لـ"العين الإخبارية" مسارات أموال الإخوان
التحقيقات أظهرت أن هناك معلومات تفيد بإرسال شخصيات إخوانية أموالا لعناصرها في مصر.
أكدت التحقيقات التي أجرتها السلطات الكويتية تفاصيل جديدة عن ارتباط نشاطات خلية الإخوان بكل من قطر وتركيا وحصولها على دعم البلدين.
وكانت الداخلية الكويتية، أعلنت الجمعة الماضية، ضبط نحو 8 عناصر من تنظيم الإخوان، صدر بحقهم أحكام بالسجن في مصر، لضلوعهم في ارتكاب عمليات إرهابية، على رأسها جريمة اغتيال النائب العام المصري السابق هشام بركات عام 2015.
- "الوزراء الكويتي": التحقيقات جارية بشأن المتعاونين مع خلية الإخوان
- مصدر أمني: تنسيق مصري كويتي لتسليم الخلية الإرهابية الإخوانية
تلك القضية أثارت تساؤلات عدة حول طبيعة التمويل الذي يحصل عليه الإخوان رغم الضربات الأمنية المتلاحقة ضد عناصرها، والمسارات التي تلجأ لها لتمرير هذه الأموال لدعم أنشطتها الإرهابية داخل مصر.
مسارات أموال الإرهاب
قال اللواء نجاح فوزي، مساعد وزير الداخلية الأسبق بقطاع الأموال العامة، إن "هناك مسارات ملتوية يعتمد عليها الإخوان لتمويل أنشطتهم العدوانية التي تصل إلى أعمال إرهابية ضد الدول، كنوع من أنواع التحايل على الإجراءات الأمنية المفروضة عليها من قبل الأمن المصري".
وأوضح فوزي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الأنشطة الاستثمارية مسار تسلكه الإخوان لتمرير أموالهم والحصول على عائد مادي مباشر لدعم أنشطتهم.
واستشهد بالخلية الإرهابية التي تم ضبطها من قبل الأمن المصري في يونيو/حزيران الماضي، وكانت تتستر خلف 19 شركة وكيانا اقتصاديا، بحجم استثمارات وتعاملات مالية وصلت إلى ربع مليون جنيه مصري.
وأظهرت تحقيقات السلطات الكويتية أن هناك معلومات تفيد بإرسال شخصيات إخوانية أموالا لعناصرها في مصر، إضافة إلى لجوء العناصر للدخول إلى الكويت بهويات مزورة لجمع تبرعات، موضحة أن فريقا أمنيا مصريا- كويتيا يحقق بأموال العناصر الإخوانية المضبوطة.
ونوَّه مساعد وزير الداخلية الأسبق للأموال العامة بمسار آخر تلجأ له الإخوان لدعم عناصرها داخل مصر، قائلا "الإخوان تلجأ لمسار التحويلات البديلة".
وأوضح فوزي أن: "تلك العملية تتم بدخول طرف ثالث أو وسيط بين المرسل والمرسل إليه الأموال، وربما يكون هذا الوسيط شركة صرافة أو شخصا له أي نشاط تجاري، يتولى تجميع الأموال من الخارج، ويقوم بعدها بالتواصل مع المرسل إليه لتسليمه المبالغ المالية".
وأضاف "يتقن الإخوان نظام التحويلات البديلة الذي يعد أسرع من التحويل عبر القنوات المصرفية التقليدية، إضافة لكونه شبكة معقدة تستخدم كثيرا في تمويل التجارة؛ ما يدفع عناصر الجماعة الإرهابية للجوء لها في ظل نجاح الأجهزة الأمنية المصرية في محاصرة معاملاتهم المالية خلال الفترة الماضية".
وأشار فوزي إلى أن "نظام التحويلات البديلة ينشط في الدول التي تعاني من نزاعات وعدم استقرار أو بالدول التي لا تضع قيودا على التجارة".
أما المسار الثالث الذي تطرق له اللواء نجاح فوزي فيتعلق بتهريب الأموال ونقلها عبر الحدود مع مسافرين، مؤكدا أن الأجهزة الأمنية تراقب الحدود والمنافذ بشكل جاد، ما أدى لضبط حالات عدة لتهريب الأموال للداخل.
قضية شائكة
ومن جهته اعتبر العميد خالد عكاشة، عضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب بمصر، أن مسارات أموال الإخوان قضية شائكة ومعقدة للغاية، نظرا لاعتماد عناصر الجماعة على التقنيات التكنولوجية الحديثة في نظام مالي عالمي، يسمح بتداول الأموال بسهولة، ما يسهل تحركات الإخوان وباقي التنظيمات الإرهابية.
وأضاف في تصريحات لـ"العين الإخبارية" الأمر يزداد تعقيدا مع تعدد أشكال مسارات إرسال الأموال، بين التجاري والتبرعات وتداول الأموال عبر التحويلات البنكية من حسابات شخصية وحسابات مخصصة لأجل هذا الغرض؛ ما يجعل غسيل الأموال سبيل الإخوان في إخفاء مصادر تمويلهم.
وفي هذا الصدد عاد اللواء نجاح فوزي ليؤكد أن دعم الإخوان لا يقتصر فقط على التمويل المادي المباشر، بل يمتد على توفير المأوى والدعم اللوجستي والتسهيلات في تحركاتهم.
وأوضح أن: "هذا الأمر أخطر من التمويل المادي المباشر، ما يطرح تساؤلات حول دور قطر وتركيا في دعم الإخوان الهاربين من مصر، واستضافتهما عناصر من الجماعة صادر بحقهم أحكام قضائية سابقة".
وفي 11 سبتمبر/أيلول 2018، أعلنت السلطات المصرية مصادرة جميع الأموال والممتلكات التابعة لشخصيات وشركات متهمة بتمويل جماعة الإخوان، مؤكدة أن قرار المصادرة يتضمن جمع الأموال المتحفظ عليه وإيداعها في الخزانة العامة.
وأعلنت لجنة مصرية مصادرة أموال 1589 عنصراً من العناصر المنتمية والداعمة لتنظيم الإخوان الإرهابي، إضافة إلى 118 شركة متنوعة النشاط و1133 جمعية أهلية و104 مدارس و69 مستشفى و33 موقعاً إلكترونياً وقناة فضائية.
وكان قرار المصادرة هو تفعيل لقانون رقم 22 لسنة 2018 بشأن تنظيم إجراءات التحفظ والحصر والإدارة والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين.
خطوات مطلوبة
وعن دور الأجهزة الأمنية في محاصرة مسارات تمويل الإخوان، رأى اللواء نجاح فوزي أن نجاح مكافحة تمويل الإرهاب مرتبط بشكل جذري بالتعاون الدولي، مؤكدا صعوبة مواجهة دولة واحدة بمفردها لمصادر تمويل الإخوان وأي تنظيمات إرهابية أخرى.
وأضاف: "لعبت القوات المسلحة والشرطة المصرية دورا بطوليا في مجابهة الإرهاب، بداية من الضربات الأمنية الاستباقية لعناصر الإخوان، وصولا إلى تشديد الرقابة على مصادر تمويل الجماعة الإرهابية".
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية "كونا" عن خالد الجار الله نائب وزير الخارجية الكويتي قوله إن بلاده سلمت المقبوض عليهم إلى مصر بموجب الاتفاقيات المشتركة بين الجانبين.
وأثنى فوزي على مجهود السلطات الكويتية في ضبط الخلية الإخوانية، مشددا على أن موقف الكويت هو نموذج يحتذى به في التعاون الدولي من أجل مكافحة الإرهاب ومحاصرة مصادر تمويله.
أما العميد خالد عكاشة، فشدد على أهمية التكاتف الدولي لتجفيف منابع الإرهاب، نظرا لخطورة أنشطة الجماعة الإرهابية التي تختبئ خلف أنشطة مشروعة، مشيرا إلى أن خطوات حظر الأموال وإغلاق حسابات بنكية وتعقب الإخوان تعد بداية للتضييق على أنشطتها الإرهابية.
وتابع قائلا: "مصادرة أموال الإخوان لا تعني المحطة النهائية لاقتلاع جذور إرهاب الإخوان، خاصة أن قضية تمويل الإرهاب سجال دائم لا يهدأ ولا يتوقف، في ظل استمرار بعض الدول في دعم التنظيمات المتطرفة".
وأشاد عكاشة بجهود السلطات الكويتية في ضبط الخلية الإخوانية المصرية الهاربة، لافتاً إلى أن التعاون الأمني والقضائي بين مصر والكويت ملمح إيجابي في معركة مكافحة الإرهاب.