خطوات منظمة وبدائل.. كيف تستعيد مصر إرهابيي الإخوان الهاربين؟
تواجه عناصر الإخوان الهاربة واحدا من أسوأ كوابيسها، التي سعت للفرار منها على مدار 7 سنوات، وهو الترحيل إلى مصر وتقديمهم للعدالة.
ومنذ اندلاع ثورة 30 يونيو/حزيران 2013، يظل أكبر كابوس طارد عناصر جماعة الإخوان الإرهابية الفارين إلى دول عدة، هو السقوط في قبضة أجهزة الأمن المصرية، إذ يعرف كل منهم جرائمه والأحكام التي صدرت ضده.
وما أن يسقط عنصر إخواني هارب في قبضة رجال الأمن المصري، تنتشر حالة من الخوف والهلع والذعر بين أوساط العناصر الإرهابية الهاربة، خوفا من أن يلقوا نفس المصير.
وخلال السنوات السبع الماضية آثرت عناصر الإخوان في الخارج استخدام هروبهم كوسيلة للمظلومية، عبر صفحاتهم على التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي يرفضون فيه التقدم للعدالة لمعرفتهم بحجم الجرائم المرتكبة بحق بلادهم.
ورغم مرور 6 أشهر على السقوط الكبير، المتمثل في القبض على محمود عزت، القائم بأعمال مرشد الجماعة الإرهابية، الملقب بـ"ثعلب الإخوان"، لكن أصداء هذا الحدث لا تزال تتحكم في تحركات كوادر الإخوان بالخارج، فلجأ عدد من القيادات البارزة، والعناصر الإخوانية المسؤولة عن اللجان الإلكترونية في تغيير البلد الفارين إليها، فكانت الوجهة إما تركيا وإما النمسا، ولندن وكندا.
ورغم اعتياد الجماعة الإرهابية على العمل تحت الأرض لعقود، لكنها ما زالت تعول على إثارة سيناريو الفوضى وتعمل على تحقيقه باستغلال أي حدث، ما يمكنها من العودة للمشهد السياسي مجددا، وتكرار سيناريو العفو الرئاسي الذي أصدره رئيسهم الإخواني محمد مرسي عن نحو 810 مجرمين وإرهابيين، خلال 5 أشهر أثناء فترة ولايته.
وبعيدا عن استحالة تكرار السيناريو الذي يتصدى له الشعب المصري بعد اكتشافهم الوجه الحقيقي للإخوان، فإن خبراء أمنيين أكدوا لـ"العين الإخبارية" أن القاهرة تبذل أقصى جهودها للقبض على العناصر الإخوانية الهاربة، عبر المسارات القانونية المختلفة لاستعادتهم وتقديمهم للعدالة.
وشدد الخبراء على أن القاهرة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام مراوغة العناصر الإرهابية، التي تسعى للحصول على حق اللجوء السياسي والقانوني بعدد من الدول الأوروبية.
وخلال الأيام القليلة الماضية حصل المصري الإرهابي ياسر السري، مدير المرصد الإسلامي في لندن، على حكم قضائي بمنحه حق اللجوء داخل بريطانيا.
ويواجه "السري"، أحد أبرز وجوه تنظيم الجهاد الإرهابي، 3 أحكام غيابية منها حكم إعدام، ومؤبد وثالث بالسجن 15 عاما.
مسارات قانونية
العميد خالد عكاشة، المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، حدد خطوات قانونية تمكن مصر من استعادة العناصر الإرهابية بالخارج، يأتي في مقدمتها صدور حكم نهائي ضده في قضايا إرهاب.
وفي تصريحات خاصة عبر الهاتف، قال الخبير الأمني: لا بد أن يكون متهما في قضية وليس لمجرد أنه إخواني، لأن دولا كثيرة لا تنظر للجماعة على اعتبارها تنظيما إرهابيا، وبالتالي يجب أن يكون صادر من النيابة العامة المصرية قرارا بضبطه وإحضاره، وعليه تتواصل السلطات مع الإنتربول الدولي وتوزع نشرة بشأنه، وهو ما يستلزم العرض على قاضي التحقيق.
وأضاف: "الحالة الثانية أن يكون متهما وصادرا ضده حكما غيابيا، حينها تقدم السلطات الأمنية المصرية كافة كل المستندات الأمنية والقانونية للإنتربول الدولي".
وأوضح "عكاشة" أنه في حال توفر معلومات لدى القاهرة بوجود العنصر الإخواني الهارب الصادر ضده أحكام، بدولة معينة تقدم مذكرة بذلك للإنتربول الذي يقوم بدوره بمخاطبة الدولة الهارب إليها، لافتا إلى أن الأمر لا يقتضي وجود اتفاقية تبادل مجرمين في هذه الحالة.
مراوغات وحيل
وأثار الخبير الأمني المصري مسألة اختيار الإخوان الهروب لدول توفر لهم شكلا غير مباشر من أشكال الحماية، وترفض تسليمهم، مثل الدول التي لا تعترف بعقوبة الإعدام، وهي الذريعة التي يستغلها الإخوان من خلال تقديم أوراق تشكك في قرارات السلطات الأمنية ويبدي من خلالها الرغبة في اللجوء، سواء كان سياسيا أم قانونيا أن قضائيا.
وقال عكاشة "في بعض الأحيان تصل الأمور لطريق مسدود، كأن ترفض سلطات دولة طلبات التسليم، ويكون هذا الأمر متعلقا بقرارات سياسية من البلد الهاربين إليها، وليس له علاقة بالقرارات القضائية أو الأمنية، مثلما يحدث مع إخوان تركيا".
في المقابل، هناك مثال الدول المتعاونة، بحسب عكاشة، والتي لم يصل الأمر معها إلى "الإنتربول الدولي"، ولكن فقط تم التعاون الأمني بين السلطات الأمنية المصرية وبين سلطات الدولة الفارين إليها، مثلما حدث مع الكويت.
وأوضح الخبير المصري أن "الأجهزة الأمنية ووكلاء النيابة يطلعون نظراءهم في هذه الحالة على تفاصيل الاتهامات، ليقوموا بدورهم بالتحقيقات اللازمة والتأكد، ويتم تسليم الإرهابيين وفق اتفاقية أمنية بين البلدين.
وعلى مرحلتين، سلمت الكويت "خلية إخوانية" إرهابية إلى السلطات المصرية جرى توقيفها، بموجب الاتفاقيات المشتركة بين البلدين,
ففي المرة الأولى كانت في يوليو/تموز 2019، سلمت الكويت مصر ثمانية أشخاص ينتمون إلى خلية متشددة على صلة بجماعة الإخوان الإرهابية بعد إلقاء القبض عليهم على أراضيها.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سلمت السلطات الكويتية 3 مصريين مقيمين في البلاد، لتورطهم في الدعوة والتحريض على التظاهر ضد الحكومة المصرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
الصيد الثمين
متفقا مع ما ذهب إليه "عكاشة"، قال اللواء أحمد عبدالفتاح الخبير الأمني المصري لـ"العين الإخبارية"، إن "هناك مسارات قانونية عدة تستخدمها القاهرة، في التعامل مع ملف الإرهابيين الهاربين"، مشيرا إلى أن "الاتفاقيات الأمنية المشتركة شكل من أشكال هذه المسارات، لكنه ليس المسار الوحيد".
وأضاف الخبير الأمني "هناك عملية استعادة الإرهابي هشام عشماوي من ليبيا، كان لها وضع خاص، فبفضل جهود الأجهزة الأمنية المصرية والليبية معا، وتبادل المعلومات الاستخباراتية والأمنية فيما بينهما، وتأكيد القاهرة على المطالبة بتسليمه، وقع في النهاية بقبضة العدالة".
وشدد "عبدالفتاح" على أن هناك المئات من الإخوان الهاربين يستحقون التسليم للعدالة، وأن هذا المصير مرهون بالوقت، ورغم تعويل الإرهابيين عليه لكنه دائما لا يكون في صالحهم.
وفي 29 مايو/أيار 2019، أعلنت القاهرة تسلم الإرهابي عشماوي من ليبيا بعد توقيف من قبل الجيش في مدينة درنة (شرق) أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وبعد قرابة عام، وتحديدا في 4 مارس/آذار 2020، نفذت السلطات المصرية، حكم الإعدام على عشماوي الذي أدانته محاكم عسكرية بتهم قتل جنود وضباط والتخطيط لهجمات تستهدف كمائن لقوات الجيش والشرطة.