بالفيديو والصور.. "كوتسيكا" واحة إبداع "أخضر" بفضل شباب "عين البيئة"
مجموعة من الشباب المصري يحولون منطقة شعبية وصناعية إلى واحة خضراء بفضل مشروعات صديقة للبيئة.. ماذا فعلوا؟
"كوتسيكا" أو "كوزيكا" أحد أحياء القاهرة تقع في منطقة طره البلد بالقرب من المعادي في محافظة القاهرة، ويرجع الاسم إلى تيوخاري كوتسيكا الذي كان أغنى أغنياء الجالية اليونانية في مصر بداية القرن العشرين، مثلها مثل مناطق كثيرة في القاهرة مع توافد العمالة من الريف إلى القاهرة تحولت إلى إحدى المناطق العشوائية.
وسط ضجيج الورش ونقاشات العمال توجد مساحة مربعة من الأرض بين المنازل المتلاصقة مليئة بالقمامة والمخلفات، التي يلقيها أهالي المنطقة، يقع مقر جمعية عين البيئة التعاونية، التي انشأها مجموعة من الشباب المصري قررت تحويل "مقلب الزبالة" إلى مجمع بيئي متكامل يعيد تدوير النفايات ويحارب التلوث.
والبداية كما يوضحها علي الشرقاوي، نائب رئيس الجمعية، كانت سنة 2012 بمجموعة من الفعاليات لتنظيف الشوارع وطلاء الأرصفة.
- مصري هزم السرطان يروي لـ"العين" لحظات الانهيار والتحدي
- بالفيديو.. "العين" في أقدم ورشة لصناعة الأرابيسك بشارع المعز
بعد 5 سنوات من العمل الشاق، بدأ أحمد معوض في تأسيس مشروعه "عين البيئة" مع رفاقه، ونجحوا في تحويل مساحة أرض فضاء إلى مجمع بيئي متكامل، كان اختيار المكان فيه مقصودا؛ حيث التلوث الذي تعيش فيه المنطقة بين مدينة "شق الثعبان" التي تضم أكبر مصانع للرخام والسيراميك، وحي "حلوان" أكبر المناطق الصناعية في القاهرة.
الجمعية متخصصة في إعادة تدوير مختلف أنواع المخلفات، بداية من الصفيح والخشب والورق والبلاستيك. كما تنظم الجمعية كورسات ودورات تدريبية لعمل النماذج البيئية مثل "جهاز الأكوابونيك" و"البايوجاز" للوصول إلى أكبر قدر من الاستفادة.
بالإضافة لإعادة التدوير يوجد بمقر الجمعية نموذج لجهاز ينتج "البايوجاز"، وهو بديل فعال للغاز الطبيعي. ويقوم الجهاز بتحويل المخلفات الحيوانية والزراعية والآدمية والمنزلية إلى غاز الميثان، الذي يستعمل كمصدر للطاقة. وأوضح الشرقاوي أن هناك فائدة أخرى مهمة للجهاز وهي التخلص الآمن من المخلفات دون إحراقها وتلويث البيئة أو إلقائها في الشوارع.
الجهاز ينتج غاز الميثان الذي يستخدم كمصدر للطاقة في الطهي، وشدد "الشرقاوي" على أن أهمية الجهاز تكمن في زيادة وعي المواطنين بمعنى البايوجاز وإقناعهم لاستخدامه وعدم إلقاء القمامة في الشوارع واستغلالها في شيء مفيد وغير ضار على المستوي البيئي.
كما تعرفنا في مقر الجمعية على نموذج ناجح من (الأكوابونيك) وهو نظام بيئي حيوي متكامل يقوم على الزراعة المائية عن طريق الأسماك التي توفر الأسمدة النيتروجينية اللازمة للزراعة، وتمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء وإنتاج محاصيل غذائية دون أسمدة كيميائية.
وأشار الشرقاوي إلى المحاصيل الزراعية التي تمت زراعتها على نموذج الأكوابونيك، وكان أغلبها من الخضراوات الورقية مثل الخس والجرجير والنعناع وغيرها.
"صندوق الزبالة الغاطس" كان أحد الاختراعات المهمة في الجمعية. وأوضح الشرقاوي لـ"العين" أنه عند إزالة المخلفات والقمامة في كثير من الأحيان تقع أو تتبقى بعض منها بجانب صناديق القمامة، وهو الأمر الذي يُحدث تلوثا بيئيا بالإضافة لجذب الذباب والروائح الكريهة، فكان الحل في صندوق قمامة غاطس تحت الأرض توضع فيه القمامة، وعند امتلائه يرفع ويفرغ ما بداخله دون ترك أي قمامة على الأرض.
أحد النماذج الموجودة في الجمعية أيضا "سخان بالطاقة الشمسية"، وتقوم فكرة الجهاز على استغلال الطاقة الحرارية الناتجة من الشمس واستخدامها في توليد الكهرباء، "الفكرة" سمع أغلبنا عنها "لكن لا يتم التوسع في تشغيلها في مصر رغم اعتدال المناخ وسطوع الشمس أغلب أيام السنة"، بحسب علي الشرقاوي الذي أعرب عن استنكاره من عدم استغلال الإمكانيات البيئة المتاحة لتسهيل الحياة بأقل الإمكانات والتكاليف الممكنة.
التقيتنا في مقر الجمعية بمجموعة من الشباب الجامعي، الذين توفر لهم "عين البيئة" مساحة عمل، حيث يستغلون الأخشاب لصناعة أنوال لغزل السجاد عن طريق مخلفات الاقمشة المتاحة في الجمعية.
ويوضح نائب رئيس الجمعية أن هناك عددا من المبادرات التي قامت بها الجمعية في الفترة الماضية مثل مبادرة "بدل ما ترميها هنشتريها"، والتي تهدف إلى التخلص الآمن من المخلفات الصلبة، وتقوم الجمعية بجمع القمامة من المنازل وردها للمنازل مرة أخرى من خلال فكر جديد في فصلها من المنبع وتدويرها وتصنيع منتجات صديقة.
ذ
وهناك أيضا مبادرة "الطفل الأخضر" وهي مبادرة تستهدف الأطفال وتقوم علي رفع الوعي البيئي للنشء لمواجهة التغيرات المناخية التي يشاهدها العالم في الوقت الحالي والأضرار التي تحيط بالبيئة.
وأوضح علي الشرقاوي، نائب رئيس الجمعية، أنهم بصدد إطلاق مبادرة طره الخضراء والتي تهدف إلى نشر الثقافة البيئة في كافة أرجاء منطقة طره عن طريق عدة مشاريع منها إعادة تدوير القمامة بالإضافة إلى "تخضير الأسطح" عن طريق تشجيع المواطنين على استغلال الأسطح والزراعة عليها.
ويحلم نائب رئيس الجمعية بفتح عدة أفرع للجمعية في كافة المناطق العشوائية في مصر والسعي إلى مجابهة الظواهر البيئية التي قد تدمرها، من أجل حياة صحية لأهالي تلك المناطق.