خبيران يكشفان لـ"العين الإخبارية" تحديات وفرص مفاوضات سد النهضة
يرى خبيران مصريان أن اتفاق القاهرة وأديس أبابا، الخميس، على الانتهاء من مفاوضات سد النهضة خلال 4 أشهر، والذي يأتي عشية بدء التخزين الرابع؛ فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق ملزم حول ملء السد وقواعد التشغيل يحقق مصالح جميع الأطراف.
وأعلنت مصر وإثيوبيا، الخميس، الاتفاق على الانتهاء من تلك المفاوضات خلال 4 أشهر، خلال استقبال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، لاستئناف المناقشات بين البلدين.
وبحسب بيان للرئاسة المصرية، فقد ناقش السيسي وآبي أحمد "سبل تجاوز الجمود الحالي في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، حيث اتفقا على الشروع في مفاوضات عاجلة للانتهاء من الاتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان لملء سد النهضة وقواعد تشغيله، واتفقا على بذل جميع الجهود الضرورية للانتهاء منه خلال 4 أشهر".
من جانبه، قال الدكتور عباس شراقي أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة، لـ"العين الإخبارية"، إن "خطوة استئناف المفاوضات أمر طال انتظاره لسنوات، حيث إن المفاوضات متوقفة منذ فبراير/شباط عام 2020".
وأضاف أن "سيناريو استئناف المفاوضات، وتحديد جدول زمني أمر جيد، وفترة الـ4 أشهر كافية للتوصل لاتفاق ملزم، حيث إنه سيتم البناء على ما تم من جولات تفاوضية في وقت سابق".
واعتبر أن التوصل إلى اتفاق ملزم لملء سد النهضة وقواعد التشغيل يتطلب مرونة من جميع الأطراف ورغبة وإرادة فعلية، مشيرا إلى أن القاهرة أثبتت حسن النية حين وقعت قبل 3 سنوات بالأحرف الأولى على مسودة اتفاق في واشنطن بعد أشواط طويلة من المفاوضات برعاية أمريكية، في وقت غابت فيه أديس أبابا عن جلسة التوقيع.
شراقي نوه أيضا إلى أن الإعلان عن الاتفاق الإثيوبي-المصري، اليوم، يأتي عشية بدء التخزين الرابع الذي سيبدأ صباح الجمعة، في أطول فترة تخزين، والتي سوف تستمر لمدة شهرين حتى منتصف سبتمبر/أيلول القادم.
لا تأثير على الملء الرابع
واستبعد الخبير المصري وجود أي تأثير لما تم الإعلان عنه الخميس، والملء الرابع، قائلا "ما حدث لا يوجد له أي تأثير علي الملء؛ لأنه سيتم تلقائيا، فالأمر كله أن هناك بوابتين فقط سيتم فتحهما".
وكشفت صور حديثة لموقع السد فتح بوابتي التصريف ما يعني أن إثيوبيا ستبدأ الملء الرابع فعليا. وأظهرت الصور أن إثيوبيا قررت فتح بوابتي التصريف الغربية والشرقية بعدما أكملت الإنشاءات في الممر الأوسط، تمهيدا لتعويض الكمية الناقصة من البحيرة والبالغ قيمتها 3 مليارات متر مكعب، واستقبال مياه الأمطار والفيضان لبدء التخزين الرابع.
وأكد "ِشراقي" أهمية التوصل لاتفاق ملزم بشأن قضية سد النهضة، قائلا: "الاتفاق سوف يضع قواعد للملء والتشغيل، وتلك القواعد ستراعي بلا شك تخفيف حدة الضرر على مصر".
وأشار إلى أن الاختلاف في المفاوضات لاحقا ستكون في تفسير كلمة "ذي شأن"، بمعنى حجم الكمية التي يتم احتجازها وإلى أي مدى يكون هناك ضرر، فمصر بالنسبة لها أي مليار واحد نقص هو ضرر، بعكس رؤية إثيوبيا.
وكانت إثيوبيا قد تعهدت خلال فترة هذه المفاوضات، بالتزامها، أثناء ملء السد خلال العام الهيدرولوجي 2023-2024، بعدم إلحاق ضرر ذي شأن بمصر والسودان، بما يوفر الاحتياجات المائية لكلا البلدين.
كما تحدث شراقي عن مشكلة أخرى قد تبدو في أفق المفاوضات، قائلا "الاتحاد الأفريقي هو راع للمفاوضات حتى الآن، لكن ستكون هناك مشكلة تتعلق بتجميد نشاط السودان فى الاتحاد نظرا للأحداث الداخلية بالخرطوم، وهو أمر ربما سيتم حسمه قبل انطلاق المفاوضات".
خطوة للأمام
من جانبه، أكد الدكتور طارق فهمي المحلل السياسي المصري، لـ"العين الإخبارية" أن اتفاق الخميس فرصة جيدة، وخطوة للأمام نحو التوصل لاتفاق ملزم، في حال توافرت الإرادة السياسية اللازمة من الجانب الإثيوبي".
وشدد على أن القاهرة لديها الاستعداد الكامل لاستئناف المفاوضات، في اطار الاتحاد الأفريقي.
وأشار إلى أن لقاء الرئيس السيسي مع رئيس وزراء إثيوبيا عكس اهتماما من أديس أبابا بالتوصل لاتفاق، مضيفا "لكن يجب أن تلتزم الأخيرة بالإطار الزمني الذي تم تحديده بالقاهرة، للانتهاء من الاتفاق بين الدولتين والسودان طرف ثالث لملء سد النهضة وقواعد تشغيله".
كان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد أكد خلال الدورة العادية الثامنة والعشرين لمجلس النواب الإثيوبي مؤخرا، أن التعبئة الرابعة لسد النهضة ستمتد حتى سبتمبر/أيلول القادم كي لا تلحق الضرر بدولتي المصب، مشيرا إلى أن السد يقترب حاليا من بدء الملء الرابع وأن المراحل الثلاث السابقة لم تؤثر على مصر والسودان.
وقبل أيام أعلنت إثيوبيا مجددا أنها انتهت من بناء 90% من السد.
ويثير سدّ النهضة الذي يُتوقع أن يكون أكبر مشروع في أفريقيا لتوليد الكهرباء من المياه خلافاً إقليمياً منذ أن أطلقت إثيوبيا مشروع تشييد السد عام 2011، إذ تتخوّف دولتا المصب، مصر والسودان من تبعات السد على أمنهما المائي، فيما تشدّد أديس أبابا على أهميته لتوليد الكهرباء والتنمية في البلاد.