توقعات بتثبيت "المركزي المصري" أسعار الفائدة في اجتماعه الخميس المقبل
خبراء سوق المال وبنوك الاستثمار يتوقعون إبقاء البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير لاحتواء التضخم.
توقع خبراء سوق المال وبنوك الاستثمار أن يبقي البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك الخميس 14 فبراير/شباط الجاري.
وأرجع الخبراء ذلك إلى الرغبة في استمرار احتواء الضغوط التضخمية، خلال النصف الأول من عام 2019، خاصة مع اتجاه مصر لرفع الدعم عن المواد البترولية.
وتوقف "المركزي" عن خفض الفائدة منذ 10 أشهر، وذلك بعدما استهل بها عام 2018 في اجتماعين متتاليين، ويثار تساؤل هل سيفضل "المركزي" الإبقاء على الفائدة عند مستوياتها الحالية للإبقاء على جاذبية السوق المصرية للاستثمارات الأجنبية أم أنه سيفضل تخفيضها لتخفيف عبء تكلفة الديون؟
ويهدف البنك المركزي بخفض الفائدة من مستوياتها الحالية عند مستويات 16.75% و17.75% على الإيداع والإقراض، للسيطرة على عبء تكلفة الديون الذي يثقل كاهل الموازنة العامة، ومحاولة تنشيط مناخ الاستثمار للوصول إلى معدلات النمو المستهدفة التي وصلت في بعض التوقعات المتفائلة إلى 6% في العام المالي المقبل، قبل أن تعود للهدوء من جديد مع نظرة أشد واقعية لمعدلات نمو الاقتصاد العالمي والتحديات العديدة التي يواجهها.
ويرى محمد سعيد، العضو المنتدب لشركة "إي دي تي" للاستشارات والنظم، أن عدداً من الصعوبات تواجه قرار البنك المركزي بتخفيض الفائدة ولو بقدر بسيط يصل إلى 100 نقطة أساس، وتدفعه لتأجيل هذا القرار لاجتماعات لاحقة خلال هذا العام، وأهمها محاولة الحفاظ على جاذبية السوق المصرية للاستثمارات الأجنبية التي شهدت تخارجاً متواصلاً من السوق المصرية بشكل خاص خلال 2018، ومن الأسواق الناشئة بشكل عام، ويظل مستوى الفائدة المرتفعة أحد أهم عوامل هذا الجذب، منوهاً بأن الأسابيع الأولى من عام 2019 شهدت عودة ملحوظة للمستثمرين الأجانب لضخ استثماراتهم للشراء في سوق الديون الحكومة المصرية.
وأضاف سعيد أن التضخم يعد أحد أهم العناصر المؤثرة في قرار البنك المركزي لتحريك أسعار الفائدة، بل يمثل السبب الأساسي في دفعه لرفع أسعار الفائدة على الجنيه المصري لمستوياتها الحالية عقب قرار تحرير سعر الصرف، بهدف السيطرة على مستويات التضخم التي وصلت في منتصف 2017 إلى مستويات قياسية تتراوح بين 33%و35%.
وأوضح أنه رغم استمرار مستويات التضخم حالياً بالقرب من المستوى المستهدف المعلن من قبل البنك المركزي فإن ارتفاعاً طفيفاً مفاجئاً قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية بأيام قليلة إلى مستوى 12.7% في يناير/كانون الثاني الماضي، مقابل 12% في ديسمبر/كانون الأول 2018، بسبب ارتفاعات أسعار الأغذية والمشروبات يعد مؤشراً على عودة الضغوط التضخمية مرة أخرى مع اقتراب خطوات جديدة في مسيرة خفض الدعم ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تطبقه الحكومة المصرية.
وأكد أن محاولات البنك المركزي للحفاظ على استقرار سوق الصرف وسعر الجنيه في مقابل العملات الأجنبية تعد عاملاً إضافياً مهماً للبنك المركزي المصري، للتمهل في أي إجراءات لخفض الفائدة، خاصة مع اقتراب شهر رمضان وبدء المستوردين في توفير احتياجات الشهر الكريم من الأسواق الخارجية، وهي الفترة التي تشهد طلباً متزايداً على النقد الأجنبي سنويا وتشكل ضغطاً على سوق النقد، مشدداً على أن هذا العامل لا يقلل من أهمية الارتفاعات المحدودة التي حظيت بها العملة المصرية في مواجهة العملات الأجنبية كافة خلال الأيام القليلة الماضية.
وتوقع محمد أبوباشا، رئيس وحدة تحليل الاقتصاد الكلي بقطاع البحوث في المجموعة المالية "هيرميس"، أن يتجه المركزي المصري لتثبيت سعر الفائدة في اجتماعه المقبل، موضحاً أنه رغم أن معدلات التضخم أصبحت في المستويات المقبولة، خاصة بعد أن تراجعت في فترة سابقة من مستويات 15% و16% إلى نحو 12% و13%، إلا أن حرص البنك المركزي على التأني في اتخاذ قرار بخفض الفائدة مجدداً للحيلولة دون رفع التضخم، خاصة أن الحكومة تسعى إلى اتخاذ إجراءات خاصة بالدعم مع بداية الصيف.
وأشار إلى أن أسعار النفط شهدت تذبذباً خلال 2018، رغم أن اتجاه هذه الأسعار في صالح السوق المصرية، إلا أن الاتجاه إلى رفع دعم المواد البترولية قد ينتج عنه بعض الآثار التضخمية، موضحا أن البنك المركزي المصري قد يتمهل في خفض الفائدة إلى النصف الثاني من العام، بعد أن يتم استيعاب الضغوط التضخمية الناتجة عن قرارات خفض الدعم.
يذكر أن التضخم العام السنوي سجل ارتفاعاً بنسبة 12.7% في يناير/كانون الثاني، مقارنة بـ12% في ديسمبر/كانون الأول 2018، نتيجة زيادة أسعار السلع الغذائية بنسبة 12.5% مقارنة بارتفاعها بنسبة 11.2% في ديسمبر/كانون الأول.
في الوقت نفسه، حافظت القطاعات الأخرى كافة على استقرارها، باستثناء ارتفاع قطاع الرعاية الطبية الذي صعد بنسبة 5.1% مقارنة بارتفاعه بنسبة 4.5% في ديسمبر/كانون الأول 2018. وبدأ التضخم الشهري في الارتفاع مرة أخرى؛ حيث نما بنسبة 0.6% بعد شهرين متتاليين من التراجع، رغم حفاظه حتى الآن على معدلاته التاريخية.
من جانبه، انتهى قسم البحوث ببنك الاستثمار "بلتون" إلى أن احتمالات الإبقاء على أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية دون تغيير هو الأقرب، ويرى أن الارتفاع الطفيف لقراءة التضخم في شهر يناير/كانون الثاني، لا يشكل خطراً على النظرة المستقبلية للتضخم.
وأكدت "بلتون" أن الرغبة في استمرار احتواء الضغوط التضخمية خلال النصف الأول من عام 2019، خاصة أن تسجيل مستوى منخفض جديد للتضخم العام في ديسمبر/كانون الأول 2018 سوف يساعده على البقاء في نطاق 14-15% خلال عام 2019، وأنه نظراً لاستمرار ارتباط النظرة المستقبلية للتضخم بأسعار السلع الغذائية المتقلبة، فإن الإبقاء على أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل الذي سيعقد يوم 14 فبراير/شباط 2019 وعلى مدار العام المالي 2018/2019 يكون الاتجاه الأقرب.
وأشارت بحوث "بلتون" إلى أن قراءة التضخم المقبلة خلال شهري فبراير/شباط ومارس/آذار، من العوامل الأساسية لمتابعتها لمعرفة ما ستكون هناك فرصة لخفض أسعار الفائدة في النصف الأول من عام 2019 أم لا.
وتابعت أن العوامل الرئيسية الأخرى التي سوف تحظى بالمراقبة، تتضمن التدفقات الأجنبية في أدوات الدخل الثابت في فبراير/شباط، للتأكد من تجدد شهية المستثمرين على سوق أدوات الدخل الثابت، التي تؤكد ضغوطا محدودة على العملة المحلية، وكذلك مراقبة معدل استنفاد صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك، الذي بدأ في التراجع في ديسمبر/كانون الأول 2018، وهو ما يحدد مدى الحاجة لدعم العملة المحلية، وأيضاً استمرار ارتفاع عائدات سندات الخزانة أعلى من المستويات السابقة لخفض أسعار الفائدة.