فتاة العياط لـ"العين الإخبارية": لم أتوقع عودتي للمنزل

بشجاعة تفوق سنوات عمرها، قامت أميرة بتسليم نفسها إلى قسم شرطة العياط، معترفة لأحد أفراد القسم بأنها قامت بقتل شخص.

داخل منزل صغير بمركز طاميا بمحافظة الفيوم جنوب غرب القاهرة، تجلس أميرة مرزوق المعروفة إعلاميا بـ"فتاة العياط" أمام النافذة في حالة من الصمت والذهول، غير مصدقة انتهاء الكابوس الذي دام نحو 4 أشهر بعد إصدار النائب العام المصري، المستشار حمادة الصاوي، قراره بإطلاق سراحها وحفظ الدعوى في قضية القتل الموجهة إليها لعدم الجناية لوجودها في حالة دفاع شرعي عن عرضها.

أميرة الفتاة الصغيرة التي لم يتجاوز عمرها 15 عاما، عاشت أياما صعبة بعد أن وضعها القدر متهمة في جريمة قتل، وتصدرت قصتها شاشات قنوات التلفاز وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي.

" العين الإخبارية" التقت أميرة مرزوق وأسرتها داخل مسكنها لتسليط الضوء على قصتها.

كابوس مخيف

تعود قصة أميرة مرزوق إلى 12 يوليو/ تموز الماضي، بعد قتلها سائق حافلة في منطقة العياط بالجيزة غربي القاهرة دفاعا عن نفسها، بعد أن حاول السائق الاعتداء عليها واغتصابها.

وبصوت مرتجف تسرد أميرة اللحظات الفارقة في ذلك اليوم، الذي يعد نقطة تحول كبيرة في مسار حياتها، قائلة: "بعد أن تلقيت مكالمة من أحد زملاء عملي القديم في القاهرة، تذكرت فقداني هاتفي المحمول معه، وبالاتصال عليه أخبرني شخص غريب أنه عثر على الهاتف وأن الهاتف في سيارته، وركبت حافلة متوجهة لمركز العياط بالجيزة للحصول على هاتفي".

وأثناء حديثها تتوقف قليلا لتجفف دموعها، مسترجعة شعورها خلال هذا اليوم الذي وصفته بـ "الكابوس"، وتابعت: "بمجرد وصولي لهذا المكان، أخبرني الشخص نفسه أن الهاتف ليس بحوزته الآن وأن زميلي استلمه قبلي، ونظرا لأن المكان بعيد عرض عليَّ اصطحابي في حافلته، حتى أتمكن من استقلال حافلة أخرى من القاهرة لمنزلي في الفيوم".

وبشكل مفاجئ حول سائق الحافلة مسار الطريق إلى منطقة جبلية نائية، ما دفع الفتاة للاستغاثة بصوت عالٍ، وسرعان ما تحول الأمر بإشهار الأول السكين في وجهها مهددا إياها بالقتل، وساعد الفتاة سرعة بديهتها لتقنعه بإبعاد السكين لتمكنه من نفسها، لتمسك هي بالسكين موجهة له عدة طعنات في مناطق متفرقة بجسده.

وبيد مرتعشة وملطخة بالدماء سارعت أميرة للبحث عن نقطة ضوء في الطريق المظلم لتطمئن قلبها الخائف، ووجدت أحد العاملين في المنطقة لتطلب وسيلة للتواصل مع والدها، الذي أخبرته بالوضع وسارع في إبلاغ الشرطة وقتها.

وبشجاعة تفوق سنوات عمرها، قامت أميرة بتسليم نفسها إلى قسم شرطة العياط، معترفة لأحد أفراد القسم بأنها قامت بقتل شخص استدرجها وحاول الاعتداء عليها واغتصابها.

انتظار

وبين جدرانه الأربعة مكثت أميرة ما يزيد على 3 أشهر داخل سجن الاحتياط في انتظار سير التحقيقات، ما بث مزيدا من الرعب والخوف في قلبها الصغير في يقظتها ومنامها.

ومنذ هذه اللحظة لازمت أميرة مشاهد الحادثة، وقالت: "عندما سجنت لازمني خوف ومشاهد طعن السائق بالسكين طوال أيامي، وزاد خوفي من التعامل مع السجينات وتمكن الحزن مني طوال مدة الاحتجاز ولم أكن أتوقع في لحظة أني سأعود لمنزلي وسط أسرتي مرة أخرى".

أيام ثقيلة مرت على أميرة وأسرتها، خاصة في كل مرة يجدد لها الحبس الاحتياطي خلال فترة التحقيقات. ورغم تملك اليأس قلب الفتاة، إلا أنها حاولت الدفاع عن نفسها أثناء التحقيقات والاعتراف بكل التفاصيل التي ساهمت في تكشف بعض الأدلة أمام النيابة المصرية.

دعم كبير وجدته أميرة من والديها وفريق الدفاع عنها، ما ساعدها في تجاوز المحنة. ويقول أحمد مرزوق والد الفتا: "دعمت ابنتي في موقفها لأنها دافعت عن نفسها، لذا أبهجنا كثيرا قرار النيابة وكنت متخوفا على أميرة أن تعود للسجن مرة أخرى".

وبجانب دعم الأسرة، لجأت الفتاة إلى الصلاة وقراءة القرآن لاستكمال مشوارها في الدفاع عن نفسها، وتقول: "استندت على الصلاة لتريح قلبي وتمنحني طاقة طوال الفترة الماضية خاصة أثناء لحظات تذكر الحادثة".

الآلام نفسية ممتدة

وأثبت تقرير الطب الشرعي صدق اعترافات أميرة، لذا أخلت محكمة شمال الجيزة سبيلها في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ورغم عودتها إلى حضن والديها، إلا أن ملامح الحيرة والقلق ظلت مرتسمة على وجهها.

وبعد اطلاع النيابة المصرية على السجلات الخاصة بالهواتف المتعلقة بالقضية، واستجواب الشهود في القضية، قررت حفظ التحقيقات والتأكيد على أنه لا وجه لإقامة الدعوى لكون الفتاة في حالة دفاع شرعي عن النفس.

ورغم أن قرار النيابة المصرية يغلق القضية تماما، إلا أن القضية لا تزال عالقة في ذهن الفتاة الصغيرة، وتقول بنبرة حزن: "بقدر فرحتي بالقدر، بقدر حزني على ما واجهته من شدائد، لذا قررت أن أخبر الجميع حقيقة الأمر بالظهور على شاشات التلفاز، متمنية ألا يتكرر الحادث مع أي فتاة مثلي".

وبعيون حائرة تعود أميرة إلى مجلسها بجوار النافذة مرددة تساؤلا: "متى أعود إلى دراستي وحياتي الطبيعة؟".

aXA6IDMuMTQ1LjYyLjM2IA==

جزيرة ام اند امز