بالصور.. انطلاق مؤتمر الإفتاء العالمي في القاهرة بمشاركة 80 دولة
المؤتمر العالمي لدار الإفتاء المصرية ينطلق في القاهرة تحت عنوان "التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة".. من المشاركون؟ وماذا قالوا؟
انطلقت، الاثنين، فعاليات المؤتمر العالمي لدار الإفتاء المصرية الذي يحمل عنوان "التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة"، وسط مشاركة رئيسية للإمامِ الأكبرِ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، وعدد من الشخصيات البارزة وسفراء ٨٠ دولة.
واستهل المؤتمر بعرض فيلم تسجيلي قصير عن أهمية الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، تلاه كلمة افتتاحية لمفتي مصر، الدكتور شوقي علام، الذي قال إن المؤتمر يأتي في وقت بالغ الأهمية والدقة والخطورة، لما يمر به العالم العربي والإسلامي بل والعالمي من تحديات.
وأوضح مفتي مصر أن أهمية المؤتمر تكمن في سياق زمانه ومكانه، "فالتوقيت يشهد موجة عنف لتيارات تبحث عن فتاوى تشرعن لها العنف.. فما يقدر بخمسين ألف مقاتل في صفوف تنظيم داعش الإرهابي نصفهم من أبناء الأقليات المسلمة، وإعلام التنظيم يتحدث بـ 12 لغة، فكان على المؤسسات الدينية العريقة وذات الشأن في هذا المجال أن تعلن عن نفسها لترد بقوة وحسم على الأفكار الضالة بمنهجية علمية رصينة".
وتابع المفتي: "لا شكَّ أن ذلك مؤشر خطير للحالة الراهنة للجاليات المسلمة، ومن يحلل هذا الوضع بدقة يجد أن الفتوى التي تصدر من غير المتخصصين، خاصة من تيارات التشدد والتطرف من أبناء هذه الجاليات وغيرهم تسبب اضطرابًا كبيرًا في مجتمعات هذه الجاليات كما نرى الآن في حالة داعش وأخواتها".
وأوضح مفتي مصر سبب اختيار القاهرة مركزًا لعقد هذا المؤتمر، قائلا إنه "كان من الضروري أن ينعقد على الأرض التي حملت لواء الاعتدال والتجديد والاستنارة بكعبة العلم المتمثلة في الأزهر، الذي سيظل حصنًا حصينًا أمام موجات التطرف والعنف ودعوات التفرق والتشرذم بكل صورها".
وحدد المفتي مجموعة من الأهداف التي ينشدها المؤتمر، كتجديد منظومة الخطاب الديني، وسحب البساط من تيارات الإسلام السياسي المسيطرة على الجاليات المسلمة في الغرب، وتدريب الأئمة والدعاة وتأهيلهم للتعامل مع النصوص الشرعية، والتعاطي مع معطيات الواقع، وامتلاك أدوات وأساليب الخطاب الديني الصحيح الوسطي البعيد عن التفريط والإفراط.
من جانبه، قال وزير العدل المصري، المستشار حسام عبد الرحيم، إن "تجديد الخطاب الديني ليس بالعمل العشوائي أو الارتجالي، إنما هو عمل مبني على برامج فكرية شاملة ومتكاملة، يأتي بعد أهداف وخطط وأساليب واستراتيجيات ومتطلبات مادية وبشرية، تشمل مؤسسات المجتمع كافة".
وأضاف أن الخطاب الديني أصبح مؤثرًا مهمًّا في تشكيل وتوجيه أفكار وسلوكيات ومشاعر ووجدان أفراد أمتنا العربية والإسلامية بل والعالم أجمع، مشيدًا بدور الأزهر الشريف ودار الإفتاء في القيام بدور كبيرٍ في الدفاعِ عن الـهُويَّةِ الإسلاميةِ الوسطيَّةِ، ونشرِ الخطابِ الدينيِّ الـمُستَنير في العالم، ودفعِ قاطرةِ الأوطانِ نحوَ الاستقرارِ والتنمية.
وشدد الوزير المصري علي أن العالم كله يواجه حالة غير مسبوقة من التوتر والاضطراب والتحديات الكبرى التي طالت كل بقاع الأرض دون استثناء، تسببت في زعزعة استقرار الدول والمجتمعات، موضحًا أن أخطر هذه التحديات تمثلت في بُروزِ تياراتٍ تتَبنَّى فِكرًا متطرفًا يُعادِي الأُممَ والشعوب.
وأوضح المستشار حسام عبد الرحيم أن الفكر المتطرف بُني على مجموعةٍ من الآراءِ والفتاوَى الشاذَّةِ البعيدةِ عنِ المنهجِ الإسلاميِّ، لافتًا إلى أن مهمة هذا المؤتمر مواجهة مثلَ هذه الأفكار التي انتشرت كالنار في الهشيم في الجاليات المسلمة حول العالم بسبب سيطرة بعض التيارات المتطرفة هناك علي الخطاب الديني، إلى جانب طرح الحلول النافعةَ لبلورة خطاب ديني رصين للجاليات المسلمة يعينها علي التمسك بالقيم والثوابت الدينية مع اندماج إيجابي في مجتمعاتهم.
وفي كلمة مؤثرة، لاقت استحسان الحضور، قال الدكتور مصطفى سيريتش، رئيس العلماء والمفتي العام في البوسنة والهرسك السابق، إن الأزهر الشريف أنقذهم حينما فقدوا التنفس الروحي، "حيث كنا نطلب ونحصل علمًا في إسطنبول فانقطع هذا التنفس الروحي ففتح الله لنا الأزهر".
وتابع المفتي السابق للبوسنة والهرسك: "جئنا لنقول للجميع، نريد أن نرى الأزهر كما كان وكما سيكون، منارة للأمة الإسلامية، هذه هي شهادة القدس الأول في أوروبا والثاني في العالم، في إشارة للبوسنة والهرسك".
وموضحًا أهمية الدراسة في الأزهر الشريف، روى المفتي موقفًا شخصيًا له، وهو حينما ذهب ليحصل على الماجستير في جامعة شيكاغو، سألوه عن مؤهلاته فأخبرهم أنه يحمل مؤهلات أزهرية، فقالوا له "إنها مؤهلات عالية فلا حاجة لك للماجستير، يمكنك الدراسة للحصول على الدكتوراه مباشرة".
وفي ختام كلمته تمنى نجاح المؤتمر ولأهل مصر أن يكونوا كما كانوا في الماضي أسوة للعالم بأسره.
من جانبه، قال مفتي نيجيريا، الشيخ ابراهيم صالح الحسيني، إن المشكلة الرئيسية في العالم الإسلامي ليست في قلة العلم او عدم فهمه، بل وصلت البشرية إلى مستوى عال من التقدم العلمي مع سهولة الوصول إلى مصادر العلم والمعرفة بطريقة لم يسبق لها مثيل، موضحًا أن "المشكلة تكمن في كثير من المشاكل التي سببها عدم العمل بهذا العلم الذي تعلمناه وعدم تطبيقه بالطريقة التي تنعكس بها أثاره على سلوكنا وتصرفاتنا".
وأوضح المفتي أن التقاعس أصاب علماء الأمة عن القيام بواجبهم بالحكمة والموعظة الحسنة حتى خرج أولئك المدعون الذي يدعون الإحاطة بكل شيء وأصيبوا بمرض عدم الإنصات وعزل الآخر وعدم الاعتراف إلا بالنفس، مما أدى إلى صدور فتاوى تحمل البغضاء والكراهية بين المسلمين.
وأشاد مفتي نيجيريا بدور الأزهر الريادي قائلًا: "لا يسعنا في هذا المجال إلا أن نؤيد مشايخ وعلماء الأزهر، ومن قاموا بهذا العمل العظيم من تأسيس أمانة عامة لدور الإفتاء في العالم".
وأضاف مفتي نيجيريا: "نحن في نيجيريا عانينا الكثير من هذه الفرقة والمشاكل.. والتي قتل بسببها عشرات، بل مئات الألوف من المسلمين بغير حق واستعبد فيها أحرار، واسترق فيها النساء، وهتكت فيها أعراض بدون أي دليل إلا لاعتقاد أن الأمة كلها أصيبت بردة، وأن هؤلاء يجددون الإسلام، وهي دعوة باطلة".
ودعا مفتي نيجيريا إلى وحدة الصف والكلمة والاتفاق حول قيادة فكرية إسلامية متسامحة تدعو إلى الوسطية والفهم الإسلامي العريق.
يستمر المؤتمر على مدار يومين، ويعقد في اليوم الثاني 3 ورش عمل يجتمع فيها نخبة من العلماء للعمل على وضع معالجة دقيقة للاحتياجات التأهيلية لدعاة التجمعات المسلمة ومكونات البرامج التدريبية، ومكونات المساق المعرفي المساعد في تأهيل المفتين، وأهم القضايا التي يجب تناولها عند تأهيل المفتين.
وحضر المؤتمر عدد من كبار رجال الدولة وعلماء الأزهر الشريف ومجمع البحوث العلمية، بالإضافة إلى عدد من سفراء الدول الإسلامية والعربية في العالم، والذين حرصوا على الحضور وتدوين الكلمات الرئيسية.