800 مليون جنيه لإعداد خريطة سكان ومنشآت مصر
45 ألف موظف يجوبون المدن والقرى المصرية لإنجاز التعداد السكاني لعام 2017.
45 ألف موظف مصري، بينهم 38 ألف مندوب يجوبون المدن والقرى المصرية لإنجاز التعداد السكاني لعام 2017، رقم 14، وبميزانية تفوق 800 مليون جنيه مصري، من أجل الخروج بإحصاء دقيق ليس للسكان فقط، بل للمنشآت والمباني في مختلف أرجاء البلاد، وصولا لرصد واقعي وحقيقي لحجم وخصائص السكان، مع حصر دقيق للمنشآت والحالات الاجتماعية والتعليمية والعلمية، لصياغة تخطيط عام لمصر لحصر كافة القضايا والمشاكل التي تواجه السكان، بهدف توفير حياة كريمة.
هذا هو الهدف العام من الإحصاء الذي يجريه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء كل عشر سنوات، إلا أن الكثير من البسطاء من شعب مصر لديهم تخوفات، بسبب غياب الوعي، وانتشار شائعات بأن هناك غرامات سيتم فرضها على الذين بنوا منازلهم بدون تراخيص، والذين بنوا مساكن على أراض زراعية خلال العشرين سنة الماضية، وهو ما دفع هؤلاء إلى عدم التعاون في توفير البيانات لفرق الإحصاء خشية تغريمهم.
محمود خيري إبراهيم من مواطني الصف بالجيزة أشار إلى أن أحد جيرانه أخبره بأن الإحصاء هدف تحرير بلاغات ضده لأنه بنى منزله على أرض زراعية من 25 عاما، حيث سألته مندوبة الإحصاء هل بيتك مبنى على أرض زراعية، وحصلت على ترخيص مبان؟
وقال: رفضت أن أعطي الموظفة أية معلومات بخصوص بيتي وعائلتي والمستأجرين في منزلي، وأبلغت جيراني بما حدث، مؤكدا أنه على يقين أن الإحصاء ليس لعدد السكان فقط، بل وراءه أهداف أخرى، فالحكومة هدفها جمع الأموال من الناس!
نفس الهاجس قاله يوسف سليمان صديق من قرية المنشأة بالجيزة، مضيفاً أنه ارتاب من أسئلة مندوب الإحصاء، والتي ركزت على ممتلكاته، وأملاكه العقارية، ودخل أسرته، ونوع الملكية، والسؤال عن عدد أفراد الأسرة، وهي من وجهة نظر يوسف، أسئلة لا علاقة لها بالسطان والإحصاء.
القلق ليس عند يوسف وخيري فقط، بل هو ما ذكرته بثينة الشربيني أيضا من كفرة نصار بالهرم، التي تشكك في أن يكون الإحصاء بهدف فرض رسوم علي منزلها الذي شيدته وتسكن فيه هي وأسرتها وتؤجر منه شقتين تعيش على الدخل منهما، مشيرة إلى أنه رفضت أن تعطي مندوبي الإحصاء أية معلومات عن حياتها الخاصة، وما تمتلكه.
عدم تعاون البعض وبسبب قلق البسطاء هو ما دعا أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بدعوة أعضاء مجلس النواب بالتوعية فى دوائرهم لتسهيل عمل القائمين على التعداد العام السكاني الجديد لإنجاز عملهم في كافة المحافظات على أكمل وجه، لافتاً إلى أهمية توعية المواطنين بالتعاون مع طالبي البيانات.
وطالب مجلس النواب بضرورة تسهيل عمل العاملين في الميدان حتى يتمكن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء من إعلان نتائج التعداد في آخر شهر يونيو المقبل، لتساهم هذه البيانات في رسم السياسات الجديدة وتحقيق أفضل استفادة من الموارد.
وبين الجندي أن الجهاز يريد قواعد بيانات سليمة، خصوصا أن الإحصاء الشامل يجري كل 10 سنوات، ولهذا تم تخصيص 28 ألف شخص لجمع البيانات والتي بدأت مرحلها الأولى أول فبراير وستستمر 40 يوما لحصر المباني وما تحتويه من السكان، مشيراً، إلى أن التعداد العام للسكان بمثابة مشروع قومي ضخم يهدف للحصول على بيانات دقيقة لتوفير حياة أفضل للمواطنين.
وناشد الجندي المواطنين بالتعاون مع موظفي التعداد السكاني، مشددًا على ضرورة التأكد من شخصية الموظف قبل الإدلاء بأية معلومات، مبيناً أن المرحلة الأولى من التعداد السكاني، تختص بحصر خصائص المباني، والمنشآت، والمرحلة الثانية والتي ستبدأ في 28 مارس، ستركز على تسجيل خصائص الأسر.
ويستهدف التعداد مع حصر للشقق المغلقة ومعرفة عدد المنشآت على مستوى الجمهورية، ومعرفة الحالة الزوجية، العنوسة، والطلاق، الحالة التعليمية، حجم التخصصات الموجودة، التسرب، الفقر، فالتعداد بصفة عامة يرصد الظواهر والواقع من أجل التخطيط السليم.
كان النائب العام المصري قد أصدر تعليمات بتعاون النيابات مع أعضاء الجهاز حيث لهم حق الضبطية القضائية إذا كذب المواطن أو رفض التعاون وذلك وفقا لقانون 35 لسنة 1960 المعدل بقانون 28 لسنة 1982، حيث ينص أن الممتنع عن إعطاء البيانات يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وحول أهمية الإحصاء السكاني أوضح دكتور صفوت زين الدين خبير تحليل البيانات في فريق العمل، أنه يهدف إلى التخطيط السليم والعلمى لمعرفة كل مشكلات مصر ووضع الحلول المناسبة لها، ومنها فإن التعداد الحالى هو رصد لكل مناحى الحياة فى مصر، وكذلك لكل خصائص السكان، من حيث حجمهم وتوزيعهم وخصائصهم المختلفة، ومعرفة الجنس والحالة الزوجية و التعليمية والعملية والسكنية، وعدد المنشآت.
ولفت إلى أن هناك تنسيق واسع من أجهزة الدولة المختلفة للحصول على بيانات دقيقة، منوهاً إلى عقد عدة اجتماعات لهذا الغرض بين الدكتورة هالة السعيد وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري واللواء أبو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة و الإحصاء، للاطلاع على ملفات الجهاز، وعلي رأسها ملفات التعداد السكاني التي يجريها الجهاز في الوقت الراهن.
من جهته يرى أيمن زهري خبير السكان أن القيمة الحقيقية والملموسة للتعداد السكاني تكمن في حصر عدد المنشآت والمساكن، فالبلاد فى حاجة كبيرة لهذا التعداد أكبر من حاجتها لتعداد البشر، حيث لابد من معرفة خصائص الثروة العقارية فى مصر.
وببين رفعت الشرقاوي منسق خاص في التعداد بأن نتائج التعداد هي بمثابة وسيلة لدعم التخطيط العام للدولة، ويتم البناء عليها فى عمليات التنمية وتحديد احتياجات كل منطقة وشريحة سكانية، ومن هنا تأتي أهمية الوعى الإحصائى بين أفراد المجتمع المصري، فكثير من الناس ليس لديها إدراك بأهمية الإحصاء والتعداد، بل هناك من يتخوف منه، وربما يحجب الملومات، والأخطر أن يدلي ببيانات غير دقيقة.