رحيل كمال الجنزوري.. "وزير الغلابة" الذي رفض صفقة الإخوان
توفي رئيس وزراء مصر الأسبق كمال الجنزوري، وبرحيله تفقد البلاد "وزير الغلابة"، والرجل الذي رفض صفقة مساومة عرضتها جماعة الإخوان، ليكون وطنه خياره الأوحد.
وتوفي الجنزوري عن عمر ناهز 88 عاما، بعد صراع طويل مع المرض بمستشفى القوات الجوية بالعاصمة القاهرة، مخلفا مسيرة زاخرة.
ولُقب الجنزوري بـ"وزير الفقراء" لما قدمه خلال فترة عمله وزيرا ثم رئيسا لمجلس الوزراء، حيث أولى لمحدودي الدخل رعاية كبيرة.
ولد الجنزوري في قرية جروان بمركز الباجور بمحافظة المنوفية في 12 يناير/كانون الثاني 1933، وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة "ميتشغن" الأمريكية.
شغل منصب محافظ الوادي الجديد ثم محافظ بني سويف، قبل أن يدير معهد التخطيط القومي ثم أصبح وزيراً للتخطيط فنائباً لرئيس الوزراء.
تولى الجنزوري رئاسة الحكومة مرتين؛ الأولى في الفترة من 4 يناير/كانون الثاني 1996 حتى 5 أكتوبر/تشرين الأول 1999 بالتزامن مع انطلاق برنامج الخصخصة.
والمرة الثانية؛ في فترة صعبة ودقيقة من تاريخ مصر، حين كلفه المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان يدير شؤون البلاد، بتشكيل الحكومة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، ومنح جميع الصلاحيات.
أدى اليمين الدستورية في 7 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، واستقالت الحكومة في 25 يونيو/حزيران 2012 عقب انتهاء الانتخابات الرئاسية.
واستهل الجنزوري عهده رئيسا للوزراء بعدة مشاريع ضخمة من أجل تسيير عجلة الإنتاج والتوسع الزراعي، أبرزها مشروع مفيض توشكى في أقصي جنوبي مصر، وشرق العوينات، ومشروع غرب خليج السويس، علاوة على الخط الثاني لمترو الأنفاق بين شبرا الخيمة (بالقليوبية) والمنيب (بالجيزة)، مروراً بمحافظة القاهرة للحد من الازدحام المروري بمحافظات القاهرة الكبرى.
صفقة الإخوان
وأثيرت في عهد الجنزوري ما يُعرف بقضية التمويل الأجنبي، وهو صاحب فكرة الخطة العشرينية التي بدأت في 1983 وانتهت عام 2003، ثم دخلت مصر بعد 3 خطط خماسية مرحلة الانطلاق.
وحرص الجنزوري على كتابة مذكراته التي صدرت عام 2014 عن دار "الشروق"، بعنوان "طريقي.. سنوات الحلم.. والصدام.. والعزلة.. من القرية إلى رئاسة مجلس الوزراء".
واستعرضت مذكراته سنوات النشأة والكفاح والانتقال من القرية إلى القاهرة مرورا بسنوات الدراسة وصولا إلى المناصب المرموقة حتى نهاية حكومته الأولى عام 1999.
وفي نعيه للجنزوري، قال عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، عبر حسابه بموقع تويتر، إن الراحل "عرفته عن قرب منذ التسعينيات، وعندما تولى رئاسة الحكومة في 6 ديسمبر 2011، كنت ألتقيه كل جمعة في مبنى الهيئة العامة للاستثمار".
وتابع بكري: "منذ 6 ديسمبر 2011، كانت حواراتنا تدور حول مستقبل الوطن في ظل ظروف الفوضى التي كانت سائدة في هذا الوقت، كان رجلا وطنيا بمعنى الكلمة، عقلية اقتصادية متميزة، كان مهموما بالوطن والتحديات التي تواجهه حتى اليوم الأخير".
يروي بكري أن الجنزوري قال له إنه رفض عرضا من الرئيس المصري الراحل محمد مرسي ورئيس البرلمان السابق سعد الكتاتني عندما قاما بتهنئته في أول يوم لتوليه رئاسة الحكومة في 6 ديسمبر/كانون الأول 2011.
وأوضح أن العرض تمثل في استعداد الإخوان لدعمه في الترشح لانتخابات الرئاسة مقابل تعيين القيادي في الجماعة الإرهابية خيرت الشاطر نائبا للرئيس، لكنه رفض ذلك.
ورد عليهما الجنزوري قائلا: "أنا لا أتطلع لأكثر مما أنا فيه".
ونعت الرئاسة المصرية الجنزوري ووصفته بأنه "رجل دولة من طراز فريد، كان بارًا بمصر، وفيًا لترابها وأهلها".
وقالت إن الراحل "صاحب يدٍ بيضاء في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية، وكانت له مكانته العلمية، ورؤيته الحكيمة، وقدراته القيادية المتميزة والناجحة، فضلًا عن أخلاقه الرفيعة العالية، وتفانيه وصدقه وإخلاصه في مراحل مصيرية وحاسمة من تاريخ هذا الوطن".
aXA6IDMuMTQuMTMyLjE3OCA= جزيرة ام اند امز