المتحف القومي للحضارة.. صرح مصري متفرّد بالمقتنيات الأثرية
بعد مرور سنوات طويلة تجددت فكرة إنشاء المتحف عام 1982، بحملة دولية قادتها منظمة اليونسكو لإقامته
مع تزايد الاكتشافات الأثرية في مصر خلال العامين الماضيين حرصت وزارة الآثار المصرية على تأسيس متاحف جديدة وإعادة إحياء المتاحف الأثرية التاريخية، لضم المقتنيات والقطع الأثرية المكتشفة حديثاً والمستردة من الخارج.
المتحف القومي للحضارة كان واحداً من المتاحف التي عادت إلى الحياة من جديد، ففي منتصف فبراير/شباط 2017 أعيد افتتاحه بعد تعاون مثمر بين الحكومة المصرية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في مشروع تطوير وإعادة ترميم المتحف على 3 مراحل، لترميم جميع القطع الأثرية المعروضة والتي توثق للحضارات الفرعونية واليونانية والمسيحية والإسلامية.
فكرة تشييد المتحف
المتحف الواقع بالقرب من حصن بابليون الأثري في مدينة الفسطاط جنوبي القاهرة، تعود فكرة بنائه إلى عهد الملك فاروق في الفترة من 1938 وحتى عام 1949، ولإصرار الملك فاروق على تشييد متحف مشابه لمتاحف أوروبا يوثق حضارات مختلفة، خصصت الجمعية الزراعية وقتها مبنى كاملاً بداخلها لإقامة نموذج لمتحف الحضارة لعرض جميع المراحل التاريخية في مصر عبر لوحات وقطع أثرية.
وبعد مرور سنوات طويلة، تجددت فكرة إنشاء المتحف عام 1982، بعد حملة دولية قادتها منظمة "يونسكو" لإقامة المتحف القومي للحضارة، وبعد مرور 17 عاماً وقع الاختيار على الموقع الحالي للمتحف، لتبدأ عملية البناء والحفر عام 2000، وتوضع أساسات المشروع في 2002، وينتهي البناء بعد ذلك بـ3 أعوام.
وخلال العامين الماضيين عاد الحديث عن تطوير المتحف القومي للحضارة، ليصبح المقر الرئيسي الذي يوثق جميع الحضارات التي مرّت على مصر، بعد افتتاح قاعة العرض المؤقتة بالتزامن مع الافتتاح الجزئي للمتحف.
التفرّد في المقتنيات
توثيق المتحف القومي للحضارات المختلفة بمصر إضافة إلى تاريخ المهن والحرف على مدار العصور، منحه أهمية كبرى وتميزاً بين باقي المتاحف المصرية.
ويتضمن المتحف قاعة العرض المؤقت التي تبلغ مساحتها 1000 متر مربع، وتحت عنوان "الحرف والصناعة عبر العصور" تُعرَض أهم الأدوات والمقتنيات الأثرية المتعلقة بحرف صناعة الفخار والنسيج والخزف والنجارة والحلي.
وهي قطع أثرية تقدر بنحو 352 قطعة قادمة من المتاحف المختلفة ومخازنها، إضافة لمجسمات حديثة تشرح شرحاً تفصيلياً المهن المصرية القديمة والتي أوشكت على الاندثار.
وعن أهمية المتحف، قال مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر لـ"العين الإخبارية"، إن ما يميز المتحف القومي للحضارة هو اسمه ومقتنياته، فاسمه يوضح الهدف من إنشائه الذي يتعلق بضم الحضارات المختلفة في مكان واحد، إضافة إلى التفرّد في عرض مقتنيات أثرية نادرة مثل التابوت الذهبي للملك "نجم عنخ" العائد حديثاً إلى مصر.
وأوضح وزيري أنّ عرض المومياوات الملكية داخل المتحف يزيد من أهميته الأثرية ويجذب المزيد من السياحة، مشيراً إلى نقل مومياوات من المتحف المصري بوسط القاهرة إلى المتحف القومي في مراسم ملكية بتكاتف من جميع أجهزة الدولة للخروج بمشهد يليق بصورة مصر عالمياً.
ومن المتوقع أن تُنقل 22 مومياء ملكية و17 تابوتاً ملكياً تنتمي للأسرات الـ17 و18 و19 و20، من بينها مومياء الملك رمسيس الثاني والملك تحتمس الـ3 والملكة حتشبسوت والملكة ميرت آمون زوجة الملك أمنحتب والملكة أحمسنفرتاري زوجة الملك أحمس والملك سيتي الأول والملك سقنن رع.
وكان التابوت الذهبي المسترد للكاهن "نجم عنخ" هو القطعة الأثرية الأولى المهمة التي تستقر داخل المتحف القومي، وعرضت وزارة الآثار المصرية، الثلاثاء، التابوت لأول مرة بعد استرداده من الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي نهاية سبتمبر/أيلول، استقبل المتحف تابوتين الأول لأحد النبلاء "سنجم"، وهو شخصية بارزة في عهدي رمسيس الثاني وسيتي الأول، والثاني لزوجته، بعد ترميمهما بالمتحف المصري بوسط القاهرة.
أقسام المتحف
المتحف الذي شيُد على يد المهندس المعماري المصري الغزالي كسيبة، تبلغ مساحته 130 ألف متر مربع لضم أكثر من 50 ألف قطعة أثرية، وهو مصمم على غرار المتحف البريطاني ومتحف اللوفر بباريس.
ويقسَّم المتحف بالداخل إلى معارض رئيسية دائمة وأخرى مؤقتة، يتضمن 6 معارض لشرح الكتابة والثقافة في مصر القديمة والحرف القديمة، إضافة إلى معرض متعلق بتاريخ القاهرة الحديثة، ومركز بحثي عن الترميم.
وتستهدف الأقسام الرئيسية جذب السياحة إلى مصر، ويستقطب المتحف أيضاً الزوار المصريين عبر استضافة فعاليات ثقافية لنشر الوعي بأهمية الآثار والتاريخ.