مصر.. الأزهر والكنيسة يحاصران شائعة الفتنة في الأقصر
شائعة أطلقها شاب يحب فتاة ليست من دينه، يقول فيها إنها اعتنقت الدين الإسلامي، ليتعصب على إثرها أصدقاؤه من شباب القرية
شائعة أطلقها شاب يحب فتاة ليست من دينه، يقول فيها إنها اعتنقت الدين الإسلامي، ليتعصب على إثرها أصدقاؤه من شباب القرية، في جنوب مصر، ليقرروا جميعًا التوجه لمنزل الفتاة، ليطالبوا أهلها بتسليمها. سيناريو مكرر يكاد أن يشعل فتيل أزمة طائفية لولا جهود أمنية، تزامنت مع جهود أخرى قادها الأزهر الشريف والكنيسة بمدينة الأقصر جنوب البلاد.
الأزمة، التي تدعى بطلتها أميرة جرجس، كادت أن تكون طائفية، خاصة أن الفتاة لم تكن بالمنزل، ما دفع أهلها لتجنب الخروج للشباب الغاضبين، خوفًا من تصادم محتمل أو اعتداء عليه، لكن الشباب اندفع بإلقاء الحجارة على منازل الأقباط في القرية، ما دفع قوات الأمن للتدخل بعد وقوع اشتباكات، بحسب رواية الباحث القبطي عز توفيق.
ويروي عز، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "تجمع مجموعة من الشباب وأهالي قرية المهدات التابعة لمركز العديسات بالأقصر يطالبون من الأقباط بالقرية، أن يسلموا شابة مسيحية تبلغ من العمر 18 عامًا، على أساس أنها تابعة لهم وأنها مسلمة دون مستندات أو دليل.
ونقل عز عن والد الفتاة قوله: إن "شابًا مسلمًا بالقرية حرض الفتاة على الهرب وهددها بقتل أهلها، ما دفع الأسرة إلى إرسال الفتاة إلى أحد أفراد العائلة خارج المحافظة، خوفًا من الإثارة وتصعيد الأحداث، خاصة أن منازل الأقباط نحو 4 منازل وسط القرية فقط".
الرواية نفسها، تسردها عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، النائبة مارجريت عازر، في بيان لها، قائلة: "تتابع الواقعة منذ بدايتها، وأن الفتاة صاحبة الواقعة هي أميرة جرجس- قاصر وفي المرحلة الثانوية، ولا يجوز زواجها أو إشهار إسلامها، ولم تعتنق الإسلام أو تتزوج حسبما أشيع من شاب مسلم عاطل يدعى "إبراهيم محمد"، لافتة إلى أنه بناء على تهديدات وصلت إليهم بقتل والدها في حالة رفضها الزواج، ومنعاً للمشكلات خرج بها والداها من القرية لحل الخلاف".
وتابعت النائبة، في بيانها، الذي وصلت بوابة "العين" الإخبارية نسخة منه: هناك من استغل هذه الواقعة ويعبث بأياد خفية، لبث الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط داخل القرية، واندلاع أعمال عنف وتحريض والتي ما زالت مستمرة من المتشددين بالقرية ومن القرى المجاورة يشيعون بأن الأقباط يحبسون فتاة تريد الإسلام، ويتجمهر المئات من المتشددين لإشعال أزمة وتفتيت الوطن.
وطالبت الحكومة بمواجهة هذه الأزمة بكل حسم ضد من يشعل الفتنة بين المسلمين والأقباط، ثانياً: سن تشريع لرفع سن الزواج، وعودة جلسات النصح والإرشاد الخاصة المعتقدات الدينية ووجود رادع أمني حتى لا يحدث أي نوع من الفتن الطائفية.
والجمعة الماضي، تجمهرت مجموعة من أهالي القرية وحاصروا منازل الأقباط، وعندما رفض أهالي الفتاة الخروج بدأ الأهالي في إلقاء حجارة على منزلهم، فتدخلت قوات الأمن لتفريق المتجمهرين، قبل أن تلقي القبض على 11 شخصًا منهم، بتهمة التظاهر والتجمهر وترويع مواطنين وإثارة الفتن الطائفية والاعتداء على رجال الشرطة.
وبالتزامن مع تدخل الأمن، كثف كل من الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، جهودهما للتصدي لتبعات الأزمة، من خلال تواجد الوعاظ من الجانبين، للتحدث مع أهالي القرية، لا سيما بعد إعلان القمص صرابامون الشايب أمين دير القديسين بالطود بالأقصر، أن "أميرة" ترفض مقابلة أي شخص، وهو ما أثار شكوك الأهالي حول صحة ادعاء الشاب.
عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، قال، لبوابة "العين" الإخبارية، إن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، وجّه بشكل حاسم بالتصدي لأي محاولة لإيقاع الفتن بين أبناء الوطن، في ضوء الأزمة الطائفية الأخيرة التي شهدتها مدينة الأقصر جنوب البلاد.
وخلال حوار عبر الهاتف الإثنين، أوضح شومان أن الأزهر يبذل قصارى جهده لوأد الفتنة الأخيرة؛ حيث هناك وفد من الأزهر بصدد التوجه لمدينة الأقصر لمشاركة وعاظ الأزهر الموجودين في قلب المدينة، لمتابعة الأزمة الطائفية والعمل على حلها في أسرع وقت ممكن. وكشف وكيل الأزهر أن الأزهر الشريف يبحث حاليًا إنشاء فروع لكيان "بيت العائلة المصري" في الخارج للعمل بشكل فاعل على وأد الفتن الطائفية على غرار الداخل.
و"بيت العائلة المصري" كيان مكون من الأزهر الشريف والكنيسة القبطية وهيئات أخرى، دعا إليه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بعد مجموعة حوادث اعتداء على كنائس مطلع عام 2011، بهدف الحفاظ على النسيج الوطني الواحد في مصر.
علاء علي، الباحث القبطي بمركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية، قال، لبوابة "العين" الإخبارية، إن الأزمة الأخيرة لا يمكن أن نطلق عليها "فتنة طائفية"، مضيفًا "لا يوجد شيء واضح ولكنها جميعها شائعات، ومردودها ليس إيجابيًا على المناخ العام".
وشدد "علي" على أن مثل هذه "الأحداث" لن تؤثر على مبدأ المواطنة الموجود بالفعل، لافتًا إلى أن ما حدث لن يخرج عن كونه "حادثا فرديا".