رغم مرور أيام وأحداث عدة في المنطقة منذ زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للإمارات، فإن أصداء الزيارة لا تزال تتردد.
الكل يدرك أن لقاءات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، متواصلة ودائمة التشاور، حتى دون وجود أحداث طارئة في البلدين أو الإقليم، إلى درجة أن تعامل القائدين مع الملفات، التي تمس الأمن القومي العربي، تكاد تكون موحدة الرؤية، غير أن هذه الزيارة، التي تأتي عقب اعتداء مليشيا "الحوثي" الإرهابية ضد منشآت مدنية على أرض الإمارات، ذات دلالة من ناحية عمق العلاقات والتفاهم بين الإمارات ومصر في كل ما يمس البلدين والقضايا العربية، وكذلك من ناحية طريقة التعبير السياسي للدعم والتضامن مع دولة الإمارات من الشقيقة مصر، علاوة على الصلة القوية بين قيادتي البلدين وحرصهما على التعاضد العربي.
إن حالة التعاون السياسي الإماراتي-المصري باتت تقدم نموذجاً مثاليا للعمل العربي في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
وهنا يجب توضيح أمر هام وأساسي ضمن قراءة أبعاد الزيارة المصرية، إذ إنها رسالة تجديد للتضامن والتعاون الوثيق مع الإمارات ضد كل ما يمس أمنها بأي صورة، وهي الدولة القادرة عسكريا ودبلوماسيا واقتصاديا لردع كل من تسوِّل له نفسه المساس باستقرارها وأمن مواطنيها والمقيمين على أرضها.
كما أن الزيارة المصرية إعلان عملي للشكل الأمثل، الذي يجب أن يكون بين الأشقاء العرب، عبر شفافية ووضوح يقطعان الطريق على أوهام وتفسيرات خيالية لدى المترصدين.
وفق ما سبق، تعد زيارة الرئيس المصري للإمارات طبيعية ومنطقية تماماً، فالزيارة في أبسط معانيها السياسية ترجمة عملية لما سبق للرئيس السيسي أن أكده أكثر من مرة حول موقف مصر من أمن دول مجلس التعاون الخليجي، عندما ذكر مرارا أن أمن مصر من أمن الخليج، مكررا جملته الشهيرة "مسافة السكة" بمدلولها عن وحدة المصير العربي.
لكن إذا ما وسعنا دائرة فهم زيارة الرئيس "السيسي" إلى الإمارات، فضلا عن استمرار التفاهم والتنسيق بين الدولتين الشقيقتين، فإن اللقاء الذي جمع بين كل من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع جلالة الملك حمد بن عيسى، عاهل مملكة البحرين، والرئيس المصري، يؤكد الشمولية في المنظور والتحرك المصري-الإماراتي للتباحث والنقاش حول الملفات العربية، خاصة مع قرب موعد القمة العربية في الجزائر، والمزمع عقدها في مارس المقبل، وربما ملفات أخرى تستطيع الإمارات التحرك فيها بما يخدم في النهاية مصلحة البلدين والأمن العربي.
لم تكن زيارة الرئيس "السيسي" إلى الإمارات ذات بُعد واحدة بالتأكيد، وإنما تتعلق بمنظومة متكاملة ومتشعبة للتعاون والتضامن العربي.. منظومة متناغمة تبدأ إماراتية-مصرية وتنتهي خليجية-عربية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة