زيارة أردوغان لمصر.. خبراء يرصدون لـ«العين الإخبارية» ملامح «صفحة جديدة»
"صفحة جديدة" بالعلاقات الثنائية أعربت مصر وتركيا عن رغبتهما بفتحها، تؤسس لمرحلة بملامح مختلفة سيكون لها تداعيات على عدد من الملفات.
"لنضع الخلافات جانباً ونركز فيما نتوافق عليه"، ربما كان ذلك العنوان العريض الذي وضعه خبراء استطلعت "العين الإخبارية" آراءهم بشأن نتائج زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء إلى مصر، وما جاء على لسانه خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي.
وعلاوة على أن الزيارة تأتي ترجمة عملية لحقبة جديدة في العلاقات، يجمع الخبراء أيضاً على أن منطقة الشرق الأوسط هي الرابح الأكبر من قمة الرئيسين وما جاء فيها.
ويرون أن نتائج الزيارة تؤشر لانعطافة في السياسات قائمة على التهدئة بما يخدم الاستقرار الإقليمي، ويساهم في معالجة الكثير من أزماته على غرار الوضع في ليبيا والقضية الفلسطينية، إلى جانب تعزيز المكاسب والمنافع بين الجانبين.
تنحية الخلافات
على مدار الأشهر الماضية، حرصت مصر وتركيا على التركيز على مواطن التفاهم والتقارب بين البلدين والابتعاد عن القضايا الخلافية أو تنحيتها جانباً أو ربما مناقشتها في مراحل لاحقة.
توجه تجلى خلال المؤتمر الصحفي المشترك بين الزعيمين المصري والتركي، وفق الدكتور محمد فايز فرحات، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية بالقاهرة.
ووصف "فرحات"، في حديث لـ"العين الإخبارية"، هذا المسار بين البلدين بـ"النهج العقلاني للغاية"، قائلاً إن "أي دولتين بينهما بعض القضايا الخلافية ولديهما إرادة لتطوير العلاقات من الطبيعي أن يتم التركيز على القضايا موضع التوافق".
"أما تلك الخلافية"و يتابع، فـ"يمكن الاستمرار في بحثها على مستوى وزراء الخارجية أو مسؤولي البلدين إلى حين الوصول لتوافق مشترك".
ويؤكد الخبير أنه كلما تطورت العلاقات في الملفات ذات التفاهم انعكس ذلك على التوافق بشأن القضايا الخلافية، وبالتالي من الأهمية بمكان التركيز على المصالح المشتركة والقضايا ذات التوافق وتعميق العلاقات.
وخلص إلى أن هذا هو المنهج الواعي القادر على تجاوز كل التباينات والتناقضات.
وأعرب "فرحات" عن قناعته بأن تطوير العلاقات بين مصر وتركيا في ضوء زيارة الرئيس التركي لن تقتصر تداعياته الإيجابية على المصالح المشتركة على المستوى الثنائي، وإنما سينعكس إيجابياً على الإقليم وعلاقة الدول العربية بالجوار في ظل توجه لإنهاء حالة الاستقطابات القائمة في الشرق الأوسط وبناء علاقات أكثر استقراراً.
تحديات مشتركة
من جانبه، يرى المحلل السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو، أن مصر وتركيا دولتان كبيرتان في المنطقة ولديهما تحديات مشتركة كبيرة سواء في الملف الليبي أو جماعة الإخوان وغيرها من الملفات الشائكة.
ويقول كاتب أوغلو، لـ"العين الإخبارية"، إن زيارة أردوغان تفتح الباب أمام كثير من قنوات الحوار والسعي نحو تذليل العقبات.
وبحسب الخبير، فإن "الزيارة تعني طي صفحة الماضي والخلاف وبدء صفحة جديدة في العلاقات لا تقوم على فكرة أن طرفاً يقدم تنازلات لطرف آخر، وإنما تأتي في إطار المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة وتعزز العلاقات الاستراتيجية في ظل وجود تهديدات إقليمية جسيمة".
ولفت إلى أن "أنقرة بدورها مهتمة بتطوير العمل الثنائي المشترك مع القاهرة"، مشيرا إلى أن أمن واستقرار الإقليم كان على رأس أولويات أردوغان خصوصاً في الملف الفلسطيني والتأكيد على رفض إخلاء قطاع غزة من سكانه وتهجيرهم، ودعم جهود وقف إطلاق النار الشامل والدائم.
الملف الفلسطيني
الملف الفلسطيني طغى على ما جاء بالمؤتمر المشترك بين السيسي وأردوغان، حيث أكدا توافقهما بشأن التصدي لمخطط تهجير سكان غزة، وتحدثا عن العمل المشترك لدعم الشعب الفلسطيني.
وأشارا كذلك إلى ملف إعادة إعمار غزة الذي سيكون نقطة تلاقٍ كبيرة بين البلدين خلال الفترة المقبلة.
وتعقيباً على ذلك، يقول الدكتور حسن عصفور، وزير المفاوضات الفلسطيني السابق، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إنه بحكم موقع ومكانة مصر وتركيا في المنطقة، فإن التقارب الكبير بينهما يعطي أملاً في إمكانية تغيير معادلة الحرب القائمة، ليس هذا فحسب بل وحتى في مرحلة ما بعد الحرب.
وأضاف "عصفور" أن هذا يأتي كون مصر ذات علاقات تاريخية بفلسطين، أما تركيا فبحكم طموحها وما لديها من توجه خلال الفترة الماضية نحو إعادة بناء علاقاتها مع المنطقة.
واعتبر أن ما تقدم "سينعكس بشكل إيجابي لخلق تعاون يساهم في وقف الحرب على غزة، ثم الحديث لاحقاً عن إعادة القطاع إلى الحياة مثل ملف إعادة الإعمار وكافة المجالات الأخرى".
وأكد الوزير الفلسطيني السابق أن القاهرة وأنقرة قادرتان -بالتعاون مع الدول العربية الأخرى- على تشكيل ثقل بشأن ما سيأتي سياسياً بخصوص الوضع الفلسطيني والمفاوضات مستقبلاً، لا سيما أن إعادة إعمار غزة لن يحدث ما لم تكن هناك تفاهمات سياسية.
الملف الليبي
وتطرق الزعيمان المصري والتركي إلى الأزمة الليبية التي كانت إحدى أبرز ساحات الخلاف إن لم تكن أكثرها سخونة بين القاهرة وأنقرة.
لكن جاءت العبارات شبه واحدة بين "السيسي" و"أردوغان" خلال المؤتمر المشترك تؤكد على مسألة الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية ودعم مسار الحل السياسي والترحيب بالتفاهمات التي تجري بشأن شرق المتوسط.
وتعليقا على تصريحات الرئيسين بشأن هذا الملف، يرى الدكتور سلامة الغويل وزير الدولة الليبي للشؤون الاقتصادية السابق، أن تقارب مصر وتركيا بهذه الطريقة "سيكون له تأثير مباشر على الأزمة الليبية".
وأعرب الغويل، لـ"العين الإخبارية"، عن توقعاته بأن يمهد هذا التقارب الطريق أمام إنتاج حكومة ليبية جديدة بعقلية مختلفة تحقق تطلعات الشعب الليبي، داعيا أنقرة والقاهرة إلى "مساعدة الليبيين للتوصل إلى حكومة جديدة وفق قرار ليبي".
aXA6IDMuMTQ1LjE2My4xMzgg
جزيرة ام اند امز