الروائي المصري وحيد الطويلة: طمأنينة المبدع "لعنة" تحوّله لموظف
الطويلة يرى في حوار مع "العين الإخبارية" أن ألد أعداء الكاتب هو الارتكان إلى الشعور بالتحقق والانتشار أو ما يسميه البعض "النجاح"
قال الروائي المصري وحيد الطويلة إن الكاتب لا يشعر بالرضا عن منجزه الأدبي وإلا تحول من مبدع يبحث عن مغامرة إلى موظف ينتظر راتبه في نهاية الشهر، مضيفاً أن طمأنينة الكاتب "لعنة" تقصف أجنحة الإبداع والجنون.
وأضاف الطويلة -في حوار مع "العين الإخبارية"- أن ألد أعداء الكاتب هو الارتكان إلى الشعور بالتحقق والانتشار، أو ما يسميه البعض "النجاح".
صدرت للطويلة هذا الشهر رواية جديدة عن دار "الشروق" المصرية بعنوان "جنازة جديدة لعماد حمدي" تدور في أجواء من الكوميديا السوداء في عالم صغار المجرمين ومسجلي الخطر، وبرر الطويلة لجوءه إلى نحت هذا العالم روائياً برغبته في كشف قاع المدينة على نحو لا يعرفه المثقفون.
ويعد الطويلة واحداً من الأسماء البارزة على الساحة المصرية حالياً، وسبق له أن أصدر عدة أعمال لاقت نجاحاً نقدياً متميزاً ومنها: باب الليل، أحمر خفيف، حذاء فليني، ونالت الأخيرة جائزة "ساويرس" للإبداع في مصر.
كيف تجد ردود الفعل تجاه روايتك الجديدة؟
جيدة جداً، هناك دراسات نقدية جادة وتتسم بالعمق والحذق نُشرت حولها، فضلاً عن دراسات أخرى قادمة في دوريات شهرية أو فصلية، وإقبال القراء على العمل في منافذ التوزيع مبهج، خصوصاً حين تشعر كمؤلف أن هناك قاعدة من القراء باتت تترقب جديدك.
إلى أي حد يشعرك هذا بالنجاح؟
يشعرني بالمسؤولية أولاً وأخيراً، هناك قارئ يضع رهاناته عليك ويجب ألا تخذله، هذه فاتورة النجاح الحقيقية إذا كان ثمة نجاح، لو سألتني ما هو ألد أعداء الكاتب لقلت لك فوراً الارتكان إلى شعوره بالتحقق والانتشار، أو ما تسميه أنت النجاح، دعني أصغها بعبارة أخرى: "الطمأنينة لدى المبدع تتحول إلى لعنة، تقصف أجنحة المغامرة والجنون، وتحوله إلى موظف ينتظر راتبه آخر الشهر".
ماذا تفعل لتتجنب هذا المأزق؟
أتذكر فرناندو بيسوا في كتابه الأشهر "اللاطمأنينة"، إذ يكفي العنوان وحده ليذكرك إذا نسيت، أتذكر المتنبي وكيف عاش حياته وفق هذين البيتين الرائعين اللذين أعتبرهما يمثلانني بشكل شخصي:
فما حاولت في أرض مقاماً
ولا عزمت عن أرض زوالاً
على قلق كأن الريح تحتي
أوجهها جنوباً أو شمالاً
ما الجذاب في عالم هذه الرواية؟
كل ما يمس المهمشين والمنسيين يشكل نقطة جذب لا يمكن مقاومتها، ثم لا تنسَ فكرة قاع المدينة والبحث عن التأريخ غير الرسمي للوجود.
العالم السفلي للعواصم الكبرى يشكل دائماً مصدراً شديد الثراء في تناقضاته ونماذجه الإنسانية والمادة الخام لنحت كوميديا سوداء، والحق أن الحياة بمجملها وخبراتها الإنسانية تعد بمثابة صلصال حي لنحت أعمال عظيمة، لكننا فوجئنا في بعض الفترات أنَّ فصيلاً ما من الأدباء مسجون في شرنقة ذاته الضيقة ويقدم كتابة مكررة بحجة الاشتغال على "اليومي" و"العادي"، فضلاً عن الفهم الخاطئ لمقولات الحداثة وما بعدها من جانب هؤلاء.
لماذا اخترت أسماء كوميدية لأبطال الرواية مثل "ابنة هوجان، سيد كباية"؟
المحاولة هنا بالأحرى للمس مكون من مكونات عبقرية الشخصية المصرية وقدرتها على تجاوز المحن والأزمات والأوجاع بالسخرية منها، الأسماء التي تسميها أنت كوميدية هي سمة من سمات الأحياء الشعبية والعشوائيات في بلد ضخم ومتنوع مثل مصر، ولا تنس أن الكاتب لدى اختياره أسماء شخصياته هو محكوم بالفضاء الدرامي العام الذي تتحرك فيه تلك الشخصيات.
هل تزعجك عشوائية المشهد الروائي العربي؟
لا تزعجني إطلاقاً، فحتى الروايات الرديئة مطلوبة، لأن لها جمهورها، قد يكون الأدب رسالة، لكنه أيضاً سلعة تخضع لآليات السوق، ولا يوجد فن إبداعي واحد على مدار التاريخ عاش بالموهوبين فقط، لندع كل النوافذ والزهور تتفتح، وفي النهاية لن يصح إلا الصحيح ولن يبقى في الذاكرة سوى الموهوبين فقط.
الموهوبون يشكون غياب المتابعة النقدية لرواياتهم، لماذا برأيك؟
هناك نقاد وباحثون يبذلون جهداً صادقاً، ولكن طوفان الروايات يجرف في النهاية تلك الجهود الفردية المبعثرة، نحن بحاجة لأفكار خارج الصندوق لتقليل تلك الفجوة بين الإبداع والنقد، ليس في ذهني مقترحات محددة، ولكن أعتقد على سبيل المثال أن جيش الباحثين والأكاديميين القابع وراء أسوار الجامعة لو خرج للواقع واشتبك بقوة مع الإنتاج الأدبي على الأرض لاختلفت الصورة.
aXA6IDE4LjIyMy4yMzcuMjQ2IA== جزيرة ام اند امز