مصريون يواجهون العنصرية بعد تعيين "منال" محافظا لدمياط
موجة انتقاد شديدة وجهها عدد من المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي ضد من رفضوا تولي منال عوض ميخائيل مسؤولية محافظة دمياط.
ربما لا تزال ثقافة تقبل وجود المرأة في المناصب القيادية تحتاج لمزيد من الدعم في مصر، لكن الإيمان بوحدة المصريين من دون النظر إلى الدين، يبدو راسخاً ومتجذراً في الشخصية المصرية، وهو ما أظهرته التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي التي استقبل بها المصريون خبر تولي منال عوض ميخائيل مسؤولية محافظة دمياط في حركة المحافظين الجديدة.
أغلب التقارير الصحفية التي تابعت حركة المحافظين الأخيرة، صدّرت عنوان أنها "أول سيدة مسيحية تتولى المنصب في التاريخ المصري"، وجاء في الخلفية أنها "ثاني سيدة تتولى هذا المنصب" بعد المهندسة نادية عبده المحافظ السابق للبحيرة.
وبينما أثار الوصف الأول استياءً عاماً بين المصريين الذين رأوه تجسيداً لروح الفرقة التي ينبذها المصريون بطبيعتهم، اختلف في المقابل هؤلاء الرافضون حول دلالة الوصف الثاني، بين من رأى أن تجربة المرأة في محافظة البحيرة تشجع على التكرار، وبين من يرى أن مثل هذه الوظائف التنفيذية لا تتلاءم مع المرأة.
ويقول محمد عبدالحليم تعليقاً على عنوان "منال عوض ميخائيل.. أول سيدة مسيحية في مقعد المحافظ" الذي عنونت به إحدى الصحف تقريرها: "لماذا هذا التفكير العنصري الذي يوجد في العنوان.. لا يهم إن كانت السيدة مسيحية أو مسلمة الأهم هو أنت تكون جديرة بالمنصب".
واتفق معه حسين السيد، الذي علق غاضبا: "ما هذا العنوان الاستفزازي.. منذ متى ونحن نكتب مسلم ومسيحي.. لا تكونوا مثل الدبة التي قتلت صاحبها، فأنتم تريدون توصيل رسالة أنه لا يوجد فرق بين المسلم والمسيحي، ولكن الطريقة مضرة وغير مفيدة".
وتساءلت منال حسن: "هل كتبتم عندما تولت نادية عبده منصب محافظ البحيرة، أنها أول امرأة مسلمة تتولى المنصب.. رجاءً عندما نتكلم عن أي شخص لا نذكر ديانته، فنحن نشتكي من العنصرية ونمارسها دون أن ندري".
وطالب محمد سويلم بأن يكون المعيار هو الكفاءة وليس الديانة، وقال: "أهم حاجة تكون كفء وأمينة ولديها مؤهلات المنصب، وليس مهماً ديانتها.. فهذا التفكير هو الذي ينهض بالأمم".
وما طالب به سويلم كان مسار جدل بين من رأى أن السيرة الذاتية لمنال عوض ميخائيل تؤهلها لمنصب محافظ دمياط، وبين من رأى أنها قد تكون ناجحه في المناصب التي تقلدتها، ولكن تولي مسئولية محافظة بأكملها قد يكون أكبر من قدراتها كامرأة.
وتشير السيرة الذاتية لمنال إلى أن آخر المناصب التي تقلدتها قبل توليها مسئولية محافظة دمياط هو منصب نائب محافظ الجيزة لشئون خدمة المجتمع والبيئة.
واستطاعت منال خلال توليها المنصب تحقيق العديد من الإنجازات منها تطوير المناطق العشوائية بمحافظة الجيزة، والحصول على عدد كبير من المنح والتمويلات من المنظمات العالمية لتطويرها، وتجهيز سوق حضاري للباعة الجائلين بمنطقة العمرانية بتكلفة 3 ملايين جنيه، والتواصل مع منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية لحل مشكلات المعيلات والمطلقات واللاتي فقدن مصادر رزقهن، ووضع خطة لتطوير البنية التحتية للقرى الأكثر فقراً في المحافظة وعددها 25 قرية.
ويقول محمود السيسي بعد أن سرد هذه الإنجازات : "امرأة تحقق كل ذلك تستحق أن تمنح الفرصة لتولي المسئولية الأكبر دون النظر إلى جنسها".
وفي مقابل هذا الرأي الذي تردد عند كثيرين، ذهب آخرون ومنهم مصطفى سالم إلى أنه ليس معنى نجاحها في عمل صغير أن تكون مؤهلة لعمل أكبر، وقال: " ما المشكلة أن نعترف أن طبيعة المرأة لا تؤهلها لهذه المسئولية الكبيرة، وإن كانت قد نجحت فيما هو أصغر".
ولم يذكر مصطفى المزيد من التفاصيل التي دعته لاتخاذ هذا الموقف، وهو ما دفع محمود فوزي الذي عرف نفسه بأنه من أبناء محافظة البحيرة إلى التعليق على رأيه قائلاً: "أرفض ما ذهبت إليه، فالمهندسة نادية عبده التي تولت المحافظة التي أنتمي إليها كان أداؤها ونشاطها لا يختلف عن أي رجل، بل يزيد".
ولا يشعر المفكر جمال أسعد بالقلق من هذا الاختلاف حول كفاءة المرأة لهذا المنصب، لكن ما يبشر ويبعث على الطمأنينة هو حالة الرفض الشعبي لوصف "أول مسيحية".
ويقول أسعد، الذي اشتكى كثيراً من وصفه بـ"المفكر القبطي" لـ"العين الإخبارية": "كثيراً ما كان يزعجني وصف الإعلام لي بالمفكر القبطي، رغم تأكيدي عليهم بضرورة وصفي بالمفكر المصري، لذلك أنا سعيد جداً برفض المصريين لوصف (أول مسيحية)".
ويتابع: "منصب المحافظ وظيفة سياسية وليست دينية، نختلف حول كفاءة الشخص لتوليها، وليس من المقبول وصف صاحبها دينياً بأنه مسلم أو مسيحي".
ويضيف: "الجميل أن المصريين عبروا بشكل يبعث على السعادة عن رفضهم لثقافة التمييز، أما أمر اختلافهم حول الجنس، فيمكن علاجه".
وطالب أسعد وسائل الإعلام بالتحرر من الحديث على أرضية دينية، مشيراً إلى أن الأوصاف الدينية تثير المتطرفين والمتشددين، الذين يرون أنه ليس من حق المسيحي تولي أي منصب.