مصريون يحيون "شم النسيم" بالحدائق: لن نستسلم للإرهاب
مجدي متولي قال "أرى أن خروجنا اليوم هو أكبر رد على كل ما يفعله الإرهابيون.. نختار أماكن آمنة لكننا لا نخاف، وقادرون على المواجهة".
فيما بدا تحدياً للإرهاب، أصر المصريون، الإثنين، على الاحتفال بعيد الربيع المعروف محلياً بـ"شم النسيم"، دون أن تقيدهم المخاوف من التفجيرات الأخيرة التي نفذها انتحاريون بكنيستين مصريتين، الأسبوع الماضي.
ومع الساعات الأولى للصباح، خرجت الأسر المصرية إلى مختلف الحدائق والمتنزهات للاستمتاع بجمال الطبيعة، مصطحبين معهم صغارهم، الذين حرصوا على تلوين البيض بألوان مبهجة لأكلها مع الأسماك المملحة، التي حرصت أمهاتهم على إعدادها طوال الأيام الماضية.
ومن بين الأماكن التي حرص المصريون على زيارتها، حديقة الحيوان، والتي تعد الأكثر جذباً في شم النسيم عبر سنوات طويلة، إذ تبلغ مساحتها نحو 80 فداناً، وتقع بالقرب من الضفة الغربية لنهر النيل وتضم جداول مائية وكهوفاً بشلالات مائية وجسوراً خشبية، وبحيرات للطيور المعروضة.
ومنذ شهر تقريباً، استعدت حديقة الحيوان بالجيزة، الملاصقة للقاهرة، لاستقبال أعياد الربيع، حيث تم تنظيف الحديقة بشكل كامل، وصيانة وترميم المقاعد الخشبية، بحيث تكون متاحة للجميع، كما تم تجديد المسطحات الخضراء بالحديقة، وزيادة أعداد صناديق المهملات، وتزويد الحديقة بالأسوار الحديدية، للفصل بين الزوار والحيوانات.
وداخل الحديقة، قالت رحمة أشرف، ربة منزل، لبوابة "العين" الإخبارية: "شم النسيم مناسبة ننتظرها من عام إلى آخر.. حتى أننا نرتدي فيها ألواناً مبهجة.. نحاول أن نفرح برغم كل شيء حولنا لأننا لو استسلمنا ستكون النهاية".
وتتابع رحمة التي لم تخشََ من التفجيرات الإر هابية: "الخوف هو أكبر عدو للإنسان ولو تملك الخوف منا لن نخرج من بيوتنا.. لا يمكن أن نستسلم لمخاوف قد تحدث وقد لا تحدث.. ربنا الحافظ".
وعلى غرار رحمة، اتخذت "هبة أمين"، خريجة جامعية، قرارها بالذهاب إلى معرض الزهور، اليوم، بصحبة أسرتها الصغيرة، للاستمتاع بالأنواع المختلفة من نباتات الزينة والورود الطبيعية، كما أنها أرادت شراء زرعة تذكرها بهذا اليوم، على حد قولها.
وتقول "هبة" لبوابة "العين": "فكرت في الخروج لمكان غير مزدحم، وطلبت من زوجي إحضارنا إلى هنا، خاصة أني كنت أرغب في زيارة المعرض منذ فترة ووجدتها فرصة مناسبة اليوم.. خصوصاً أننا في حاجة لتغيير جو بشكل عام بعد الأحداث الأخيرة، سواء سياسياً أو حتى على مستوى أسرتي الصغيرة".
من جانبه، يقول مجدي متولي، 30 عاماً، لبوابة "العين" الإخبارية، إنه بصدد قضاء شم النسيم مع أسرته في النادي، معتبراً أن هذا اليوم بمثابة فرصة لقضاء وقت ممتع بعيداً عن ضغط العمل، مضيفاً: "الإرهاب أكبر تحدٍّ يواجه أسرتي وباقي الأسر المصرية".
وتابع مجدي، أنه " أرى أن خروجنا اليوم هو أكبر رد على كل ما يفعله الإرهابيون.. نختار أماكن آمنة لكننا لا نخاف، وقادرون على المواجهة".
ولا تقتصر الاحتفالات بأعياد الربيع على الحدائق والمتنزهات العامة، غير أن عشرات الأسر المصرية توافدت على شاطئ النيل مع الصباح الباكر، للاستمتاع بشم النسيم، وسط الخضرة ومنظر البحر والهواء المنعش، فيما فضلت بعض الأسر أن تستقل مراكب أو ما يعرف بالـ"الأتوبيس النهري"، لتبحر في رحلة نيلية لمدة ساعة يأكلون فيها الأكلات المخصصة لهذه الاحتفالات.
وعادة ما تحرص الأمهات قبل الخروج للحدائق والمتنزهات على تحضير وجبة الإفطار بصحبة الأبناء، ومساعدتهم في تلوين البيض، وفي بعض الأحيان تكون نفسها وجبة الغذاء، حيث تضم الأسماك المملحة أو المدخنة، بجانب أحزمة من البصل الأخضر.
ويحتفل المصريون سنوياً بيوم "شم النسيم" في اليوم التالي لاحتفال المسيحيين المصريين بـ"عيد القيامة"، وهو احتفال فرعوني في الأساس، ويشارك فيه كل طوائف الشعب المصري، وله طابع فلكوري يتميز بأطعمة خاصة تميزه.
وترجع بداية الاحتفال بعيد شم النسيم، أحد أعياد مصر الفرعونية، إلى نحو عام 2700 قبل الميلاد، ويعود نسبه إلى الكلمة الهيروغليفية القديمة “شمو” وتعني “عيد الخلق” أو “بعث الحياة”، في اعتقاد لدى المصريين بأن ذلك اليوم يرمز لبدء خلق العالم وبعث الحياة.
وتمر احتفالات هذا العام وسط الأحزان التي خلفها تفجيرا الكنيستين بالإسكندرية وطنطا، شمال القاهرة، في نفوس كل المصريين، ما قد يجعله فرصة لإذابة هذه الأحزان، لأن كثيرين منهم على اختلاف انتماءاتهم الدينية، لا يفرقون بين عيد الفصح وموسم شم النسيم، وهو ما يمثل انسجاماً وطنياً.