عيد الفطر بالسودان.. فرحة تسرقها غيوم المشهد
وسط أجواء ملبدة بالغيوم، حل عيد الفطر المبارك في السودان هذه السنة، مخلفاً فرحة منقوصة بسبب سيل من الأزمات تلاحق هذا البلد.
ومع الإشراقات التي شهدها السودان في كافة المجالات، فرضت بعض الأحداث المؤسفة نفسها بقوة لتعكر صفو المشهد الداخلي بشكل ملحوظ، تاركة الخوف من مصير مجهول في نفوس الكثيرين.
ويشير بعض السودانيين إلى أن أحداث أمس الأربعاء التي شهدها محيط قيادة الجيش بالخرطوم وراح ضحيتها قتيلان، بجانب العديد من الوقائع المماثلة والموت جراء الصراعات القبلية في دارفور، غيرت طعم عيد الفطر هذه السنة وصار ليس كسابقاته.
ولم تكن الأزمة الاقتصادية الطاحنة وتجلياتها مُبَرئةَ من انتقاص فرحة السودانيين بعيد الفطر الحالي، فقد حُرِم الكثيرون من شراء المستلزمات الخاصة بهذه المناسبة إثر موجة الغلاء الفاحش، وضعف القوة الشرائية للعملة الوطنية "الجنيه".
لكن حادثة التاسع والعشرين من رمضان، وما أعقبها من ردود أفعال واسعة عمقت الجراح الناجمة عن تراجع الاقتصاد فيما يلي فرحة العيد إثر أحزان عمت الشارع السوداني.
ضبابية المشهد التي خلفتها هذه المشكلات أثارت قلق السودانيين بشكل كبير على مستقبل الانتقال السياسي والاستقرار ببلادهم، وهو ما أفقدهم طعم عيد الفطر هذه المرة، وفق كثيرين.
يأتي ذلك وما تزال ملامح الانتصار التي عطرت أجواء عيد الفطر السابق، تدور في مخيلة السودانيين بعد أن توصلت أطراف الثورة من العسكريين والمدنيين لاتفاق تاريخي حول تقاسم السلطة في شراكة سياسية ملهمة جذبت أنظار العالم.
وجرت وقائع الأربعاء المؤسفة، أثناء إفطار جماعي أقامته عائلات ضحايا الثورة على مقربة من قيادة الجيش السوداني بالخرطوم، بمناسبة الذكرى الثانية لفض اعتصام الخرطوم، وأدت لسقوط قتيلين.
وعكست ردود الأفعال على هذه الأحداث حالة من الإشفاق والتوتر والخوف من تراشقٍ بين شركاء الفترة الانتقالية قد يعصف بكل ما حققته ثورة ديسمبر المجيدة خلال الفترة التي أعقبت نجاها، أقلها التقدم الذي حدث في كثير من المجالات لاسيما بسط الحريات العاملة وكفل حق التظاهر السلمي.
آلام السودانيين
لكن التعاطي السريع للسلطة الانتقالية مع هذه القضية وإعلان توقيف المتهمين بالتورط في هذه الجريمة، وفق مراقبين، خفف موجة الغضب بشكل ملحوظ أملاً في تحقيق العدالة وعودة اللحمة بين المكونات الحاكمة وصولاً للاستقرار المنشود.
ويقول تاج الدين الفاتح وهو معلم بالمرحلة الإعدادية: "الخوف على مستقبل بلادنا أفسد علينا فرحة عيد الفطر المبارك هذه، فحلت علينا أحداث القيادة في الوقت الذي كنا نتأهب لاستقبال هذه المناسبة ونحن سعداء بتجاوز عقبة رمضان الذي أتى في ظروف معيشية قاسية".
وأضاف الفاتح خلال حديثه "للعين الإخبارية": "ليس من مصلحة بلادنا أي تشاكس، ينبغي البعد عن التجاذبات بين مكونات السلطة لضمان نجاح الفترة الانتقالية.. هذه مسؤولية تاريخية تقع على عاتق الجميع".
وتابع: "نأمل عندما يأتي عيد الأضحى المقبل أن يجدنا أكثر تلاحما ونكون قد حققنا العدالة لعائلات شهداء الثورة فهذا هو المدخل السليم لعلاج كثيرا من تعقيدات مشهدنا الداخلي".
ذات الشعور ينتاب بشير الصديق وهو خريج جامعي، حيث يرى أن عيد الفطر في بلاده هذه السنة دون طعم، فليس هناك ما يثير الفرح والبهجة، وفق تقديره.
ويقول الصديق "للعين الإخبارية": "تحاصرنا الأزمات من كل جانب، فالحلول التي وضعتها الحكومة الإنتقالية ما تزال نتائجها ضعيفة، لقد فشل كثير من الناس في توفير إحتياجات العيد بسبب الغلاء الطاحن .. لاشي يدعو للتفاؤل فأنا حزين للغاية اليوم".
وأضاف: "رغم العيد فإننا مهمومون الآن بالحصول على الخبز والوقود وغاز الطهي التي تواجه نقصا حادا مما أدى إلى وجود طوابير دائمة أمام محطات تقديم الخدمة لهذه السلع الهامة".
أما زكية موسى وهي موظفة حكومية، فقد أعربت عن قلقها وخوفها على مستقبل الانتقال السياسي في بلادها بسبب الأحداث التي استبقت عيد الفطر بيوم واحد، أثناء إحياء ذكرى فض اعتصام الخرطوم الذي حدث قبل عامين.
وقالت خلال حديثها "للعين الإخبارية": "أحزنني مقتل نفرين عزيزين في ظل سلطة الثورة، إنه أمرُ يثير الخوف على ما تحقق من مكتسبات، لذلك لم أجد طعم لهذا العيد تضامناً مع عائلات الضحايا".
واختتمت حديثها بالقول: "ردود الفعل ومواقف بعض المكونات على هذه الحادثة زادت القلق على مستقبل الإنتقال الذي يواجه بدوره هشاشة ملحوظة، فكل هذا سحب أفراح العيد من على محيانا".
وكان النائب العام السوداني ملانا تاج السر الحبر، أعلن أنه أخطر القوات المسلحة بتسليم المتورطين في أحداث القيادة العامة.
وكانت النيابة السودانية الأربعاء، حررت بلاغين في قضية مقتل المواطنين السودانيين عثمان أحمد بدر الدين ومدثر مختار الشفيع، في ذكرى إحياء فض الاعتصام.
aXA6IDMuMTQ0LjguNzkg جزيرة ام اند امز