يطرق عيد الفطر الأبواب بعد أن أوشك رمضان أن يطوي أيامه.
وهو موسم فرح وسعادة وابتهاج، وموسم شكر لله تعالى على ما أعاننا في رمضان من الصيام والقيام، وما حبانا من النعم الغزيرة في النفس والأسرة والمجتمع والوطن، وهو يشتمل على مقاصد عظيمة، وقيم نبيلة، تضيء بإشراقاتها في الواقع والحياة.
ومن مقاصد العيد تحقيق السعادة، باعتبارها قيمة منشودة للأفراد والمجتمعات، فالمسلم يحرص في العيد على أن يُدخل السعادة على أهل بيته، وعلى مجتمعه، سواء بالوسائل المعنوية أو المادية، وفي الحديث النبوي: "أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن؛ كسوت عورته، أو أشبعت جوعته، أو قضيت له حاجة»، ولذلك فإن كل ما من شأنه إدخال السعادة والسرور إلى النفوس عبادة، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تبسمك في وجه أخيك صدقة"، ومتى نظر الإنسان إلى السعادة بهذا المفهوم حرص على أن يجعلها من صميم أهدافه اليومية مع كل من يقابلهم، فضلا عن موسم العيد الذي هو فرصة مؤكدة لتجديد قيم السعادة في المجتمع.
ومن قيم العيد ومقاصده الجوهرية نشر التسامح والتراحم في المجتمع، فإذا كان رمضان فرصة لتنقية القلوب من الضغائن والأحقاد وتزكية النفوس وتطهيرها فإن العيد فرصة لتجديد العلاقات وتجاوز الخلافات والتغلب على حظوظ النفس ورغبتها في التشفي والانتقام، فيغتنم الإنسان العيد ليعزز الصلات مع الآخرين، ويعيد ما انقطع منها، وخاصة مع الأقربين من الأرحام والجيران والخلان، وتحقيقا لهذه الغاية يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اعف عمن ظلمك، وصل من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك"، وهذه قمة الشجاعة والقوة، أن يتغلب الإنسان على أهواء نفسه، ويتسامى على حظوظها الشخصية، ويغلب قيم العفو والصفح ومقابلة الإساءة بالإحسان وتعزيز الصلة والتواصل.
ومن مقاصد العيد البر بالوالدين والأرحام، وتهنئتهم بالعيد، وتفقد أحوالهم، وفي ظل الظروف التي نعيشها اليوم من جائحة كورونا تأتي التقنيات الحديثة كأدوات للتواصل الآمن بيننا وبين أقاربنا وأحبابنا، ومن مقاصد العيد كذلك مساعدة الفقراء والمساكين والمحتاجين، والمساهمة في الأعمال الإنسانية والمبادرات الخيرية التي تطلقها الدولة ومؤسساتها المتنوعة.
ومما يتعين في هذا العيد أن نراعي ما يحيط بنا من الظرف الصحي العالمي، ونعني به وباء كورونا، الذي يحتم علينا اتخاذ كافة وسائل الحماية منه، لضمان سلامتنا وسلامة مجتمعنا، ومن ذلك اجتناب الزيارات والتجمعات العائلية، وعدم تبادل الهدايا والأطعمة بين الجيران، فالتهاون مع هذا الوباء يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، وخاصة مع تطور هذا الفيروس وتحوره، كما حدث في بعض المجتمعات، وقد يسر الله تعالى لنا بحمده كافة الوسائل التي نستطيع بها التواصل مع أرحامنا وأحبابنا في العيد، من التقنيات الحديثة المتنوعة، التي نستطيع عبرها تقديم التهاني والتبريكات، وتوزيع العيدية باستخدام البدائل الإلكترونية، والاستفادة من ذلك فيما يعود علينا وعلى مجتمعنا بالخير والنفع.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا لتحقيق المقاصد النبيلة والغايات السامية، وأن يجعل عيدنا عيد فرح وابتهاج وسلامة ووقاية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة