الاقتصاد يتصدر هموم الأمريكيين ويعزز مكاسب الديمقراطيين في الانتخابات
تتحرك السياسة الأمريكية على إيقاع اقتصادي متصاعد، حيث تتبدل الولاءات ويعيد الناخبون رسم خريطة القوة بين الحزبين الكبيرين.
ففي أول انتخابات عامة لحكام الولايات منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، هيمن الديمقراطيون على أول يوم انتخابي رئيسي، أمس الثلاثاء. بحسب نتائج طالعتها "العين الإخبارية" في وسائل إعلام أمريكية.
ورغم أن النقاش حول مستقبل الحزب الديمقراطي قد يكون قد بدأ للتو، إلا أن هناك دلائل تشير إلى أن الاقتصاد قد يمثل مشكلة حقيقية لحزب ترامب الجمهوري مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي الأكثر أهمية العام المقبل. وفق وكالة أسوشيتد برس.
فقد فاز الديمقراطيون، أمس الثلاثاء، بمنصبي حاكمي ولايتي فيرجينيا ونيوجيرسي، وهما الولايتان الوحيدتان اللتان انتخبتا حاكمين جديدين هذا العام.
ويأمل الديمقراطيون أن تتيح النتائج القوية للحزب طريقا للعودة إلى مكانته الوطنية، حتى لو اتخذ أبرز مرشحيه نهجا مختلفا تماما، بدءا من الالتزام بخط معتدل وصولا إلى تبني الإنفاق الحكومي بحماس لتحسين حياة الناخبين.
في مدينة نيويورك، قد يبرز من يصف نفسه بالاشتراكي الديمقراطي، والذي كان بالفعل هدفا لانتقادات ترامب، نجما وطنيا في حال انتخابه عمدة.
وسيقرر ناخبو كاليفورنيا ما إذا كانوا سيعيدون رسم خريطة الولاية لمجلس النواب، حيث يتطلع الديمقراطيون إلى مواجهة مساعي ترامب لإعادة تشكيل توازن القوى في الكونغرس.
أبرز النتائج
بروز إستراتيجية ديمقراطية جديدة
ستصبح النائبة السابقة أبيغيل سبانبرغر الحاكمة المقبلة لفيرجينيا — وأول امرأة تتولى المنصب — في حين فازت النائبة ميكي شيريل بمنصب حاكم نيوجيرسي، بعد أن ركزت حملاتهما على الاقتصاد والسلامة العامة والرعاية الصحية.
أظهرت النتائج الأولية تفوق الديمقراطيين على هوامش تأييدهم التي حققوها قبل أربع سنوات في جميع أنحاء ولايتي فرجينيا ونيوجيرسي تقريبا.
وتحولت الضواحي سريعة النمو والمناطق الريفية، وحتى الأماكن ذات التركيزات العالية من الناخبين العسكريين، إلى الحزب الديمقراطي، بفارق كبير في كثير من الأحيان.
وتقول وكالة أسيوشيتد برس، إن الديمقراطيين فازوا من خلال نأيهم بأنفسهم عن بعض سياسات الحزب الديمقراطي اليسارية المتطرفة، وتأكيدهم على ما وصفته سبانبرغر في خطاب فوزها بـ"البراغماتية على التحزب".
وتعتقد مجموعة متزايدة من القادة الديمقراطيين أن النهج المعتدل هو مفتاح نهضة الحزب بعد فوز الحزب الجمهوري بالبيت الأبيض ومجلسي الكونغرس العام الماضي.
وقبل كل شيء، ركز الديمقراطيون في كلتا الولايتين على ارتفاع التكاليف، مثل البقالة والطاقة والرعاية الصحية، والتي كافح ترامب للسيطرة عليها.
بالإضافة إلى التوجه نحو الوسط في القضايا الاقتصادية، قللت سبانبرغر وشيريل من أهمية دعمهما للأولويات التقدمية، بما في ذلك حقوق مجتمع الميم ومقاومة هجوم ترامب على المؤسسات الأمريكية. ونادرا ما ذكرت سبانبرغر اسم ترامب خلال حملتها الانتخابية.

ماذا عن ترامب والجمهوريين والناخبين؟
أما ترامب وحلفاؤه الجمهوريون فقد ركزوا بشكل خاص على الهجرة والجريمة والقضايا الثقافية المحافظة.
لكن الناخبين الذين حسموا الانتخابات الرئيسية يوم الثلاثاء كانوا أكثر اهتماما بقضايا جيوبهم: الاقتصاد والوظائف وتكاليف المعيشة التي ظلت مرتفعة باستمرار. هذا وفقا لاستطلاع رأي الناخبين لوكالة أسوشيتد برس، وهو استطلاع موسع شمل أكثر من 17 ألف ناخب في نيوجيرسي وفيرجينيا وكاليفورنيا ومدينة نيويورك، مما يشير إلى أن العديد من الناخبين شعروا بأنهم لا يستطيعون تحقيق تقدم مالي في ظل اقتصاد اليوم، حتى لو كانت أوضاعهم المالية الشخصية مستقرة.
ومن المفارقات أن المخاوف الاقتصادية نفسها ساهمت في وصول ترامب إلى البيت الأبيض قبل عام واحد فقط.
أما الآن، فيبدو أن هذه المخاوف الاقتصادية تقوض الأهداف السياسية لحزبه في عام 2025، وقد تمثل إشكالية أكبر للحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل، والتي ستحدد ميزان القوى خلال العامين الأخيرين من ولاية ترامب. وفق المصدر نفسه.
وأكد حوالي نصف ناخبي فرجينيا أن الاقتصاد هو القضية الأهم التي تواجه ولايتهم، بينما قال معظم ناخبي نيوجيرسي إن الضرائب أو الاقتصاد هما القضية الأهم في ولايتهم.
وقال أكثر من نصف ناخبي مدينة نيويورك إن تكلفة المعيشة هي شاغلهم الرئيسي.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت المخاوف الاقتصادية التي تثقل كاهل الناخبين قد تساعد في كسر الجمود الذي أدى إلى إغلاق الحكومة، والذي استمر لأكثر من شهر.
ويطالب الديمقراطيون في الكونغرس بتمديد الإعفاءات الضريبية منتهية الصلاحية التي ساعدت ملايين الناس على تحمل تكاليف التأمين الصحي، بينما رفض الجمهوريون.

استفتاء على ترامب
كانت هذه أول انتخابات كبرى منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وقد رفض الناخبون مرشحي الحزب الجمهوري المقربين منه في فيرجينيا وبنسلفانيا ونيوجيرسي.
وأعرب غالبية الناخبين في فيرجينيا ونيوجيرسي عن “غضبهم” أو “استيائهم” من اتجاه البلاد، بينما وصف نصف الناخبين في كاليفورنيا أنفسهم بأنهم “غاضبون” من الوضع الحالي.
سعى ترامب إلى التبرؤ من النتائج مع ظهور مؤشرات الخسارة، رغم أنه أيد بعض المرشحين الجمهوريين عبر اتصالات هاتفية.
نجم ديمقراطي جديد في نيويورك
في الوقت الذي فاز فيه المعتدلون في فيرجينيا ونيوجيرسي، حقق الاشتراكي الديمقراطي زهران ممداني (34 عاما) فوزا كاسحا في انتخابات عمدة نيويورك، متعهدا بسياسات جذرية لمعالجة عدم المساواة الاقتصادية.
أثار فوزه قلق بعض رجال الأعمال وممثلي الجالية اليهودية، بينما استغله الجمهوريون في واشنطن لشن حملة دعائية تربط الديمقراطيين بسياساته اليسارية قبل انتخابات منتصف المدة القادمة.
وبهذه النتيجة التي تحدثت عنها وسائل إعلام أمريكية بينها أسيوشيتد برس، وسي إن إن، سيدخل ممداني التاريخ كأول عمدة مسلم لمدينة نيويورك، وأول شخص من جنوب آسيا يشغل هذا المنصب.

استفاقة ديمقراطية
امتدت نجاحات الديمقراطيين إلى ولاية بنسلفانيا، حيث فازوا بجميع مقاعد المحكمة العليا الثلاثة. كما خسر المحافظون استفتاءات مهمة في ولايات أخرى، مثل رفض الناخبين في مين فرض بطاقة هوية في الاقتراع، والموافقة على قانون “العلم الأحمر” لتقييد وصول الأفراد الخطرين إلى الأسلحة.
وفي كاليفورنيا، يقود الحاكم غافن نيوسوم جهودا لإعادة رسم خريطة الدوائر الانتخابية بما يمنح الديمقراطيين ما يصل إلى خمسة مقاعد إضافية في مجلس النواب، كجزء من مساع لموازنة الخرائط الجمهورية الجديدة في تكساس وغيرها.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTYxIA== جزيرة ام اند امز