حالة من التردد لدى بعض الناخبين في اختيار من سيمنحونه صوتهم في الدور الأول، الذي يرجح أنه لن يحسم من سيكون سيّد قصر قرطاج القادم
محطات تلفزيونية ووسائل تواصل قالت إن الحركة في شوارع عاصمة تونس وغيرها من مدن البلاد تصبح محدودة في الساعة التي تعرض فيها المناظرات التي تبثها القناة الوطنية التونسية بين المرشحين لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المزمع إجراؤها الشهر المقبل، والتي يتنافس عليها عدد يقترب من الثلاثين مرشحاً.
مردّ هذا الاهتمام بتلك المناظرات عائد بدرجة كبيرة إلى كونها ظاهرة غير مألوفة في الحياة السياسية في تونس وفي العالم العربي، ما أشعل الفضول لدى الناس في رؤية ما الذي سيقوله هؤلاء المرشحون، وسط تقديرات رائجة بأن السباق الرئيسي سيدور بين عدد محدود جداً من هؤلاء المرشحين، وبخاصة أولئك الذين تقف خلفهم قوى حزبية واجتماعية منظمة وذات تأثير، وليس من المتوقع أن تغيّر هذه المناظرات كثيراً من خيارات الناخبين.
يبقى أن أهل تونس أدرى بشعابها، والتوانسة أهل لأن يحسموا خياراتهم بما يجدونه ملائما لمستقبلهم، وهم في ذلك محكومون على كل حال بالمعطيات التي أوردنا بعضها أعلاه، ولكن علينا أن نسجل تقديرنا لتونس كون مسارها الديمقراطي، رغم كل ما قد يثار حوله أو عليه من ملاحظات، يشقّ طريقه، ويطوّر من أدواته.
رغم ذلك هناك حديث عن حالة من التردد لدى شريحة من الناخبين في اختيار من سيمنحونه صوتهم في الدور الأول للانتخابات الذي يرجح أنه لن يحسم من سيكون سيّد قصر قرطاج القادم، وأن جولة ثانية لا بد منها لحسم السباق بين المترشحين اللذين سينالان أكثر الأصوات في الدور الأول، وسط ما يشبه القناعة بأن مرشح حزب النهضة سيكون أحدهما.
هذا "اليقين" بترجيح وصول مرشح النهضة للدور الثاني آتٍ من حقيقة أن قاعدة هذا التنظيم ومريديه يحتشدون حوله، فهو مرشحهم الوحيد الذي ستتوجه أصواتهم كلها نحوه، فيما يجد مناصرو التيارات المدنية أنفسهم في حيرة من أمرهم أمام تعدد المترشحين أصحاب الهوى نفسه، وسط حديث عن أن لدى النهضة مترشحاً وربما أكثر وسط هؤلاء لا لغاية التصويت له، وإنما لتحقيق واحدة من غايتين أو الاثنتين معاً: أولاهما تشتيت أصوات خصوم النهضة، والثانية هي إيجاد شريك لتقاسم السلطة معه بعد حسم نتيجة الانتخابات.
يبقى أن أهل تونس أدرى بشعابها، والتوانسة أهل لأن يحسموا خياراتهم بما يجدونه ملائماً لمستقبلهم، وهم في ذلك محكومون على كل حال بالمعطيات التي أوردنا بعضها أعلاه، ولكن علينا أن نسجل تقديرنا لتونس كون مسارها الديمقراطي، رغم كل ما قد يثار حوله أو عليه من ملاحظات، يشقّ طريقه، ويطوّر من أدواته.
تحدثنا أمس عن مغزى الاختيار بين الدولة واللادولة. وعلينا أن نرى في تجربة تونس، مقارنة بسواها من بلدان عربية شهدت عواصف 2011، نموذجاً للمجتمع الذي صان الدولة ومؤسساتها، ليضمن سلاسة التحول بأقل الخسائر والتبعات، مقارنة بالجحيم الذي انساقت إليه مجتمعات هدّت فيها الدولة.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة