رئاسيات تونس والإخوان.. رهان خاسر وقاعدة تتآكل
مورو الذي يعتبره إخوان تونس متمردا، يرى محللون أن ترشيح النهضة له للرئاسيات دليل على أن خزانها الانتخابي "نفد أو يكاد ينفد".
لعل أكثر المتفائلين لرئيس البرلمان التونسي بالإنابة عبد الفتاح مورو، لم يتوقعوا أن الحد الأدنى للصعود الصاروخي لأسهم الرجل داخل حركة "النهضة" الإخوانية، سيصل حد ترشيحها له للانتخابات الرئاسية المقررة الأحد المقبل.
القضاء التونسي يرفض السماح لمرشح رئاسي سجين بالظهور التلفزيوني
فمورو الذي يعتبره إخوان تونس متمرداً، يُعد فوزه غير مضمون بل هو نفسه غير مضمون، وهو الذي غادر الحركة ولم يعد إليها إلا في 2012، ويتبنى أفكارا تتضارب أحيانا مع إيديولوجية الإخوان، ما يرجح ما ذهب إليه محللون من أن ترشيحه كان الخيار الأوحد للحركة، عقب تبعثر أوراقها بتقديم الانتخابات الرئاسية.
مؤشرات تقود بالتحليل إلى أن ساكن قصر قرطاج المقبل لن يكون بالضرورة إخوانيا أو ضمن دائرة ضغط فرع الجماعة، وذلك لأسباب عديدة.
رصيد انتخابي ينضب
فريد العليبي، أستاذ الفلسفة السياسية والمحلل السياسي التونسي، أكد أن ما كان يعد "الخزان الانتخابي للنهضة نفد أو يكاد ينفد".
وقال العليبي لـ"العين الإخبارية"، إن محافظات الجنوب الشرقي (قابس ومدنين وتطاوين)، والتي كانت تعد منذ احتجاجات 2011، الثقل الانتخابي للحركة الإخوانية، بدأت تغير دفة خياراتها، بعدما تأكدت بالتجربة أن أداءها في الحكم لا يختلف عن ممارسات سابقيها.
ولفت إلى أن الجنوب الشرقي له تاريخ طويل من المقاومة، ومنه ينحدر قادة لهم رمزيتهم في تاريخ تونس مثل محمد الدغباحي والطاهر لسود وصالح بن يوسف، وتعرضت هذه المنطقة للتهميش بعض الوقت، وهو ما يفسر إقبال بعض سكانها -في مرحلة معينة- على خطاب النهضة، وتصويتهم لها خلال انتخابات المجلس التأسيسي (2011) وما بعدها.
مستدركا: "لكنهم أدركوا بالتجربة الملموسة، أنها وهي في الحكم لا تختلف كثيرا عن ممارسات سابقيها، ومن هنا سُجل تراجع كبير في حجم خزانها (رصيدها) الانتخابي في هذه المناطق، بل بات منهم من يحملها وزر انتعاش الإرهاب التكفيري على ضوء ما حدث في بنقردان، وما يحدث في ليبيا".
واعتبر العليبي أن ما يمارسه الإخوان في ليبيا، ينظر إليه على أنه من أسباب خراب البلد المجاور، في وقت يعد فيه هذا التنظيم ما يحدث مصدر رزق نسبة كبيرة من سكان مناطق الجنوب الشرقي.
وخلص المحلل السياسي إلى أنه مما تقدم، "نستنتج أن ما كان يسمى بخزان النهضة الانتخابي بالجنوب الشرقي نضب أو كاد".
وفي 7 مارس/آذار 2016، تم استهداف بنقردان التونسية الواقعة على الحدود مع ليبيا، بهجوم إرهابي قادته مجموعات مسلحة للسيطرة على المدينة، لكن تصدي قوات الأمن له أجهض مساعي الإرهابيين.
خارج حسابات الربح
أما بخصوص المرشحين الذين يتوقع عبورهم إلى الدور الثاني، فأظهرت قراءات الخبراء، غيابا شبه تام لمرشح الإخوان عن قائمة العابرين.
أعلية العلاني، الأكاديمي والباحث التونسي في القضايا الاستراتيجية، رجح إمكانية صعود يوسف الشاهد وعبدالكريم الزبيدي إلى الدور الثاني، في سيناريو قال إنه الأكثر احتمالا في ضوء المعطيات الراهنة.
"العلاني" لم يستبعد أيضا، في حديث لـ "العين الإخبارية"، إمكانية صعود الشاهد وعبير موسى أيضاً، مرجعاً ذلك إلى أن هؤلاء يملكون التجربة وخاصة الماكينة الانتخابية، مشيرا إلى أن باقي المرشحين لا تنقصهم حرفية الاتصال أو الخبرة، لكنهم يفتقدون للماكينة الانتخابية القوية.
وأعرب العلاني عن اعتقاده أن عبير موسى ستحصد نتائج متقدمة في الانتخابات البرلمانية، مضيفاً: "سيؤدي ذلك إلى تغيير شبه جذري في المشهد السياسي بعد الانتخابات، وسيؤثر في طبيعة التحالفات المقبلة".
وتابع: "لا نستغرب أن تتقاسم النهضة والحزب الدستوري الحر تقريبا المقاعد نفسها في الانتخابات البرلمانية، كما ستصبح لحزب تحيا تونس قاعدة انتخابية جيدة إذا فاز الشاهد في الرئاسية، فيما ستظل نتائج حزب نداء تونس في الانتخابات التشريعية متأثرة بما سيحصل عليه الزبيدي في (الرئاسية)".