إلياس بانزا... جاسوس كاد أن يغير مجرى الحرب العالمية الثانية
نقل للألمان معلومات بالغة الأهمية وكاد أن يغير مسار الحرب، لكنه اكتشف متأخرا أنه تعرض للخديعة ممن كان يبيع لهم أسرار بريطانيا.
كان الجاسوس التركي إلياس بازنا، أو كما أسماه الألمان "شيشرو"، رجل الظل الذي نجح في اختراق السفارة البريطانية بأنقرة ونقل معظم أسرارها إلى الألمان.
لكن معظم معلوماته الاستخباراتية لم يتعامل معها الألمان على محمل الجد، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وُلد إلياس بازنا في 28 يونيو/حزيران 1904 بمدينة بريشتينا عاصمة إقليم كوسوفو الحالي، والتي كانت في السابق جزءاً من الإمبراطورية العثمانية.
وعلى مدى 40 عاماً، عاش بازنا حياة بلا هدف واضح، فالتحق في صغره بأكاديمية عسكرية، وانضم إلى وحدة عسكرية فرنسية في سن السادسة عشرة، قبل أن يتحوّل إلى سارقٍ للأسلحة والسيارات، حيث دخل السجن وعمل في معسكر العمل الجنائي بفرنسا.
وربما كانت أهم ميزةٍ اكتسبها إلياس بازنا طيلة هذه الفترة هي أنه أتقن عدة لغات، مثل الفرنسية والصربية والتركية والإنجليزية.
بداية حياة التجسس
في أبريل/ نيسان 1943، تم تعيين بازنا خادما لـ"هوغه ناتشبول-هوغيسن"، السفير البريطاني في أنقرة، الذي كان يحتفظ بوثائق سرية للغاية في خزانته الشخصية.
ومع سهولة الوصول إلى غرف السفير الخاصة وخزانته السرية، قام إلياس بازنا بنسخ الأوراق السرية المحفوظة هناك للمخابرات الألمانية.
ولعدة أشهر قام بتزويد الألمان، من خلال ملحقهم لودفيخ كارل موتزيش، بعشرات المستندات، بما في ذلك البرقيات بين ونستون تشرشل وفرانكلين روزفلت وجوزيف ستالين بشأن خطط لهجمات الحلفاء.
وبصفته جاسوسا نقل بازنا معلومات مهمة حول العديد من مؤتمرات قادة الحلفاء، بما في ذلك مؤتمرات موسكو وطهران والقاهرة، وكانت تفاصيل مؤتمر طهران مهمة لعملية الوثب الطويل، المؤامرة الفاشلة لقتل فرانكلين روزفلت وجوزيف ستالين وونستون تشرشل.
كما قام أيضًا بنقل مستند يحمل أعلى قيود الأمان (قائمة بيغت) حول عملية أوفرلورد (الاسم الرمزي لغزو نورماندي في يونيو/حزيران 1944)، تضمنت معلومات استخبارية مفادها أن السفير البريطاني طلب استخدام القواعد الجوية التركية «للحفاظ على تهديد للألمان من شرق البحر المتوسط حتى إطلاق أوفرلورد».
ولم يكن الألمان يعرفون معلومات عن غزو النورماندي إلا بعد الحرب، ولو تم تقديمها في الوقت المناسب، لكانت عملية أوفرلورد (الاستعدادات ليوم-الإنزال) قد تعرضت للخطر.
وقال البعض إن الألمان كانوا يعتقدون أن معلوماته كاذبة وتم تقديمها عن عمد من قبل البريطانيين.
النهاية
بمجرد أن أدرك البريطانيون أن هناك جاسوسا يعمل داخل السفارة التركية، دارت الشكوك حول بازنا، وقاموا بتثبيت نظام إنذار جديد، وشرعوا في مهمة فاشلة للقبض عليه لبيع معلومات استخبارية.
لكنه توقف عن بيع المعلومات إلى الألمان بحلول نهاية فبراير/شباط 1944 وغادر السفارة في غضون شهر أو نحو ذلك بعد الحرب.
ووفقا للتقارير فقد كان بازنا أعلى الجواسيس أجرا، حيث أشارت التقارير إلى أن السفارة الألمانية في أنقرة دفعت له ما بين 840 ألف دولار إلى 1.5 مليون دولار بالجنيه البريطاني مقابل هذه المعلومات.
لكنه عندما تقاعد للاستمتاع بثمار جهوده، اكتشف أن الأموال التي حصل عليها من الألمان كانت مزورة، وهي جزء من ملايين الأوراق النقدية البريطانية المزورة التي كان الألمان يوزعونها أملا في تدمير الاقتصاد البريطاني.
قضى عقوبة السجن لفترة وجيزة لتوزيعه النقود المزورة، وعاش بازنا في أنقرة مع عائلته لسنوات عديدة وعمل في عدد من الوظائف المختلفة.
ثم انتقل إلى ميونخ في عام 1960، حيث قام بمقاضاة حكومة ألمانيا الغربية، لأنه، كما قال، كان يتقاضى أجرًا مقابل عمله بالجنيه البريطاني المزور.
وكتب في كتابه "كنت شيشرو" الذي نشر عام 1962: "لقد خدعني الرايخ الألماني، أريد تعويضاً من الحكومة الفيدرالية عن الأموال التي خدعني الألمان عندما تجسست لصالحهم".
لكن محاولته للحصول على معاش تقاعدي حكومي من قبل حكومة ألمانيا الغربية فشلت، وعمل كحارس ليلي قبل أن يموت في عام 1970 بسبب مرض الكلى.
aXA6IDMuMTQ1LjU3LjUg جزيرة ام اند امز