تدرك قيادة الإمارات أن الإنسان والبيئة وحدة واحدة لا يمكن الفصل بينهما, فالإنسان جزء من البيئة يتأثر بها ويؤثر فيها.
تمضي دولة الإمارات العربية في صناعة المستقبل بعزيمة لا تعرف التردد ولا الملل، وبقدرة تفوق التصور، تمضي على نهج قائدها ومؤسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وهي أكثر وثوقاً بدورها وأعظم شأناً بما تطمح إليه في عالم اليوم.
ورغم الظروف الصعبة والدقيقة التي تمر بها البشرية سجلت دولة الإمارات نجاحات في كل المجالات العلمية والصحية والدبلوماسية والتكنولوجية، وحظيت عربياً وعالمياً بدور فعال في إنجاز العديد من الابتكارات الخلاقة والأعمال التصنيعية المتميزة، وقطعت أشواطاً واسعة في مضمار تكنولوجيا الصناعات، فمن مرحلة إطلاق مسبار الأمل للمريخ إلى عملية تشغيل مفاعل براكة السلمي للطاقة النووية.
وكلما اكتشف الإنسان مصدراً جديداً للطاقة، كلما حدثت تطورات في حياته وزادت من قدراته الإنتاجية في المجالات الصناعية والزراعية، وتوفير الطاقة بمختلف أشكالها أصبح أمراً أساسياً لتحقيق تقدم الإنسان، ورفع مستوى حياته وزيادة إمكانياته من أجل إنتاج متطلباته الحياتية وتحقيق رفاه عيشه وأصبحت حضارة العصر تعتمد كلياً على الطاقة وعلى توفير مصادرها، وكثير من الأعمال الضرورية لحياتنا اليومية، تتوقف كلياً فيما لو انقطع تأمين الطاقة أو أصاب توزيعها أي خلل.
وفي مطلع القرن الحادي والعشرين كثفت دولة الإمارات جهودها للكشف عن مزيد من مصادر الطاقة وذلك لمجابهة الطلب المتزايد عليها، وكان لأزمة الطاقة دور هام في لفت أنظار العلماء والباحثين والمختصين بشؤونها والبحث عن مصادر جديدة، وتلعب مسألة إنتاج وتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام الوقود النووي دوراً هاماً وبارزاً في تغطية نسبة كبيرة من الإنتاج الإجمالي العالمي من الطاقة الكهربائية, وفي بعض الدول قد تصل هذه النسبة لأكثر من 50 بالمئة وهي آخذة في الازدياد ريثما تظهر طاقة بديلة أكثر منافسة.
وتدرك قيادة الإمارات أن الإنسان والبيئة وحدة واحدة لا يمكن الفصل بينهما, فالإنسان جزء من البيئة يتأثر بها ويؤثر فيها، ويختلف دوره عن دور باقي الكائنات الحية الأخرى لقيامه بعملية الإنتاج التي بدورها تؤدي إلى ظهور علاقات جديدة بينه وبين البيئة، وتلك العلاقة تزداد وتتعقد يوماً بعد يوم مع تقدم وسائل التقنية الحديثة، فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي استطاع أن يؤثر في البيئة نتيجة لتطوره العلمي والاجتماعي، وحياة الإنسان وعمله ونشاطه الاقتصادي يتأثر بالظروف البيئية التي تحيط به.
وفي هذا السياق أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، تحقيق إنجاز تاريخي، تَمثّل في نجاح شركة نواة للطاقة التابعة للمؤسسة والمسؤولة عن تشغيل وصيانة محطات براكة للطاقة النووية السلمية في إتمام عملية بداية تشغيل مفاعل المحطة الأولى، ويعد هذا الإنجاز الأهم حتى اللحظة في مسيرة البرنامج النووي السلمي الإماراتي، بنجاح تشغيل أول مفاعل سلمي للطاقة النووية عربياً، وعلى مستوى العالم غدت الثالثة والثلاثين في إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية، وذلك في محطات براكة للطاقة النووية بأبوظبي.
وقال مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي: نهنئ الإمارات على تشغيل المحطة الأولى من محطات براكة للطاقة النووية، والوكالة الدولية للطاقة الذرية تدعم الإمارات والدول الأخرى التي تلعب دوراً في التوصل لطاقة نظيفة لمعالجة مشكلة تغير المناخ.
وفي ضوء انطلاقة المفاعل النووي السلمي قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: "نعلن اليوم عن نجاح دولة الإمارات في تشغيل أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي، وذلك في محطات براكة للطاقة النووية بأبوظبي ونجحت فرق العمل في تحميل حزم الوقود النووي وإجراء اختبارات شاملة وإتمام عملية التشغيل بنجاح، أبارك لأخي محمد بن زايد هذا الإنجاز".
إن تفعيل دور الإنسان يكون أولاً من خلال إحساسه بقيمته وبقيمة دوره في تنمية الصناعة ببلاده، وأيضاً لابد من توفير حرية البحث والمبادرة والإنشاء وحرية تحرك رأس المال وحرية تسويقه، فكلما شعر الإنسان بهذه الحريات كلما كان أكثر فاعلية في عملية التنمية.
وبذلك يشكل المفاعل النووي السلمي الإماراتي لأغراض التنمية نقلة نوعية على مستوى المنطقة العربية ودعماً للصناعات العربية، ولا يمكن لها أن تتطور إلا بتطور البحوث والتطبيقات التكنولوجية، وهذا يعتمد على تطوير خدمات الدعم التكنولوجي كخدمات البحث والاستشارة وسبر الأسواق ودراسة احتياجات الناس والبحث عن الجديد في مدخلات الإنتاج وبعد ذلك يكون الإنتاج تتويجاً لكل هذه الخدمات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة