المفاعل النووي الإماراتي ليس إنجازا علميا فقط بل هو معركة فكرية نحو الازدهار والتطور.
ثلاثة مشاريع عملاقة وضعت الإمارات على طريق البلدان المتطورة، وهي: مسبار الأمل، وإنشاء السكك الحديد، والطاقة النووية. وهكذا الإمارات من خلال مسبار الأمل، والسكك الحديد والطاقة النووية تُبشر بولادة عصر جديد للعرب ورؤية المستقبل.
لم يتوقف هذا البلد الطموح عن إنجازاته العلمية الرائدة، وجميعها تصب في دائرة التنمية المستدامة، وأمل الشعوب في الحياة المستقبلية الكريمة. حاول العرب أن يدخلوا هذا الميدان ولكنهم فشلوا أو أفشلت مشاريعهم. أما الطاقة النووية الإماراتية التي رأت النور قبل أيام هي إنجازٌ للعرب لأنها تلعب دورا هاما في موازنة أنواع الطاقة العالمية، وتجريب حقولها المتجددة. ويحق للعرب أن يحذوا حذو العالم في امتلاك ناصية الطاقة النووية من أجل حياة شعوبهم، ولا يوجد أي مبرر لحرمانهم منها لأنها جزء من تطور العالم التكنولوجي.
البلدان المتطورة سبقتنا إلى هذا الميدان في تأمين الطاقة الكهربائية الضرورية اللازمة لأي تطور صناعي في أي بلد، فرنسا على سبيل المثال، تنتج من خلال الطاقة النووية 75٪ من حاجتها للكهرباء، وكوريا الجنوبية 32٪ والولايات المتحدة الأميركية 20٪. هكذا تحذو الإمارات حذو هذه الدول في تطمين 25٪ من حاجتها للكهرباء من الطاقة النووية، وهو مطمح كبير سيشهد تطورا كبيرا في المستقبل.
المفاعل النووي الإماراتي ليس إنجازا علميا فقط بل هو معركة فكرية نحو الازدهار والتطور، وطموح قيادي لإعطاء العرب جميع الوسائل العلمية للنهوض من كبوتهم في ظروف صعبة واستثنائية يعاني فيها العرب جميع التحديات.
لو تمعنا عميقا في المشروع النووي الإماراتي لوجدناه يسعى إلى ردم الفجوة الكبيرة في المعرفة بيننا وبين الغرب، لأن التقنية النووية أصبحت مقياسا للتقدم والفاعلية. والطاقة النووية لمن يفهم جوهرها هي القدرة على دخول عصر العلم، رغم ما يصاحبها من جهل لدى العامة حيث لا تزال النظرة إليها غامضة ولا ترقى إلى الفهم الصحيح والايجابي. لذا فالإمارات تعمل على تنوير النفوس بالعلم، وتضيء الطريق المظلم. وهي محط افتخار لكل عربي. فليس من المعقول أن يبقى العرب غائبين عن هذه الطاقة المتجددة التي جربتها البلدان الأخرى وأفادت شعوبها بها فائدة مستدامة.
وأكثر من ذلك، بالنسبة للإمارات التي تتمتع بكوادر شابة سوف تشحذ هممهم في ارتياد المنهج العلمي، وتساهم في تخريج الكوادر الإماراتية المحلية في هذا الحقل العلمي الهام. تتجلى جرأة الإمارات في تخطي جميع العقبات وكل ما هو عالق في الأذهان من المخاوف، لأن الطاقة النووية هي الأكثر سلامة من أي طاقة أخرى، والأكثر فاعلية من استخراج النفط والفحم على سبيل المثال وأقلها ضررا في الانبعاثات الكربونية.
ولا بد في هذا المجال، من تغيير الصورة النمطية السائدة عن غالبية العرب رغم أن الطاقة النووية جعلت العالم ينقسم بين مؤيد ومعارض لكن سرعان ما ذلل العلم جميع تلك المخاوف ورجحت كفة الإيجابية في إنتاج هذه الطاقة المتجددة. إنها في الواقع، ثمرة من ثمرات تطور التكنولوجيا والاستفادة منها في خدمة البشرية. وهذا ما تسعى إليه الإمارات بكل كفاءتها العملية والأخلاقية والإنسانية، التي تعمل على تذليل جميع العقبات التي تقف أمام العرب في هذا الميدان. إضافة إلى أن الإمارات تنظر إلى تنويع مصادر الطاقة، وهي تطمح لتوفير الطاقة الجديدة للأجيال المستقبلية، وهي رؤية استراتيجية ذكية وصائبة في التطلع إلى التنمية المستدامة التي جعلت منها الإمارات من أولوياتها الأساسية.
إن ريادة الإمارات في هذا المجال العلمي الحيوي من شأنه أن يعطي دفقا جديدا للحياة المستقبلية التي سوف تعيشها الأجيال، وخاصة في مجال التقليل من نفقات الاستهلاك، والتقليل من الانبعاثات التي تسببها مصادر الطاقة الأخرى مثل النفط أوالفحم. إن المفاعل النووي الإماراتي سيفتح الباب واسعا أمام الدارسين في مجال الهندسة الكيميائية والنووية والكهربائية وغيرها، وتسهيل استخداماتها في مجالات الطب والمعادن وتحلية المياه وغيرها. كما تعمل هذه الطاقة على توفير فرص عمل جديدة. تسير الإمارات على طريق تكوين مجتمع المعرفة، القائم على الإبداع والجهد والرؤية، من أجل تركيز الاعتماد على التنمية المستدامة، وضمانة المستقبل الآمن للأجيال القادمة. وتعمل الإمارات ضمن الالتزام بمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية مما يعزز مكانتها باعتبارها إحدى الدول المنتجة للطاقة المحلية.
بهذه الخطوة الجبارة، تعمل الإمارات على تغيير النظرة الجيوسياسية للعالم العربي، وتصبح عنصرا فاعلا في منتدى الطاقة العالمي، وبمرور الزمن، سيكون لها الأولوية في التوازن الدولي في هذه الطاقة.
عملت الإمارات على مدى ثمانية أعوام، جاهدة من أجل إنجاز هذا المشروع العملاق الذي سينعم بالخير على بلدان الخليج والعالم العربي، وسوف تتحول هذه المنشأة النووية في أبوظبي إلى مدرسة إماراتية في المعرفة النووية، كما أصبحت دبي مدرسة في بناء الأبراج وهندسة المباني.
محطة براكة بمفاعلاتها ومحطاتها الأربع تفتح الباب واسعا أمام حقبة جديدة في التطور على طريق العلم واكتساب المعارف لأجيال المستقبل.
"براكة" .. هي البركة والخير والطاقة للإمارات والعالم العربي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة