الدخول في شراكات مع شركات عالمية كبرى، وتعزيز التعاون مع دول متقدمة، مثل أمريكا والصين وكوريا الجنوبية، وخلق مصالح مشتركة وفرق متعاونة.
أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عبر حسابه على تويتر، يوم 2 أغسطس الجاري، «عن نجاح دولة الإمارات في تشغيل أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي، وذلك في محطات براكة للطاقة النووية بأبوظبي». وأضاف سموه: «أُبارك لأخي محمد بن زايد هذا الإنجاز»، وأكد أن الإمارات «شطرت الذرة.. وتريد استكشاف المجرة..».
وكانت محطات «براكة» للطاقة النووية السلمية مجرد فكرة ولدت وتطورت منذ عام 1981 عند مشاركة دولة الإمارات في الدورة الـ25 للمؤتمر العام للطاقة النووية، وكانت رؤية الإمارات بضرورة استخدام العلم، وخاصة الطاقة النووية، ثم تحولت إلى مشروع عملاق للطاقة النووية السلمية، بدأ يكبر ليعلو ويشكل قيمة مضافة لمنطقة «براكة» المطلة على ساحل الخليج العربي، في منطقة الظفرة، ولتسجل علامةً مميزة في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، ولتكون نموذجاً ومثالاً إقليمياً ودولياً للبلدان التي تهدف بجدية إلى الاستخدام السلمي للطاقة النوويّة. وهذا النموذج، يشكل أفضل الطرق للوصول إلى المفاعل النووي السلمي، دون الارتهان لعملية تخصيب اليورانيوم بحجة سلمية المفاعل النووي!
وجود محطات «براكة» للطاقة النووية السلمية في دولة الإمارات، يشير لعهد جديد تصبح فيه منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، كما تدعو له الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن. فالإمارات بمفاعل براكة النووي، تقدم نموذجاً حياً لمحاكاته والتماهي معه. فمشروعات الطاقة النووية السلمية النظيفة، لها استخدامات متنوعة، منها توفير الطاقة لمحطات تحلية المياه لتقليل تكلفة وقود البنزين والغاز المستخدم في هذه المحطات.
ويمكن لدولة الإمارات أن تراكم خبراتها في مجالات الصناعات التكنولوجية المتطورة ذات التقنية العالية، لاسيما تكنولوجيا الفضاء والطاقة النووية السلمية والذكاء الاصطناعي.. لتشكل تحولاً نوعياً نحو اقتصاد المعرفة.
إن الدخول في شراكات مع شركات عالمية كبرى، وتعزيز التعاون مع دول متقدمة، مثل أمريكا والصين وكوريا الجنوبية، وخلق مصالح مشتركة وفرق متعاونة.. كل ذلك بالتأكيد سيفضي إلى نتائج جيدة ومثمرة في المستقبل، ستشكل رصيداً معرفياً في عدة مجالات يحتاجها العالم.
مثل هذه المشروعات النوعية، كمحطة براكة للطاقة النووية السلمية ومسبار الأمل، إضافة إلى الطاقة المتجددة التي تديرها شركة «مصدر» بأذرعها المتنوعة.. لها أن تشكل حاضنة استثمارية كبرى تستطيع المنافسة في السوق الإقليمي والعالمي، وقادرة على تأسيس نواة معرفية، تعطي اهتماماً للعنصر الوطني، ليكون الاستثمار السيادي الأمثل في بناء اقتصاد المعرفة.
وستوفر محطات براكة الأربع، والتي تم إنشاؤها وفقاً لأعلى معايير السلامة، نسبة 25% من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء عند التشغيل التام للمحطات معاً.
والعامل الحيوي في هذا المشروع، كونه مصحوباً بنسبة توطين معتبرة (نحو 60%) وبتطوير جيل من القادة المستقبليين في مجال الطاقة النووية السلمية، حيث أقامت شركتا «إينك» و«نواة» برنامجاً تدريبياً لهذا الغرض، وذلك في إطار عام الاستعداد لـ«الخمسين» التي ستحل العام المقبل (اليوبيل الذهبي).
ومن مزايا مفاعل براكة النووي السلمي، كونه يوفر كهرباء صديقة للبيئة، ذات بصمة كربونية منخفضة، بما يعادل 1.2 مليون طن سنوياً، كما تفتح مجالاً واسعاً لتنويع مصادر الطاقة، وهذه من المستهدفات المستقبلية للدول التي تبحث عن تنويع مصادرها، لأن الطاقة النووية مصدر موثوق وطويل الأمد للكهرباء.
ومما يجعلنا نفخر بهذا المعلم الحضاري البارز، وجود كفاءات من المواطنين، المهندسين والفنيين النوويين، الذين أسهموا في إتمام العمليات الإنشائية للمحطة الأولى، إلى جانب مديري تشغيل ومشغلي المفاعلات الإماراتيين الذين تم اعتمادهم لتشغيل المحطة بكل أمان.
نقلا عن الاتحاد الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة