لقد ارتكب أردوغان السلطان الواهم العديد من الأخطاء الفادحة في المنطقة ورغم عثراته التي وقع فيها، لايزال يتخبط في تحركاته.
الأجواء السياسية والاقتصادية في الداخل التركي وخارجه أدت إلى تراجع سريع في شعبية حزب العدالة والتنمية وتزايد سخط المعارضة على سياسة أردوغان، حتى أن استقالات جرت في الآونة الأخيرة في حزبه وفي صفوف ضباطه من الجنرالات، لأنهم بدؤوا يشعرون بالخيبة واليأس من سياساته الرعناء التي ينتهجها داخل وخارج البلاد.
أزمات وصراعات تلاحق أردوغان وبخاصة التأثيرات البالغة على اقتصاده الذي يمر بأوضاع صعبة منذ فترة طويلة، لاسيما عدم استقرار العملة المحلية، عدا عن تداعيات تفشي كورونا التي ضربت قطاعاً حيوياً في تركيا وهو السياحة، الذي يمثل جزءاً مهماً من اقتصاد ومداخيل تركيا، مما أدى إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي عن السنوات المنصرمة.
أردوغان أسس قواعد عسكرية في ليبيا وأفغانستان وقطر والصومال وفي سورية، ولايزال يتنافس على مواقع عسكرية في السودان وتونس، وفي الآونة الأخيرة سمح الرئيس التركي للحلفاء الإسلاميين من حزبه العدالة والتنمية بتشديد قبضتهم على المناصب العسكرية الحساسة، حيث لم يكن التطهير يستهدف تهميش الضباط من أصحاب التوجهات السياسية المختلفة فحسب، ولكن أيضاً محاولة لأن يصل التيار الإسلامي للجيش أيضاً.
وليس بعيداً أن تشهد تركيا في المدى القريب حالات من الاضطرابات ينتقل خلالها المسلحون من الشمال السوري إلى الداخل التركي، وفي الوقت نفسه تصاعد الحالة الكردية التي تواجه مخططات أردوغان الجائرة بحق أكراد العراق وسوريا رغم انهيار كل المحاولات الرامية إلى إخضاع الشمال العراقي لهيمنته وسطوته، ولم يعد من المقبول إطلاقاً بما يتبعه أردوغان حيالهم من قصف بالطائرات مستهدفاً الأماكن الآهلة بالسكان.
لقد ارتكب أردوغان السلطان الواهم العديد من الأخطاء الفادحة في المنطقة ورغم عثراته التي وقع فيها، لايزال يتخبط في تحركاته ومواقفه الرعناء حيال دول المنطقة، ذلك ما يضعه أمام جملة من الانهيارات، أولها المعارضة التركية التي أفصحت في مؤتمراتها السياسية وفي البرلمان التركي عن رفضها لتحرك الجيش التركي خارج البلاد، لأنها على يقين أن سياسة أردوغان لن تفلح بتدخلاته بشؤون المنطقة، وتحالفاته مع أحزاب الإسلام السياسي للتغيير والهيمنة، والتي ستجر على تركيا الويلات والثبور.
أردوغان الواهم والحاضن للتنظيمات المتطرفة، ما برح يدعمها بالأسلحة والسماح لها بإقامة المعسكرات والتدريب على الأراضي التركية، يشير في كلمة له إلى "عزم أنقرة حسم حملاتها العسكرية، وتتويج نضالها الممتد من سوريا والعراق حتى ليبيا بالنصر له ولأشقائه"، وينساق وزير دفاعه خلوصي أكار وراء أوهام رئيسه مهدداً ومتوعداً، ومتحدياً المجتمع الدولي إبان غزو الأراضي الليبية، وفي تصريحاته الإعلامية أنه في أي مكان لهم فيه سيادة.
وبورقة التهديد التي يطلقها أردوغان، وأركانه الواهمون على شاكلته، والغارقون في جحيم لا ينطفئ في ليبيا وسوريا والعراق.. ومهما كانت حسابات هؤلاء ظناً منهم أنهم يحققون أمنهم القومي المزعوم، إلا أن الإخفاق سيكون حليفهم فيما يفكرون، وستكون خططهم آيلة إلى السقوط والاندحار رغماً عنهم.
ذلك يتطلب إرغام القوى الدخيلة والمعتدية، على التراجع عن تصلبها المتزايد وإنهاء امتداداتها، والعمل على إسقاط وتطويق التدخلات الخارجية، حيث باتت دول المنطقة بأجوائها ومناطقها الاستراتيجية مستباحة وعلى مرأى من الجامعة العربية، ذلك ما يثير غضب الشارع العربي باعتبار شعوب المنطقة ترفض سياسات أردوغان الجائرة وتحركاته الإقليمية التي لا تلقى قبولاً أمام الرأي العام العالمي.
ودولة الإمارات العربية بدورها ومع أشقائها العرب، وعلى مستوى العمل القومي، لن تسمح للقوى الخارجة على القانون أن تكون المنطقة العربية مسرحاً لتدخلاتها الاستعمارية، وعرضة لعمليات القتل والتدمير والهيمنة على مقدرات شعوبها، وسرقة خيرات المنطقة واختراق سيادتها الوطنية.
وحيال ما ينتاب الواقع العربي ينبغي اتخاذ الموقف الموحد، وذلك غير متعذر التنفيذ فيما إذا توصل العرب فعلاً إلى اتفاق شامل ومبدئي وبعمل جماعي عبر الجامعة العربية وبرؤية قومية واحدة، فإن الموازين الدولية تتغير بكل تأكيد ومن منطلق قوة الحق، ومع أن العرب يمتلكون القوة العسكرية ولديهم الموارد الاقتصادية والقوى البشرية، وبوجود العمل الوطني المشترك يتمكنون من دحر القوى الدخيلة وحماية الأمن القومي العربي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة