واحدٌ وخمسون عاما ليست بالعمر الطويل.
ولكن انظر كيف أنها صنعت بلدا رائدا، متقدما، قويا، غنيا وذا نفوذ دولي كبير، ومكانة إقليمية رفيعة، واحتراما متعدد الأبعاد، وثقة منقطعة النظير.
واحد وخمسون عاما، عرف العالم والمنطقة خلالها حشدا من الحروب والأزمات والنزاعات، ولكن انظر كيف نجحت الإمارات في تجاوزها واحدة تلو الأخرى. حتى لكأنها كلما مرت أزمة خرجت منها بقوة أكبر، ومعارف أوسع، وقدرات بناء اقتصادية أفضل.
ثم إنها واحدٌ وخمسون عاما، إذا أردتَ أن تضع لها عنوانا واحدا، فلا "العمران الاجتماعي والاقتصادي" ولا "التنمية" ولا "الريادة الإنسانية"، ولا "الاستقرار" ولا "الحكمة" ولا الكثير غيرها يمكن أن تكون هي ذلك العنوان، لأنها تجتمع كلها في آنٍ، وتعضد بعضها، فتزيده قدرة على المضي قدما.
كل هذا والإمارات لم تقدم لنفسها ولأمتها وللعالم إلا ثلاثة رؤساء. فما بالك عندما تصل إلى ثلاثين، يحرسهم الخير، ويصونهم الإخلاص.
وضع أولهم الأسس، وكانت أسسا أخلاقية وإنسانية ليس بأقل منها أسسا دستورية، جعلت من حكام الإمارات السبعة رجلا واحدا، تُلقى على أكتافه المسؤوليات، يبايعونه على المحبة والثقة والاحترام، مثلما يتخذ منهم عضدا وناصحا ومشورة. سبعة في واحد، صنعوا بقيادة الراحل زايد بن سلطان آل نهيان دولة موحدة، تزداد قوة كلما خطت خطوة إلى الأمام في أي مجال تشاء.
ووضع ثانيهم أسسا لدولة التمكين الاجتماعي والرفاه الاقتصادي والريادة في الأعمال والتنمية في التعليم والصحة والبنى التحتية والخدمات، حتى أصبحت الإمارات مركزا إقليميا ودوليا يتسع لكل المبادرات، وكل الإمكانيات، ويستقطب الخبرات ويوفر للبحث والتطوير أفضل الفرص. وما من حلم من أحلام التقدم إلا وتجد له ما يمكن أن يجعله واقعا هنا.
ومن موقعه كولي للعهد، شارك في قيادة البلاد لسنوات، ما جعل ثالثهم الأفق يتسع بقوة اقتصادية راسخة، وعمرانا اجتماعيا أمتن من كل عمران، ومنعة معرفية وتكنولوجية شقت الطريق إلى المريخ، وقدم رؤية للمستقبل بنَت فوق الخمسين عاما خمسين أخرى لمستقبل لا حدود لحجم الطموحات فيه.
ليقول لكل إماراتي، في كل مجال من مجالات العمران: أنت والأفق. إنك تقف على أساس متين.
الروح الإنسانية النبيلة هي الشيء الجامع بين هؤلاء الرؤساء الثلاثة. شيءٌ جعل المحبة والتفاني والصدق والإخلاص والتسامح وروح التعاون والسلام هي الأرض التي تقف عليها البلاد، وهي الأرض التي تمدها في العلاقة مع الآخرين.
السبعة في واحد، لم يبايعوا الأول والثاني والثالث، إلا على ما في أنفسهم هم. يكتب أحدهم قصائد حب في الآخر، ليصنعوا بلدا من روح الأخوة والتعاون والتضامن ما يمكن أن يتحدى المستحيل، بل وأن يصنعه أيضا، ويكسب معه رهان الثراء، ولكن ليس ثراء المال، وإنما ثراء الروح الإنسانية نفسها، التي جعلت من هذا البلد يسابق الريح في مد يد العون، وتقديم المساعدات، وتوفير الموارد لمن قد تتعثر بهم الخطوات.
يتقاطر قادة العالم إلى هذا البلد، ليقولوا شيئا واحدا، هو أن العالم كله مدين لتلك الروح التي جعلت من الإمارات شعلة منيرة في العلاقات الإنسانية والسياسية التي تقوم على روح التعاون والتسامح والشراكة والسلم.
لا شيء يمكنه أن يقوى على هذه الروح. الشر موجود في العالم. والأزمات قد تنشأ. ولكن روح الخير هي الغالبة دائما.
هل ترى الآن، لماذا كان المؤسس يُلقّب "زايد الخير"؟
بلاده كلها "زايد خير"، السبعة كلهم "زايد خير"، ومهما اجتمعوا في واحد، صاروا به وصار معهم "زايد خير".
إنها بلاد خير. نشأت لتكون كذلك. أراد لها مؤسسها أن تكون نموذجا. وكل الذين عرفوه، إنما عرفوا به صدق سريرته، وتواضعه وحبه لأهل بلاده كلهم، ورأوه مقدما الخير على كل شيء آخر. ولا مصلحة تعلو على الخير. إنه هو المصلحة. وكان له أخوة وأبناء، جَبَلهم على المحبة، فجَبَلوا بلادهم عليها. إذا أرادوا أن يتنافسوا على شيء، تنافسوا على الخير.
هذه هي الإمارات. إنها السبعة في واحد. وهي الواحد في مليون مواطن. والمليون في تسعة ملايين نسمة من 200 جنسية يعملون ويجتهدون ويخلصون لخيرهم هم. لم تصنعهم الثروة. بل إنهم، بالحقائق والأدلة والأرقام، هم الذين يصنعونها.
هذه هي الإمارات. إنها بلد يشبه العالم، ولكن فقط على وجه الخير فيه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة