في عيد الاتحاد الخمسين لدولة الإمارات يحتار المرء من أين يبدأ، وعن أي جانب أو صعيد يتحدث، فالإنجازات كبيرة وضخمة وكثيرة ومتنوعة.
لا يتسع مقال أو دراسة لعدّ منجزات دولة الإمارات ولو في عناوين قصيرة أو موجزة، لكن بغض النظر عن الجانب، الذي يريد المرء بدء الكتابة منه، فإن كل ما جرى خلال نصف قرن يقودك إلى لحظة التأسيس عام 1971، عندما وضع المؤسسون الأوائل بنيان دولة اتحادية بقيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي يعود له الفضل الأول في وضع الأسس الرصينة للانطلاق نحو المستقبل.
وعليه، يمكن القول إن الإنجاز الأول تجسد في بنية دولة اتحادية شكلت نموذجا للحكم الرشيد في المنطقة، إلى درجة أنه بات يحتذى في الإدارة والحكم والمؤسسات، فقصة نجاح الإمارات بدأت من الأرض بتوحيد الإمارات السبع في بنيان قوي لدولة تطلعت إلى المستقبل منذ البداية، من خلال الروح الجماعية للقيادة، وآلية صنع القرار، وكل ما تحقق هو نتاج رؤية سياسية راكمت الإنجازات والعلوم والإدارة، حتى أصبحت في إنجاز دائم في جميع المجالات.
الإنجاز الثاني تجسد في الإنسان الإماراتي وقدرته على إدارة المؤسسات الاتحادية، وامتلاك العلوم التي مكّنته من تجسيدها في مختلف مجالات الحياة، وجملة المؤشرات المتقدمة، التي حققتها الإمارات على مستوى العالم، تؤكد هذه الحقيقة، وتثبت مدى إرادة الإماراتيين في تحقيق خططهم وتطلعاتهم في توفير بنية السعادة، من مستوى معيشة إلى خدمات فائقة، وصولا إلى تمكين المرأة، وحماية الطفولة، وتعزيز منظومة الحقوق والحماية ونشر ثقافة السلام والاستقرار بدلا من الحروب، التي هيمنت على العلاقات بين الدول.
في ذكرى عيد الاتحاد الخمسين لدولة الإمارات يقف المرء أمام سؤال: كيف حولت الإمارات التحديات إلى إنجازات في مجالات الفضاء والعلوم والطاقة والسعادة والقوة الناعمة وقيم التسامح والاعتراف بالتعددية والهويات الثقافية والحضارية؟
وكانت الإجابة في منجزات مثل: مسبار الأمل، إلى وثيقة الأخوة الإنسانية، التي وقّعها شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان على أرض الإمارات، إلى الاتفاق الإبراهيمي للسلام، مرورا بتحول الإمارات إلى مقر عالمي للمؤتمرات والشركات والمنظمات الدولية، إلى إكسبو دبي 2020، وصولا إلى قرار عقد القمة العالمية بعد المقبلة للمناخ في الإمارات، واحتلال جواز السفر الإماراتي مرتبة متقدمة عالميا.. كلها عناوين بارزة في مسيرة دولة فاعلة، مبادرة، متطلعة إلى نشر الاستقرار والسلام والتسامح والإنسانية والعلوم، مستندة إلى الأصالة والمعاصرة معا، منطلقة من الواقع والحاضر نحو المستقبل، وفي كل ذلك وجدت في الإنسان "أغلى استثمار"، كما قال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
في اليوبيل الذهبي لدولة الإمارات، والذي يصاحبه إطلاق سلسلة مبادرات ومشاريع ضخمة، نحن أمام قصة نجاح كاملة، أمام مرحلة جديدة، عنوانها الأول والأساسي هو تكثيف الإنجازات، التي تعانق الطموحات إلى حد السماء، من أجل الولوج إلى عصر جديد، تكون القوة الناعمة والرقمية والاقتصادية المحرك الأساسي لنشر السلام والتسامح بين الشعوب والدول في استشراف المستقبل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة