تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم بعيد الاتحاد الخمسين، المرتبط بذكرى قيام اتحادها عام 1971.
ويستذكر الشعب الإماراتي، والشعب العربي بأكمله، في هذه المناسبة، مسيرة الاتحاد، التي امتدت عبر عقود، والتي باتت حافلة بالإنجازات، التي رسم ملامحها الأولى وأرسى دعائمها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وسارت على دربه القيادة الإماراتية الحالية، لتواصل دولة الإمارات تقدمها وازدهارها على مختلف المستويات.
وقد أسهمت المواقف السياسية الحكيمة والثابتة لدولة الإمارات في تجاوز المنطقة العربية للعديد من التحديات، فيما اتسمت دبلوماسية الدولة بالتحركات العربية النشطة على مختلف دوائرها الخليجية والعربية والدولية، حيث حافظت الإمارات على حضورها العالمي في مجال التسامح، وواصلت جهودها لتعزيز التعايش ومحاربة التطرف والكراهية عبر منظومة مؤسساتية وطنية، كما عملت دولة الإمارات على تبنّي دبلوماسية نشطة أساسها الانفتاح على العالم الخارجي، وتمكنت الدولة من نسج شبكة علاقات واسعة مع مختلف دول العالم، استندت في جوهرها على احترام مبادئ ومواثيق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وعلى رأسها الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وقد اتسمت السياسة الخارجية لدولة الإمارات بالحكمة والاعتدال، مرتكزة على قواعد استراتيجية ثابتة تتمثل في الحرص على التزام ميثاق الأمم المتحدة واحترامها القوانين الدولية، إضافة إلى إقامة علاقات مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الغير، وتبنّي استراتيجية حل النزاعات الدولية بالحوار والطرق السلمية، والوقوف إلى جانب قضايا الحق والعدل، والإسهام الفاعل في دعم الاستقرار والسلم الدوليين.
وانتهجت دولة الإمارات سياسة واضحة على مستويات متعددة، وعملت على توثيق كل مجالات التعاون، التي تربطها بدول الخليج العربي، ودعمت كل الخطوات للتنسيق معها، وقد تحقق هذا الهدف عند إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي يعد من أنجح التجارب الوحدوية، التي ترسخت جذورها على مدى أكثر من أربعة عقود.
وتتبنّى دولة الإمارات منذ إنشاء اتحادها سياسة خارجية ناجحة ونشطة، قوامها التوازن والاعتدال وعدم التدخل في شؤون الغير، وقد نجحت الدبلوماسية الإماراتية في إطلاق العديد من المبادرات، التي تمت صياغتها لخدمة مواطنيها وشعوب العالم أجمع، بالإضافة إلى دورها في تحقيق العديد من الإنجازات التي أسهمت في تعزيز مكانة الدولة على المستويين الإقليمي والدولي.
وواصلت الدبلوماسية الإماراتية جهودها في بناء وتعزيز علاقات الدولة مع مختلف دول العالم، حيث بلغ عدد الدول التي ترتبط مع دولة الإمارات بعلاقات دبلوماسية 192 دولة، كما زادت قيمة المساعدات التنموية والإنسانية والخيرية، التي قدمتها الإمارات خلال العقود الماضية على 173 مليار درهم، توزعت على 21 قطاعا.
ولا شك أن دولة الإمارات نجحت في ترسيخ حضورها العالمي بما تقدمه من دعم سخي لمنظمات ووكالات الأمم المتحدة كنموذج فريد لخدمة الأهداف الإنسانية، وللرقي بالعمل الدبلوماسي في مختلف وكالات المنظمة الأممية.
كما قدمت الإمارات يد العون لمختلف الهيئات التابعة للأمم المتحدة، إذ تبرعت مثلا بمبلغ إضافي قدره 50 مليون دولار لدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، "الأونروا".
وتعكس التجربة الإماراتية في مساعدة اللاجئين منظومة القيم الإنسانية، التي يقوم عليها مجتمعها المحلي، المتمثلة في التسامح والمحبة واحترام جميع الثقافات والأديان والأعراق.
وفي مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، حققت الإمارات إنجازات مهمة، سواء عبر المشاركات العسكرية أو عبر سن القوانين الوطنية التي تحاصر الإرهاب ومسبباته، مثل "قانون مكافحة التمييز والكراهية" والقانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2013، مع تأسيس مركز "هداية" الدولي لمكافحة التطرف العنيف، إضافة إلى إصدار مرسوم بقانون يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان والمقدسات ومكافحة أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية وتجريم التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل.
كما عملت الحكومة الإماراتية على تبنّي العديد من المبادرات المعنية بالاتصالات الاستراتيجية وأثر وسائل التواصل الاجتماعي في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، وأبرزها مركز "صواب".
ومضت مسيرة دولة الإمارات بخطوات واثقة في دروب التميز والتفرد في سعيها لتحقيق ريادة عالمية في مختلف القطاعات، ركيزتها "رؤية الإمارات"، فالعناصر الأربعة لهذه الرؤية الوطنية هي "متحدة في المسؤولية.. متحدة في المصير.. متحدة في المعرفة.. متحدة في الرخاء".
وقد تصدرت دولة الإمارات دول المنطقة في أكثر من 100 مؤشر تنموي رئيسي، كما ركزت على ترسيخ اقتصاد مستقر ومتنوع يحقق الاستدامة في مستقبلٍ أقلَّ اعتمادا على الموارد النفطية وأكثر اهتمامًا بتنويع مصادر الطاقة والاعتماد بشكل أكبر على الطاقة المتجددة.
ولم يكن غريبا أن يقع الاختيار على دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 28" عام 2023، والذي جاء بفضل رؤية القيادة الرشيدة والالتزام بنهج التنمية المستدامة، كما يعكس الاختيار في مجمله تقدير العالم للإسهامات الإيجابية، التي قدمتها دولة الإمارات في مجال العمل المناخي، إذ استثمرت الإمارات ما يقدر بنحو 15 مليار يورو في السنوات الأخيرة في مشروعات لزيادة حصة الطاقة المتجددة، لا سيما في البلدان النامية.
ختاما، فقد شكّلت منظومة الأمن والأمان في دولة الإمارات أساس الرفاهية والاستقرار، حيث أثبتت المؤشرات والإحصاءات الدولية صدارة دولة الإمارات للمراكز الأولى في كثير من التقارير الدولية التي تضع الدولة الرائدة في موقع متقدم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة