أفضل ما تفعله القيادة السياسية في دولة الإمارات، أنها لا تتوقف عن التفكير المستقبلي والاستعداد له بما يخدم شعبها أولاً (المواطن والمقيم) ثم الإنسانية كلها.
ولكنها أتعبت من يحاول تقليدها أو محاولة اللحاق بها فهي لا تعرف التوقف حتى أثناء الأزمات والتحديات التي عرقلت دول العالم مثل أزمة كورونا.
فرغم كل ما قامت به من تطورات علمية وتنموية حتى وصلت لأن تكون أول دولة عربية تعرف أساسيات غزو الفضاء، وقبلها الدخول في المشروعات النووية السلمية استعداداً لمرحلة ما بعد النفط، وغيرها من الطموحات التنموية التي أبهرت فيها العالم ووقف أغلبهم مشدوهين أمام ما يحصل في هذه المنطقة التي عرفت بأنها لا تعرف الاستقرار ولا المشروعات الضخمة، فإن مع كل ذلك فإن ما تفعله قيادتها الرشيدة بين الحين والآخر كأن هذه الدولة لم تتمكن بعد من فعل شيء وهذا "سر تفوقها".
بل إن جرأتها على تحدي من يصنفون أنفسهم بالدول المتقدمة والكبرى وكسرها للصورة النمطية على حالات الشعوب وقدراتهم الذهنية، شجعت بعض الدول العربية لأن تحذو حذوها وتبادر إلى التفكير والعمل كما تفعل الإمارات، وذلك وفق نظرية: "التأثير بالقدوة" وبعدها لا يهمها مراحل النجاح لأنها تريد فقط وضع بذور أفكار تنموية غير تقليدية وأن تسهم في أن تكبر هذه الأفكار وتنمو في أرض عربية أخرى.
إن المشروع الجديد والمجال الأحدث الذي تم إطلاقه في مجال استشراف المستقبل هو: "مشروع الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات" ومدته 13 عاماً وسيصل إلى هدفه حسب الخطة الموضوعة في 2034، وهو ما يعني بالنسبة لي أنه خلال فترة إطلاق المشروع إلى نهايته ستسهم دولة الإمارات في "تفجير" طاقات شبابها والشباب العربي والإنسان في العالم كله في رحلة فكرية وعلمية ضخمة ومشروعات بحثية ونقاشات علمية وأسئلة كبرى سنتعايش معها ونطور فيها مخرجاتنا التعليمية وبرامجنا في مجال الذكاء الاصطناعي وغيره من المعارف.
خلال الفترة الماضية حدثت في الإمارات طفرات تنموية بعضها خرافي أو أنها أقرب إلى المعجزات في مجالات مختلفة، أما آخر تلك المعجزات حتى الآن فهو إرسال أول رائد عربي في رحلة علمية إلى محطة الفضاء لإجراء بحوث وتجارب علمية لتحسين حياة البشرية. الفكرة هنا أنه من السهل أخذ التجارب من الآخرين وتطبيقها لكن ما تريد فعله الإمارات حاجتان وقد حققتهما بالفعل.
الحاجة الأولى: أنها تريد أن تثبت للعالم أن الشعوب العربية قادرة على صناعة المعجزات كما باقي شعوب العالم الذين سبقونا في هذا المجال وأن الإنسان العربي عموماً والإماراتي بشكل خاص يستطيع أن يحقق المعجزات إذا ما توفرت له الإرادة السياسية والدعم من حكوماته.
الحاجة الثانية: أن الدور الحقيقي للحكومات العالمية يكمن في الاستثمار في الإنسان من خلال توفير أسباب الرفاهية والعيش الكريم، وهذه هي الفكرة الرئيسية وجوهر عمل الدولة الإماراتية منذ قيام دولة الاتحاد قبل خمسين عاماً على يد المغفور له بإذن الله الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي عرف كيف يحول الطاقة البشرية الإماراتية إلى وقود لصناعة أنجح تجربة تنموية أبهرت قصتها العالم.
إن ملامح استراتيجيات دولة الإمارات وتجاربها العلمية مُسخَّرة لخدمة الإنسان. فهي حاربت الإرهاب والتطرف من أجل هذا الإنسان، وتسهم مع داعمي السلام والاستقرار في خلق بيئة للتعايش الإنساني والتقريب بين الأديان، ووفرت مجتمعاً يستضيف كل أبناء العالم الذين يزيد عدد جنسياتهم على 200، وحققت أعلى المؤشرات العالمية في مختلف المجالات ولكنها لم تتوقف لحظة، ولم تنتظر أحداً كي لا يُعرقلها عن رسالتها العالمية والإنسانية، ويبدو من خلال إطلاق "مشروع الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات" أنها لن تتوقف في البحث والتنقيب عما يحقق السعادة للإنسان في العالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة