الإمارات ترسم بهدوء وتفاؤل خريطة مستقبلها للخمسين سنة المقبلة إنما تضع في حسبانها أن العالم من حولها يرنو إلى المستقبل بالنظرة نفسها
فيما تتسارع التطورات الإقليمية من حولها ويزداد التوتر السياسي والعسكري وتبدو منطقة الخليج كأنها تستعد لدخول مرحلة حاسمة من تاريخها، تبدو دولة الإمارات أكثر هدوءاً وأكثر تفاؤلاً بمستقبل أفضل وبتطور داخلي أكبر وأعمق يمس حياة المواطن والقاطن في الإمارات.
وبينما تتسابق بعض الدول الأجنبية في تحذير رعاياها من السفر إلى منطقة الخليج تحسباً لأي طارئ، تتخذ دولة الإمارات إجراءات من شأنها أن تجذب مزيدا من الزوار للمنطقة، خصوصا ونحن على أعتاب استقبال أكبر حدث عالمي ألا وهو "إكسبو 2020".
التفاؤل الذي يشع من الإمارات، وذلك الحب للخير والسلام والأمن، من شأنه أن يجعل من الإمارات نوراً يشع في الظلمة التي تكاد ترمي بظلالها على المنطقة بأسرها.
فلا شيء من حولنا الآن أقوى من طبول الحرب التي تنادي بها بعض الأصوات، في الوقت الذي تعلن الإمارات فيه ضرورة تغليب صوت الحكمة، ومنع التوترات التي من شأنها أن تشعل حرباً جديدة في المنطقة.
المستقبل الذي تتطلع له الإمارات غير ذاك الذي تتطلع له بعض دول الجوار، التي تريد إشعال حرب جديدة في المنطقة، تقضي بها على كل أمل بتنمية حقيقية لشعوب المنطقة، وبازدهار واستقرار اقتصادي يعيد لمنطقة الخليج ألقها كمنطقة نمو اقتصادي متميز على مدى العقود السابقة.
هذا التناقض في الرؤى والمواقف يطرح كثيرا من الأسئلة والاستفسارات. فكثير من المحللين يضعون دائماً دولة الإمارات أنموذجاً تنموياً يفرض نفسه وسط إقليم مليء بالتناقضات السياسية والتوترات الإقليمية.
وبينما تنغمس بعض دول المنطقة في الصراعات الدولية رغبة في البروز السياسي، نرى الإمارات تتجنب التصعيد وترنو إلى التنمية الداخلية التي تعود بالفائدة؛ ليس فقط على كل من يقطن أرضها، بل وعلى الإنسانية جمعاء.
فشتان ما بين دولة تضع نصب عينيها المستقبل بكل ما فيه من تنمية حقيقية وتفاؤل وخير للإنسانية جمعاء، وأخرى تتطلع إلى البروز والهيمنة بكل ما قد يكلفها ذلك البروز وتلك الهيمنة من تأثيرات سلبية على مواطنيها وعلى المنطقة كلها.
إن الإمارات وهي ترسم بهدوء وتفاؤل خريطة مستقبلها للخمسين سنة المقبلة، إنما تضع في حسبانها أن العالم من حولها يرنو إلى المستقبل بالنظرة نفسها.
وبينما تنغمس بعض دول المنطقة في الصراعات الدولية رغبة في البروز السياسي، نرى الإمارات تتجنب التصعيد وترنو إلى التنمية الداخلية التي تعود بالفائدة؛ ليس فقط على كل من يقطن أرضها بل وعلى الإنسانية جمعاء
فالجميع يتشارك العيش في المنطقة، ولا يحق لدولة أن تتخذ إجراءً من شأنه أن يجلب الدمار على المنطقة، كما لا يحق لأي دولة انتهاج الأساليب الاستفزازية التي من شأنها أن تهيّج الوضع، وتعرّض أمن المنطقة كلها للخطر.
فدولة الإمارات منذ إنشائها مقتنعة بأن الأسلوب الأنجع هو أسلوب الحوار وتغليب الحكمة والتصرف بعقلانية، خصوصا في الظروف الحساسة التي تشهدها منطقتنا العربية كلها.
إن إقليم الخليج العربي منذ القدم وهو يتعرض لتهديدات وتوترات كبيرة، لكن ما يحدث الآن هو أخطرها من ناحية تداعياته الإقليمية والعالمية.
لذا فلا غرو أن تدعو دولة الإمارات إلى تغليب صوت الحكمة ومعالجة الأمور بعقلانية ومنع التصعيد، حتى لا تنجر منطقة الخليج الحساسة إلى وضع لا يمكن معالجته.
فالعالم يعتمد على المنطقة اقتصادياً والمنطقة تحتاج إلى العالم الخارجي اقتصادياً وتقنياً. لذا فإن ذلك التعاون الثنائي بين الطرفين لابد أن يستمر من أجل مصلحة الجميع.
وبينما يضع العالم يده على قلبه وهو يراقب الأحداث الجارية في الخليج، تضع الإمارات بصمتها على العالم من نواحٍ عدة. فهي في غمرة انشغالها في الاستعداد للخمسين لم تنسَ أنها لا يمكن أن تمضي في خططها ومشاريعها التنموية الكبرى إلا في ظل الاستقرار التام والسلام الشامل. فلا يمكن لدولة أن تحقق أمانيها في إقليم مضطرب وغير مستقر وتهدده الحروب والكوارث السياسية.
إن أمل الإمارات كبير في أن يعم السلام المنطقة، وتنصرف الشعوب إلى تحقيق أمانيها في العيش الكريم المشترك دون حروب وخسائر بشرية. ولهذا تقوم سياسة الإمارات على نشر أنموذج للسلم الداخلي والتعايش المشترك.
فلا أحد يدرك أهمية الأمن والاستقرار إلا الدول التي ذاقت الحروب وشردت أهلها الويلات، ولا أحد يدرك مسارات الحروب إلا الدول التي عانت من ويلات الحروب ومن الدمار الذي لحق بالبنى التحتية. هذا هو تعريف الإمارات للأمن الذي يجب أن يظلل شعوب المنطقة، خصوصا تلك التي عانت خلال العقود الماضية من تأثيرات الحروب وويلات الهجرة الخارجية.
نقلاً عن "البيان" الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة