حكايات أمل وحب وعطاء لأطباء "مسيرة فرسان القافلة الوردية"
فرسان عاشوا أحداثاً وقصصاً ستلازمهم طيلة حياتهم، تعكس مدى ارتباطهم بهذه المسيرة، التي تركت تجربتها وحكاياتها أثراً عميقاً في نفوسهم.
حكايات كثيرة لم ترو بعد لمسيرة فرسان القافلة الوردية في دولة الإمارات، الذين تجاوز عددهم على مدار السنوات الـ7 الماضية الآلاف بين فارس وفارسة، وطبيب وطبية، وممرض وممرضة، ومتطوعين.
هؤلاء الفرسان عاشوا أحداثاً وقصصاً ستلازمهم طيلة حياتهم، تعكس مدى ارتباطهم بهذه المسيرة، التي تركت تجربتها وحكاياتها أثراً عميقاً في نفوسهم بمدى أهمية وإنسانية العمل الذي يقومون به.
يعكس صدق مشاعر الكوادر الطبية في مسيرة فرسان القافلة الوردية عدد المستفيدين من خدماتها، الذي بلغ حتى اليوم 48.874 شخصاً من بينهم 32.093 مقيماً، و16.781 مواطناً، وتشمل 9643 رجلاً، حيث تم اكتشاف 47 حالة منذ عام 2011 حتى نهاية مارس الماضي، صادف خلالها الأطباء العديد من المواقف الصعبة، والحكايات الإنسانية.
الدكتورة سوسن الماضي، المدير العام لجمعية أصدقاء مرضى السرطان، ورئيس اللجنة الطبية والتوعوية لمسيرة فرسان القافلة الوردية، تؤكد أن القافلة الوردية تضم نخبة من أمهر الأطباء، واختصاصيي السرطان والأشعة، والكوادر الطبية والتمريضية، من المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة من مختلف الجنسيات، الذين أدوا دوراً كبيراً في التوعية بمرض سرطان الثدي والحد من تداعياته السلبية على المجتمع، من خلال الحث على الفحص المبكر، وبث الثقافة الصحية بهذا الشأن في مختلف أنحاء الإمارات، بغرض تقديم خدمات الكشف المبكر عن هذا المرض مجاناً.
وتضيف الماضي: "أكدت مسيرة فرسان القافلة الوردية من خلال المتطوعين، لا سيما كوادرها الطبية المتميزة، عمق انتماء المجتمع الإماراتي للأعمال الإنسانية التي رفعت رايتها دولة الإمارات العربية المتحدة، وأسهمت في ترسيخها قرينة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، المؤسس والرئيس الفخري لجمعية أصدقاء مرضى السرطان، وسفيرة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان للإعلان العالمي للسرطان، عبر دعمها مختلف الجهود المحلية والإقليمية والعالمية في هذا المجال، وإطلاقها العديد من المبادرات والحملات الرامية إلى تعزيز الوعي بمرض السرطان ومكافحته".
يؤكد ذلك ما ترويه الطبيبة المواطنة نورة سالم مرزوق، اختصاصية جراحة التجميل والحروق والترميم من الكادر الطبي لمسيرة فرسان القافلة الوردية، من خلال قصة عايشتها، وكان لها الفضل في اكتشاف مرض سرطان الثدي لدى إحدى السيدات من الجنسية الآسيوية، فتقول: جاءتني سيدة آسيوية، وأخبرتني أنها تشعر بآلام في الصدر، ولكن يمنعها إجراء الفحص ظروفها المالية القاسية، فقمت على الفور بإجراء الفحوصات السريرية، التي أثبتت على الفور وجود كتل في الصدر.
وتتابع الطبيبة: بعد إجراء الفحوصات السريرية وإخضاعها لأشعة سونار، وأشعة ماموجرام تبين إصابتها بمرض سرطان الثدي، حيث تم إرسال التقرير الخاص بحالتها إلى جمعية أصدقاء مرضى السرطان، التي قامت مباشرة بتقديم كافة المساعدات الطبية اللازمة لها.
وتنهي مرزوق حكايتها إذ تقول إن الشفاء غاية يسعى إليها المرضى كافة، وإن مبادرة جمعية أصدقاء مرضى السرطان قدمت خلال مسيرة فرسان القافلة الوردية خدماتها للكثيرين منهم عبر سنواتها الـ7، وتؤكد قصة هذه السيدة أهمية ما قدمته وتقدمه المسيرة من خدمات طبية وأخرى توعوية وتثقيفية بشأن مرض سرطان الثدي".
وردة أمل
أما الطبيبة المتطوعة لجين متعب، التي سارعت بالانضمام إلى ركاب مسيرة الفرسان منذ عام 2011، فتروي حكاية عاشت تفاصيلها، وشاركت في غرس وردة أمل فيها، فتقول: كنت خلال إحدى فعاليات القافلة الوردية في نادي خاص للمعاقين، لإجراء فحوصات لمنتسبي النادي كافة، وقمت بفحص الجميع عدا فتاة واحدة رفضت الفحص، على الرغم من محاولة إقناعها بكل الطرق والوسائل، بضرورة إجراء الفحص".
وتضيف متعب "تركتها وتوجهت إلى والدتها التي كانت تعاني من مرض سرطان الثدي، وبعد أن تحدثت إليها أعطيتها رقم هاتفي، وتواصلنا على مدى أسبوع كان كفيلاً بإقناع ابنتها، إذ عادت بصحبة والدتها التي كانت من ذوي الدخل المحدود، وبعد إجراء الفحوصات اللازمة، تبين وجود كتلة كبيرة تؤكد إصابتها بسرطان الثدي، وهو الأمر الذي ينقلنا إلى مرحلة جديدة من مراحل التعامل، تتطلب منا استكمال واجبنا الإنساني والمهني في مرافقة المصابين في رحلتهم العلاجية".
وتستطرد الطبيبة: "يتطلب عملنا ضمن مسيرة فرسان القافلة الوردية بث الوعي بسرطان الثدي، ونستخدم في شرحنا لمفهوم المرض وخطورته، وضرورة إجراء الفحوصات المبكرة أبسط السبل وأيسرها بالابتعاد عن التعقيد، مستندين في ذلك إلى خبراتنا كأطباء، وإلى ما تقدمه مسيرة القافلة من ورش عمل خاصة للتعامل النفسي مع الأشخاص، وهو ما حدث مع هذه الفتاة، التي أدى كشفها في المراحل المتقدمة عن مرض السرطان إلى اتخاذ جمعية أصدقاء مرضى السرطان كافة الإجراءات المادية والمعنوية اللازمة لرحلتها العلاجية، التي رافقتها فيها والتي انتهت بخضوعها لعملية جراحية ناجحة لاستئصال الثدي أنقذت حياتها".
واختتمت الطبيبة لجين آخر فصول حكايتها بالقول: "ما يزال صدى كلمات هذه الفتاة يتردد في أذني، فبعد إجراء عملية الاستئصال لهذا المرض الذي شفيت منه، سألتني كيف سأرضع الطفل وهو سؤال أوقفني عند حالة استثنائية لهذه المرأة التي لم تفكر في تلك اللحظة إلا بطفلها، مما زاد حبي وتعلقي بهذه الإنسانة التي أصبحت صديقة لي ولا تتخذ قراراً يتعلق بالصحة والعلاج إلا باستشارتي، ولا يمكنني وصف سعادتي إذ تمكنت من رسم ابتسامه على وجه هذه الفتاة، التي باتت تروي حكايتها اليوم بابتسامة أمل وإصرار على الحياة".
الدور التوعوي للرجال
الطبيب طه عزازة، الذي انضم لمسيرة فرسان القافلة الوردية منذ انطلاقتها الأولى، يروي في قصته مع الشاب سعيد أهمية تعزيز ثقافة مواجهة مرض سرطان الثدي، إذ يقول التقيت بالشاب الإماراتي سعيد خلال المسيرة الثالثة للقافلة، قادماً من مركز المنامة الطبي التابع لإمارة عجمان، ومحملاً بالأسئلة التي تعكس عدم قناعته بفكرة سرطان الثدي، بل معارضاً فكرة فحصه لدى الرجال، في صورة واضحة تمثل غياب الثقافة حول هذا المرض، وربما هي حالة من حالات ثقافة العيب.
ويروي طه: "وبعد أن أجبت على أسئلته المختلفة بصورة مبسطة، طلبت منه دقيقتين من وقته، حيث بدأت أوضح له أبجديات الطب، حتى وصلنا إلى تفاصيل في علم تشريح الجسم، مستخدماً لهذا الغرض مجسمات ومجرد ورقه وقلم، وبالنتيجة اقتنع سعيد بالفكرة، وتطوع للفحص، بل اتصل بجميع أهله وأحضرهم لإجراء الفحوصات الطبية".
ويتابع: "اليوم يمثل سعيد أحد شخوص حكايات مسيرة فرسان القافلة الوردية، التي لم يتوقف نجاح طبيبها على إقناعه بأهمية إجراء الفحوصات وحسب، بل إنها كانت إحدى الشخصيات التي اكتسبت جرعات ثقافية على يد أحد أطباء القافلة المتطوعين، وبات سعيد يسأل ويتحين موعد القافلة، حتى يؤدي دوره فيها كواحد من الفرسان الذين يحضرون متطوعين للمساعدة وأيضاً للفحص، في صورة تمثل مدى نفوذ التوعية والعلم".
مسيرة لا تتوقف
على مدى 7 سنوات تمكنت "مسيرة فرسان القافلة الوردية" من جعل مرض سرطان الثدي هماً مجتمعياً يتشارك الجميع في مواجهته، من خلال تصحيح المفاهيم المغلوطة بشأنه، واستقطبت عياداته الثابتة والمتنقلة آلاف النساء والرجال، من مختلف الجنسيات، لإجراء الفحوصات المبكرة، إضافة إلى تعزيز التوعية بالمرض، وإزالة حواجز الخوف والخجل من نفوس الكثيرين.
واليوم تواصل "مسيرة فرسان القافلة الوردية" طريقها، في هذه الجولة التي تمتد هذا العام على مدى 7 أيام، خلال الفترة من 28 فبراير/شباط وحتى 6 مارس/آذار 2018، وتجوب خلالها مختلف إمارات الدولة، حاملة بطاقات طبية عالية، وجهدا مكثفا يتحضر فيه كادر طبي متخصص، ومزود بمختلف المعدات والأجهزة الطبية اللازمة لإجراء الفحوصات.
aXA6IDMuMTUuMTg2LjU2IA== جزيرة ام اند امز