ترويض المناخ.. الانبعاثات والطاقة وهدف 1.5 درجة مئوية في اتفاق COP28
خرج النص النهائي لاتفاق COP28 ببنود تاريخية بشأن تخفيف الانبعاثات وتحقيق هدف 1.5 درجة، لتجنيب البشرية أسوأ سيناريوهات تغير المناخ.
يعاني العالم من أزمة كبرى تتمثل في تغير المناخ وارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض بسبب الانبعاثات الناجمة عن النشاطات البشرية مثل حرق الوقود الأحفوري والزراعة والصناعة وغيرها.
وقد تسببت آثار تغير المناخ والاحترار العالمي في كوارث مناخية بجميع أنحاء العالم، ظهرت بوضوح وقسوة خلال الأعوام الأخيرة، من الفيضانات والأعاصير المدمرة وحتى موجات الحر والجفاف الشديدة.
لا أمل في تجنب سيناريوهات المناخ الكارثية التي ستضرب كل دول العالم بلا استثناء دون تخفيف الانبعاثات الناجمة عن القطاعات المختلفة بسرعة ووفق جدول زمني محدد، منصوص عليه في اتفاق باريس التاريخي الذي تدير بنوده معركة البشر ضد تغير المناخ.
وفي حال التزمت الدول بوضع خطط مناخية طموحة لخفض الانبعاثات، وفق المعايير التي وضعتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، يمكن للعالم أن يكبح الارتفاع الجنوني في متوسط درجة حرارة الأرض عند مستوى آمن.
في دبي، تفاوضت البلدان على الالتزامات والاجراءات التي يجب أن تتخذها فورًا، للحد من ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية، باعتباره الهدف الآمن الذي يجنبنا السيناريوهات الكارثية المتوقعة لآثار تغير المناخ، وجاءت النتائج في النص النهائي لـCOP28 تاريخية، وفق خبراء.
- تعهدات التمويل في اتفاق الإمارات التاريخي.. 14 مليار دولار لصناديق المناخ
- ثلث العالم في خطر.. اتفاقية COP28 تقدم الحلول التاريخية
هدف 1.5 درجة
بعد أن يرحب النص بأن اتفاق باريس قد دفع إلى اتخاذ إجراءات شبه عالمية بشأن المناخ، حققت تقدمًا عامًا في التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه وفي وسائل التنفيذ والدعم أيضًا، يقول إن الأطراف لم تسر بعد بشكل جماعي على المسار الصحيح نحو تحقيق غرض اتفاق باريس وأهدافه طويلة الأجل.
ويُقر النص بوضوح بأن الأنشطة البشرية، وتحديدًا التي ينتج عنها انبعاثات غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، قد تسببت بشكل لا لبس فيه في ارتفاع درجة حرارة الأرض بنحو 1.1 درجة مئوية منذ عام 1800.
ويشير إلى أن آثار تغير المناخ التي يتسبب فيها الإنسان أصبحت محسوسة بالفعل في كل منطقة في جميع أنحاء العالم، وأن الدول والمجتمعات التي ساهمت بأقل قدر في تغير المناخ هم الأكثر عرضة للتأثيرات، التي ستزداد، إلى جانب الخسائر والأضرار، مع كل زيادة في الاحترار.
كما يعرب النص عن قلقه البالغ من أن عام 2023 سيكون العام الأكثر حرارة على الإطلاق، وأن التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ تتسارع بسرعة.
لذا يؤكد النص من جديد على أهمية تحقيق هدف درجة الحرارة المنصوص عليه في اتفاق باريس، المتمثل في إبقاء الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية أقل بكثير من درجتين مئويتين، ومواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، معترفًا بأن هذا من شأنه أن يحد بشكل كبير من المخاطر، ويجنب البشرية أسوأ كوارث تغير المناخ.
كما يشدد على أن آثار تغير المناخ ستكون أقل بكثير عند زيادة درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بدرجتين مئويتين.
وفي حين تعقد الدول العزم على مواصلة الجهود الرامية إلى الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، يؤكد النص أيضًا الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة ودعم لإبقاء الهدف في متناول اليد، ومعالجة أزمة المناخ في هذا العقد الحرج.
الانبعاثات
يُقر النص بأن إحراز البلدان تقدمًا جماعيًا كبيرًا نحو تحقيق هدف درجة الحرارة المنصوص عليه في اتفاق باريس، ساهم في تقليل الارتفاع المتوقع في درجة الحرارة العالمية، الذي قدر قبل اعتماد الاتفاق بـ4 درجات مئوية، إلى ارتفاع يتراوح بين 2.1 و2.8 درجة مئوية، وفق أحدث الخطط الوطنية للبلدان.
فيما يشيد بـ68 دولة أبلغت عن استراتيجيات إنمائية طويلة الأجل تراعي خفض الانبعاثات، ويشير إلى أن 87 في المائة من الاقتصاد العالمي أصبح مشمولًا بأهداف الحياد المناخي، أو صافي الانبعاثات الصفرية، مما يوفر إمكانية تحقيق هدف درجة الحرارة في اتفاق باريس.
لكنه يعود ليشدد على أن هناك حاجة إلى تخفيضات أكبر بكثير في الانبعاثات، لأن المسارات العالمية الحالية للانبعاثات لا تتماشى بعد مع هدف درجة الحرارة المنصوص عليه في اتفاق باريس، وأن هناك نافذة تغلق بسرعة لزيادة الطموح وتنفيذ الالتزامات القائمة من أجل تحقيق ذلك الهدف.
يُسلم أيضًا بأن الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية دون تجاوز، أو مع تجاوز محدود، يتطلب إجراء تخفيضات عميقة وسريعة ومستمرة في انبعاثات غازات الدفيئة العالمية بنسبة 43 في المائة بحلول عام 2030 و60 في المائة بحلول عام 2035 مقارنة بمستوى عام 2019، والوصول إلى صافي الصفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050.
كما يعرب عن القلق من أن ميزانية الكربون المتسقة مع تحقيق هدف درجة الحرارة أصبحت الآن صغيرة وتستنفد بسرعة.
يمكن تعريف ميزانية الكربون بأنها كمية ثاني أكسيد الكربون المسموح بإطلاقها في الغلاف الجوي، على مدى فترة زمنية معينة، للاحتفاظ بمتوسط درجة الحرارة العالمية عند حد 1.5 درجة مئوية، وإذا زادت كميات الكربون عن الكميات المحددة سلفًا، سترتفع درجات الحرارة العالمية فوق الحد المسموح.
يسلم النص بأن صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التراكمية التاريخية تمثل بالفعل حوالي أربعة أخماس ميزانية الكربون الإجمالية، أي لم يتبق لنا سوى خمس الكمية فقط.
يعني ذلك أن احتمالية الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية؛ باتت ممكنة بنسبة 50 في المائة فقط.
التزامات تاريخية
لكي يستطيع العالم تحقيق الهدف، يدعو النص البلدان إلى المساهمة في الجهود العالمية التالية، بطريقة محددة على المستوى الوطني، مع مراعاة اتفاق باريس وتوصياته المتمثلة فيما يلي:
- مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة على مستوى العالم ثلاث مرات، ومضاعفة المتوسط العالمي للمعدل السنوي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة بحلول عام 2030.
- تسريع الجهود الرامية إلى التخفيض التدريجي للطاقة المعتمدة على الفحم.
- تسريع الجهود العالمية نحو إنشاء أنظمة طاقة خالية من الانبعاثات، واستخدام أنواع الوقود الخالية والمنخفضة الكربون قبل منتصف القرن بوقت طويل أو بحلول منتصفه.
- التحول بعيدًا من استخدام الوقود الأحفوري في نظم الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، وتسريع العمل في هذا العقد الحرج، وذلك لتحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050 تماشياً مع العلم.
- تسريع وتيرة التكنولوجيات الخالية والمنخفضة الانبعاثات، بما في ذلك، تكنولوجيات الطاقة المتجددة والنووية، وتكنولوجيات التخفيض والإزالة مثل احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، ولا سيما في القطاعات التي يصعب تخفيفها، بجانب إنتاج الهيدروجين المنخفض الكربون.
- تسريع الانبعاثات غير ثاني أكسيد الكربون وخفضها بشكل كبير على الصعيد العالمي، تحديدًا انبعاثات الميثان بحلول عام 2030.
- التعجيل بخفض الانبعاثات الناجمة عن النقل البري على مجموعة من المسارات، بما في ذلك من خلال تطوير البنية التحتية والنشر السريع للمركبات الخالية من والمنخفضة الانبعاثات.
- الإلغاء التدريجي في أقرب وقت ممكن لإعانات الوقود الأحفوري غير الفعالة التي لا تعالج فقر الطاقة أو التحولات العادلة.
- يمكن لأنواع الوقود الانتقالية، يقصد بها الغاز، أن تلعب دورا في تيسير التحول في مجال الطاقة مع ضمان أمن الطاقة.
الطبيعة
يشدد النص كذلك على أهمية الحفاظ على الطبيعة والنظم الإيكولوجية وحمايتها واستعادتها من أجل تحقيق هدف باريس.
يمكن تعريف النظم الإيكولوجية بأنها المجتمعات البيئية التي تتضمن التفاعلات بين الكائنات الحية المختلفة والبيئة التي تعيش فيها هذه الكائنات، ومن أبرز هذه النظم، الغابات.
تساهم الغابات، من ضمن أمور أخرى، في تنظيم حلقات المياه، وامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه في تربتها، مما يجعلها خزانات طبيعية للكربون في مواجهة الاحتباس الحراري.
لذا يشدد النص على تعزيز الجهود الرامية إلى وقف وعكس مسار إزالة الغابات وتدهورها بحلول عام 2030، وكذلك النظم الإيكولوجية البرية والبحرية الأخرى التي تعمل كمصارف للمياه وخزانات للغازات الدفيئة، والحفاظ على التنوع البيولوجي.
يشير إلى الحاجة إلى تعزيز الدعم والاستثمار، بما في ذلك من خلال الموارد المالية ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات، للجهود الرامية إلى وقف وعكس مسار إزالة الغابات وتدهورها بحلول عام 2030 في سياق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر.
يدعو الأطراف إلى الحفاظ على المحيطات والنظم الإيكولوجية الساحلية واستعادتها، وتوسيع نطاق إجراءات التخفيف القائمة على المحيطات، حسب الاقتضاء.
وفقًا لليونسكو، تمتص المحيطات ما يقرب من 26٪ من ثاني أكسيد الكربون المضاف إلى الغلاف الجوي من الأنشطة البشرية كل عام، مما يقلل بشكل كبير من تأثير غازات الاحتباس الحراري على المناخ.
كما يشير النص إلى أهمية التحول إلى أنماط الحياة والاستهلاك والإنتاج المستدامة في الجهود الرامية إلى التصدي لتغير المناخ، بما في ذلك من خلال نُهج الاقتصاد الدائري، وتشجع الجهود المبذولة في هذا الصدد.
دور البلدان المتقدمة والنامية
في النهاية، يشير النص إلى أنه ينبغي للبلدان المتقدمة أن تواصل أخذ زمام المبادرة من خلال الاضطلاع بأهداف مطلقة لخفض الانبعاثات على نطاق الاقتصاد بأكمله.
بينما ينبغي للبلدان النامية أن تواصل تعزيز جهود التخفيف التي تبذلها مع تشجيعها على التحرك بمرور الوقت نحو أهداف خفض الانبعاثات أو الحد منها على مستوى الاقتصاد بأكمله في ضوء الظروف الوطنية المختلفة.
وفي ضوء ذلك، يقر بالاحتياجات المحددة والظروف الخاصة للبلدان النامية، ولا سيما تلك المعرضة بشكل خاص للآثار الضارة لتغير المناخ، على النحو المنصوص عليه في الاتفاقية واتفاق باريس.
ويختم بتأكيد البلدان التزامها بتسريع العمل في هذا العقد الحاسم على أساس أفضل العلوم المتاحة، وبما يعكس الإنصاف ومبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة وقدرات كل طرف، في ضوء الظروف الوطنية المختلفة وفي سياق التنمية المستدامة والجهود الرامية إلى القضاء على فقر.
aXA6IDMuMjIuMjQ5LjIyOSA= جزيرة ام اند امز