العراق.. الصدر يقلب الطاولة داعيا لحكومة أغلبية وطنية دون محاصصة
انتهى الاجتماع الذي جمع طرفي المشهد الشيعي السياسي في العراق دون أن ينهي الخلاف الدائر بينهما بشأن إدارة
الدولة وطبيعة التفاهمات التي تتشكل بموجبها الحكومة المقبلة.
وخرج الاجتماع الذي دام نحو 3 ساعات في العاصمة بغداد، ببيان لقوى الإطار التنسيقي بعيداً عن طبيعة الأزمة الدائرة مع الصدر وكتلته ذات الـ73 مقعداً، وهو ما عده مراقبون دليلاً على فشل الحوار في إذابة الجليد ما بين الفريقين.
وعقب انتهاء الاجتماع تحدثت قيادات لقوى وأحزاب منضوية تحت مظلة الإطار التنسيقي عن تفاهم مع الصدر يضع الوزارات في الحكومة المقبلة المنتظر ولادتها من رحم البرلمان الجديد، تحت تصرف المبدأ التوافقي.
غير أن الصدر سرعان ما تدارك الأمر بقطع الطريق على تلك الأقاويل والتصريحات بتغريدة دونها بخط يده يؤكد من خلالها "أنها لا شرقية ولا غربية .. حكومة أغلبية وطنية".
تبعها بعد ذلك حسن العذاري، مستشار الصدر في منشور له لخصّ من خلاله ما جرى خلال الاجتماع مع الإطار التنسيقي.
وقال العذاري إن الصدر أكد على أن " لابد من حكومة أغلبية وطنية.. لا توافقية محاصصاتية على الإطلاق".
وأضاف أن الصدر "وضع جميع النقاط على الحروف بنقاش صريح هدفه مصلحة العراق لا غير".
وجاء اجتماع الصدر الذي قدم إلى بغداد من النجف مع قيادات الإطار التنسيقي المعترض على نتائج الانتخابات عقب تراشق بالتصريحات والاتهامات دامت نحو خمسين يوماً، هددت في احتدامها بإشعال الشارع الجماهيري.
وكان الصدر قد أفصح في كلمة ألقاها عشية إعلان النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التي جرت أكتوبر الماضي ،أن "عصر المليشيات قد انتهى"، مما أثار حفيظة القوى الولائية خشية ان تكون قربان فوز الكتلة الصدرية.
قطع شريط التفاوضات
رئيس مركز التفكير السياسي ،إحسان الشمري، يرى أنه "إذا ما تمعنا في قراءة بيان الإطار التنسيقي عقب الاجتماع مع الصدر سنجد ان التفاهم بين الطرفين غائباً على طاولة الحوار".
ويضيف الشمري خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "قوى الإطار التنسيقي تحدثت في بيانها عن حكومة توافق فيما تكلم الصدر عن حكومة أغلبية وطنية وشتان ما بين الخطابين".
ولكن اللقاء الذي جاء بعد فراق طويل، أسهم في تدعيم موقف الصدر على المستوى الجماهيري والسياسي بحسب الشمري، إذا أنه أكد موقفه الثابت من ذلك ونهجه الجديد في التعاطي مع الدولة.
وهو ما يؤكده الخبير القانوني طارق حرب، بأن الصدر جاء بفرض حكومة الأغلبية الوطنية على قوى الإطار وأن الأخير قد تقبل ذلك وهو ما يشكل تطوراً ايجابياً في المشهد السياسي الحاضر.
ويوضح حرب لـ"العين الإخبارية"، أن "قوى الإطار التنسيقي أبدت القبول من حكومة الاغلبية من خلال موقفها عقب الاجتماع حين أكدت استمرار الاعتراض على النتائج بالسبل القانونية لا بتأجيج الشارع وتصعيد أزمة مما يعد تغيراً في الخطاب مقارنة بما كانت تتحدث فيه قبل ذلك الاجتماع".
من جانبه يرى أستاذ العلوم السياسية، علاء عباس، أن الاجتماع كان بمثابة قطع شريط بدء التفاوضات بين الفرقاء بعد جمود واحتقان وكذلك في الوقت ذاته، أسهم في رفع "السبابة عن الزناد".
وكانت أحزاب وكتل منضوية تحت الإطار التنسيقي المقرب من إيران هددت بتصعيد الموقف عشية إعلان النتائج الأولية للانتخابات مما أفضى إلى وقوع صدامات عنيفة على أبواب المنطقة الخضراء ببغداد راح ضحيتها قتيل و125 جريحا.
الصدر يخترق الإطار
الشمري يلفت إلى أن "الفائز الاكبر في الاجتماع الذي دار ظهر اليوم الخميس، هو الصدر الذي نجح في أحداث اختراق كبير داخل قوى الإطار التنسيقي بما يهيئ لسحب بعض الأطراف منها لضمها إليه مستقبلاً".
ويعزز قوله، بأن الصدر لا يريد الذهاب باتجاه تحالف (تقدم)، والحزب الديمقراطي الكردستاني بعباءة شيعية وإنما يحاول كسب اطراف أخرى من داخل الإطار حتى يطغى على ذلك الحراك الصفة الوطنية".
وتسربت معلومات من مصادر مقربة خلال الأسابيع الماضية عززت صحتها مؤشرات سياسية، من رغبة الصدر في الاقتراب من كتلة "تمدد"، برئاسة الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكردستاني لتشكيل الكتلة الأكبر داخل مجلس النواب القادم.
وفي ذلك، يلفت عباس خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "ذلك الاجتماع يأتي كحلقة اولى من مسلسل طويل لإذابة الجليد وتقريب وجهات النظر وفق الاثقال التي افرزتها انتخابات أكتوبر".
واستدرك بالقول: "الصدر قد أسقط الحجة من جانب ومنح القوة الوسطية داخل الإطار جرعة بما يعزز حظوظها من فرض خطابها على بقية الأطراف الأخرى".