العراق بعد تثبيت "فوز الصدر".. مخاطر التصعيد وخارطة التحالفات
نتائج نهائية للانتخابات العراقية تحسم جدلا تخللته طعون ومزاعم تزوير وتمهد الطريق لخارطة تحالفات تفتح المشهد على أكثر من سيناريو.
والثلاثاء، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات العراقية أن هناك تغييرا في مقعد واحد في خمس محافظات، مقارنة بالنتائج الأولية، مؤكدة أن التيار الصدري حصل على 73 مقعدا في الانتخابات التشريعية من أصل 329 تشكل مجموع مقاعد مجلس النواب.
وينتظر الآن أن تحيل المفوضية النتائج إلى المحكمة الاتحادية للمصادقة عليها، ليدعو بعدها الرئيس برهم صالح مجلس النواب الجديد للانعقاد خلال مدة أقصاها 15 يوما برئاسة النائب الأكبر سنا من أجل انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه.
ويعقب ذلك جلسة أخرى يتم خلالها انتخاب رئيس الجمهورية الذي يتولى بدوره تكليف الكتلة البرلمانية الأكبر لترشيح رئيس للوزراء على أن يتم ذلك خلال مدة أقصاها شهر واحد.
مخاوف التصعيد
إلى العراق تتجه الأنظار بعد تثبيت نتائج الاقتراع المقام في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في إعلان يأتي عقب أسابيع من التوتر الذي بلغ ذروته باستهداف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بمحاولة اغتيال.
ورغم تقديم أكثر من 1400 طعن إلى المحكمة القضائية من قبل قوى وأحزاب بشأن مجريات اكتنفتها عمليات إجراء الانتخابات، إلا أنها لم تحدث فارقاً كبيراً بين النتائج الأولية والنهائية.
وتبقى المصادقة على نتائج الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية الخطوة المرتقبة للشروع بالذهاب نحو الجلسة البرلمانية والتي بموجبها يتم تكليف الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة.
وعقب إعلان النتائج، أصدرت قوى الإطار التنسيقي الذي يضم قوى ومليشيات مسلحة مقربة من إيران، بيانا جددت فيه موقفها الرافض والطاعن بنزاهة الانتخابات.
وجاء في البيان: "نرفض رفضا قاطعا نتائج الانتخابات الحالية، إذ بات واضحا وبما لا يقبل الشك قيام مفوضية الانتخابات بإعداد نتائج الانتخابات مسبقا على حساب إرادة الشعب العراقي".
وأضاف: "نجدد موقفنا الثابت المستند إلى الأدلة والوثائق بوجود تلاعب كبير في نتائج الاقتراع ما يدعونا إلى رفض النتائج الحالية والاستمرار بالدعوى المقامة أمام المحكمة الاتحادية لإلغاء الانتخابات".
في الأثناء، تتصاعد المخاوف من التصعيد، خصوصا في حال عمد زعيم الكتلة الصدرية مقتدى الصدر، بشكل غير مسبوق، لتشكيل تحالف أغلبية داخل البرلمان من خلال تحالفات مع أطراف خارج التشكيلات الشيعية.
مخاوف تدعمها قراءات لمحللين ممن يرجحون احتمال تشكيل الزعيم الصدري ائتلافا مع رئيس البرلمان المنتهية ولايته محمد الحلبوسي الحائز على 37 مقعدا، والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني (31 مقعدا).
حسم الأمر
الخبير القانوني العراقي، طارق حرب، يرى أن الأمر حسم وباتت الموازين السياسية واضحة تماما كما بات واضحا من هم صناع المشهد المقبل.
وقال حرب في حديث لـ"العين الإخبارية": "لن تشفع الطعون المقدمة إلى المحكمة الاتحادية بشيء بما أن القوى الخاسرة لا تملك دلائل وقرائن تؤيد حجتها وتكون قادرة على تغيير قناعات القضاء".
من جانبه، يقول حسين العقابي، المتحدث باسم تحالف "النهج الوطني"، إحدى القوى المنضوية ضمن الإطار التنسيقي، إن "هنالك 940 ألف ورقة اقتراع جرى إبطالها بأمر الهيئة القضائية في مفوضية الانتخابات دون مسوغ أو دليل يثبت بطلانها، وهو ما يغير المعادلة الرقمية لنتائج الفائزين".
وأضاف العقابي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن "قوى الإطار التنسيقي ماضية بتقديم الطعون المتبوعة بالدلائل إلى المحكمة الاتحادية لغرض البت فيها وإنصاف أصوات الناخبين"
سيناريوهات
يقول أستاذ العلوم السياسية، إياد العنبر، إن "قضية التصعيد والمهاترات على نتائج الانتخابات انتهت وبدأنا بالانتقال إلى واقعية الفعل السياسي".
ويوضح العنبر لـ"العين الإخبارية"، أن "القوى المعترضة الخاسرة ليس لديها الكثير من الخيارات فهي محددة ما بين الذهاب إلى المعارضة البرلمانية أو مقاطعة العملية السياسية أو الدخول بتحالفات تحت إرادة قوى فائزة كبيرة باعتبار أن أوزانهم النيابية في اقتراع أكتوبر تظل هامشية وغير مؤثرة".
أما في حال اختارت القوى المعترضة تأجيج الشارع والموقف العام واستخدام العنف، بحسب العنبر، فإنها ستخسر مقاعدها النيابية التي حصلت عليه وأيضا نفوذها الشعبي.
أما عضو مفوضية الانتخابات السابق عادل اللامي، فاعتبر أن "فترة الطعون والشكاوى قد أغلقت وأرسلت النتائج إلى المحكمة الاتحادية والمصادقة عليها ستتم بفترة لا تتجاوز عشرة أيام".
وأوضح اللامي لـ"العين الإخبارية"، أن "المحكمة الاتحادية لا تنظر بأمور تفصيلية وإنما تتعامل مع مجمل العملية الانتخابية من حيث إيفائها بكل المتطلبات الدستورية والقانونية"، لافتاً إلى أنه "في حال وجود طعون بأدلة قطعية فقد يقود الأمر إلى فتح بعض المحطات الانتخابية وفرزها يدوياً".
سباق الكتلة الأكبر
الخبير في شؤون الانتخابات، دريد توفيق، يعتبر أنه بإعلان النتائج النهائية، ببدء الماراثون السياسي بترتيب الصفوف والمساعي الجدية نحو تشكيل الكتلة الأكبر نيابياً، بما أن الفيصل في مخرجات صناديق الاقتراع هو المعادلة الرقمية تحت قبة البرلمان.
فيما يلفت عادل اللامي إلى أن "القوى الفائزة بدأت بالتحرك نحو تنظيم أرقامها في التحالفات منذ إعلان النتائج الأولية للانتخابات، ولكن بالوصول إلى الأرقام النهائية سنكون أمام مساع أكثر حدة وجدية".
وفي ذلك الجانب، يتوقع طارق حرب أن "لا نشهد تعثراً أو حركة تفاوضات معقدة على غرار المراحل السابقة بما أن الأمر بات شبه محسوم بتحالف التيار الصدري وتقدم الحلبوسي والقوى الكردستانية بما يؤهلهم لتشكيل الكتلة الأكبر نيابياً".
فيما يعرج الأكاديمي والمحلل السياسي إياد العنبر على ذلك الأمر قائلاً إن "موضوع الكتلة الأكبر قد يطرح في الجلسة الأولى لمجلس النواب المقبل التي ربما ستكون بدوافع مماطلة وتسويف لتمرير الإرادات والصفقات".
ويتابع أن "قضية تشكيل التحالف الأكبر وشكل الحكومة المقبلة (أغلبية أو تسوية بين الأطراف) يتعلق بجانبين مهمين؛ أولهما قدرة التفاهمات على التقريب بين الفرقاء الشيعة، والآخر يكمن في عامل التدخل الإقليمي والدولي الذي لن يكون بعيداً عن المشهد العراقي".
aXA6IDMuMTQuMTQzLjE0OSA=
جزيرة ام اند امز