كان طبيعيا أن تقوم السعودية ودولة الإمارات العربية والبحرين ومصر ودول أخرب بقطع العلاقات مع قطر بعد سنوات من توجيه الرسائل والتحذيرات المباشرة وغير المباشرة
كان طبيعيا أن تقوم السعودية ودولة الإمارات العربية والبحرين ومصر ودول أخرب بقطع العلاقات مع قطر بعد سنوات من توجيه الرسائل والتحذيرات المباشرة وغير المباشرة، وفي وقت ظن فيه النظام القطري أنه عصي عن أي مراجعة، وأنه يقف في مواجهة كل التهديدات التي يمكن أن تواجهه من خلال شبكة كبيرة معقدة من التعلاقات غير المشروعة مع تنظيمات مشبوهة وجماعات إرهابية من مختلف بلدان العالم، ودخل القطريون في اشتباك كبير في قضايا الإقليم من أجل أن يتواجدوا في الأزمات العربية والشرق أوسطية بل وفي المنظومة العالمية، ولم يكن هذا التوجه فقط مقصورا على دول الجوار التي سعى النظام القطري لتصدير أزمات متتالية ومحاولة هز الاستقرار في منطقة ظلت عصية عن أي تغيير لتماسكها المجتمعي وللمعطيات التاريخية الحقيقية وشراكة الحاكم والمحكوم وفق صيغة مبدعة من العقد السياسي لم تتوافر في أنظمة ادعت الثورية في مراحل معينة.
سعت قطر للعبث بثوابت الأمن القومي العربي وساندت تنظيمات إرهابية لكي تؤكد حضورها السياسي والاستراتيجي، واستقواء بوضع دولي وإقليمي غير منضبط سمح لقطر أن تؤدي دورا مشبوها جهارا نهارا دون أن يكون هناك رادع من دولة كبري دعمت وأنشأت التنظيمات الإرهابية، ولن أخوض في تفاصيل إنشاء وتعليم وتدريب الجيل الأول من القاعدة وداعش، والمعلوم ومثبت بالوقائع والشواهد أن أجهزة الاستخبارات الدولية كانت وراء انشاء أغلبية هذه التنظيمات على مختلف أطروحاتها، ولهذا لم توجه سهامها الطائشة إلى إسرائيل كما لم تتعرض الولايات المتحدة لعمل مشابه لأحداث 11 سبتمبر وظلت الولايات المتحدة تدرب وتمول وتجهز مسارح العمليات في ملفات العالم الساخنة، وكان الشرق الأوسط الساحة المباشرة لتفكيك بنية الدول الوطنية وإقامة جيوش القطاع الخاص وشركات الأمن العملاقة التي تحولت لاحقا إلى لاعب قوي في إدارة الأزمات، وفي هذه المساحة المباشرة من تكتيكات أجهزة الأمن والاستخبارات قامت قطر بالتحول لمنفذ ومؤدي جيد في إطار لعبة التوازنات السياسية والأمنية والاستراتيجية الدولية، واعتمدت على دبلوماسية الدور غير المشروع وبتوظيف الحيل السياسية عبر توظيف جيش من قادة ومسئولين عرب وأجانب عملوا في أجهزة الاستخبارات الدولية ولديهم ارتباطات بشبكات رؤؤس الأموال إضافة لخبراء ومستشاريين في مراكز وبيوت الخبرة وضعوا سياسات مباشرة وأفكار شيطانية للسياسة القطرية من أجل بناء دور كبير لقطر ليس في الإقليم فحسب وإنما في العالم، برغم الإمكانيات المحدودة لدولة قطر ومن خلال منظور استعلائي ومكابرة ومكايدة كبيرة لدول الإقليم ومحاولة تأليب جماعات وتنظيمات للسطو على نظم الحكم ومحاولة إسقاطها، وكانت أداتهم المباشرة عناصر إرهابية بعضها ينتمي لجماعة الإخوان الإرهابية، وعبر تنظيم دولي متغلغل في العالم عبر شبكة تربيطات معقدة وحضور مالي واستثماري ضخم لا يتوافر إلا للدول وهو ما أتاح لقطر توظيف ذلك عبر وسائل جديدة وغير نمطية، وعبر شخصيات ضالعة في إسقاط الأنظمة وإحلالها بأنظمة أخرى مثلما جرى في دول الإقليم بأكمله.
هناك بالفعل مذكرات توقيف دولية لعدد من أفراد الاسرة الحاكمة وبعض المسؤولين في إدارة نظام الحكم القطري، تورطوا في إدارة شبكات دولية للإرهاب ومطالبون بالاسم
إن ما قام به الأشقاء في السعودية ودولة الأمارات العربية والبحرين ومصر ومجموعة الدول التي انضمت إلى الصف الخليجي في إطار مواجهة قطر تعي أن المواجهة كبيرة وستكون علي عدة محاور خاصة، وأن قطر لن تسلم بسهولة، ولن تنصاع عبر إجراءات وتدابير يمكن أن تتخذ على وجه السرعة فلا وساطات عربية أو إقليمية عاجلة يمكن أن تعالج أخطاء السياسات القطرية التي ارتكبتها في الإقليم بأكمله، ولا تحركات عربية هادفة لرأب الصدع واحتواء الأزمة تطويق أبعادها في ظل مناخ جديد يتشكل معادي للسياسات القطرية في العالم وهو أمر غير كافٍ ويجب أن تنتفض الجامعة العربية.
ويكون هناك إجراء سياسي وأمني واستراتيجي يواكب الوقفة غير المسبوقة من الأشقاء الكبار في الخليج والذين سعوا سنوات لتقريب وجهات النظر ومحاولة ممارسة دور ضاغط على قطر لإثنائها عن مخططها الذي تحول بمرور الوقت لتوجهات نظام حكم داخلي يعتمد على سياسات الاختراق، وتصدير الأزمات والاشتباك في كل قضايا المنطقة ومساندة ودعم التنظيمات الإرهابية على مختلف درجاتها، وهو الأمر الذي جعل قطر قبلة للفاسدين والمفسدين، وبرغم الفرص التي منحت مراراً لقطر ولم تتجاوب معها بل عملت علي طرح خيارات المواجهة والتواجد في الأزمات السورية واليمنية والليبية، وفي داخل قطاع غزة إضافة لجنوب السودان وفي جنوب شرق آسيا، وامتد الأمر إلى مسارح عمليات دولية وفي قلب بعض العواصم الأوروبية وهو ما استمر سنوات. يعلم القاصي والداني أن هناك بالفعل مذكرات توقيف دولية لعدد من أفراد الأسرة الحاكمة وبعض المسئولين في إدارة نظام الحكم القطري، تورطوا في إدارة شبكات دولية للإرهاب ومطلوبون بالاسم وحددت وزارة الخزانة الأمريكية أسماء بعضهم، وبالتالي فإن مسلسل الاستدعاء والملاحقة وارد في مطارات وموانئ العالم، وإذا أرادت الدول الكبرى أن تتحمل مسئوليتها فعليها أن تعيد فتح ملف تورط عشرات الشخصيات القطرية والعربية المحسوبة على المخططات القطرية للتعامل الأمني المباشر، ولابد أن تكون هناك مراجعة وموقف وتوجه لن يكون الأمر مقصورا على موقف مؤيد للسياسات العربية الحالية تجاه قطر، فالسعودية ودولة الإمارات والبحرين ومصر انتفضت لقيم التآخي وأواصر الجوار والمعطيات العربية وكثيرا من المعاني التي أسقطها النظام القطري وهو يعبث بكل الثوابت في المنطقة ويبدد ثروة الشعب القطري الشقيق في مؤامرات ومخططات وأدى دورا لا يتماشي مع واقع دولة لا تملك من حسابات القوة الشاملة الكثير برغم حضور الأدوات الإعلامية والمالية والاستثمارية التي لا يمكن استبعادها في هذا السياق.
ستهدأ المنطقة لا محالة بعد المواجهة مع قطر وسيحسم الخلاف على أرض الواقع وسيعود الاستقرار والأمن للمنطقة وستعود أنظمة الحكم الرشيدة التي تعبر عنها سياسات دول بثقل السعودية ودولة الإمارات ومصر لتؤدي دورها إزاء مواطنيها ووفقا لصيغة سياسية ومجتمعية متماسكة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة