أسواق الطاقة.. صيف معتدل على أسعار النفط رغم حرارة الأزمات
لم تكن أسعار النفط الخام عالميا تحمل ذلك الألم الذي توقعه المستهلكون حول العالم، باحتمالية وصول البرميل لمستوى قياسي غير مسبوق.
في مارس/آذار الماضي، وعلى وقع الحرب الروسية الأوكرانية، صعد سعر برميل برنت إلى 139 دولارا، بأعلى مستوى منذ يونيو/حزيران 2022، حينها توقعت الأسواق أن الأسوأ لم يأت بعد.
لذلك، فإن الفكرة القائلة بأن العقوبات الضمنية أو الصريحة على النفط الروسي ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار، كانت بلا أساس على الإطلاق حتى تاريخ اليوم 24 أغسطس/آب 2022.
وارتفعت الأسعار بعد أن حظرت الولايات المتحدة وكندا الواردات الجديدة ردا على غزو أوكرانيا، ووجدت شركات النفط الغربية التي تتعامل بشكل قانوني في الخام الروسي نفسها تقدم اعتذارا عن وارداتها، قبل أن تقرر الحظر بحلول نهاية 2022.
أمام هذه المحاولات لخفض الاعتماد الغربي على النفط الروسي، وجدت الخام طريقه نحو الشرق، حيث قامت الدول الآسيوية بسعادة باقتناص البراميل الروسية بخصم من السعر العالمي للنفط.
ونتيجة لذلك، انخفضت أسعار النفط إلى ما دون المستوى الذي كانت عليه عشية الحرب الروسية في أوكرانيا، خاصة وأن مشتري الشرق هم من كبار مستهلكي الخام عالميا، كالهند والصين.
بالأرقام، الصين أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، بمتوسط يومي 10 ملايين برميل يوميا، ووصل في بعض الأحيان إلى 11 مليون برميل يوميا، بينما الهند ثالث أكبر مشتر بعد الصين والولايات المتحدة، بمتوسط يومي 4.2 ملايين برميل يوميا.
وفقا لبيانات من رويترز، تضاعفت حصة الصين والهند من شحنات النفط الروسية من حوالي 20% إلى أكثر من 40% مقارنة بالعام الماضي من إجمالي الصادرات.
وانخفضت أسعار النفط الخام إلى ما دون 94 دولارا لبرميل برنت الأسبوع الماضي، أي أقل بكثير من 100 دولار، وخفض أعمق مما توقعته العديد من بنوك وول ستريت في وقت مبكر من هذا العام.
متوسط سعر برميل النفط
إذ توقع بنك الاستثمار مورجان ستانلي 130 دولارا للبرميل لخام برنت كمتوسط خلال العام الجاري، بينما المعيار النفطي المرتبط حاليا، مستقر عند حوالي 97 دولارا للبرميل.
وفي حين أن العديد من الدول خارج الولايات المتحدة لم تعتمد رسميا حظرا على روسيا، كانت هناك مخاوف من أن "المعاقبة الذاتية" ستزيل ملايين البراميل يوميا من سوق النفط العالمية، أي قيام روسيا بردة فعل تحظر فيها صادرات نفطها، وهو أمر لم يحصل.
كان من المفترض أيضا أن يكون عام 2022 هو العام الذي تعافى فيه الاقتصاد العالمي من جائحة كورونا، مما يعني عودة الطلب على النفط إلى مستويات 2019، والطلب عاد لكن الأسعار حاليا لا تعكس مخاطر السوق، بل تعكس مخاوف التضخم، لذلك هي متراجعة.
وفي أمريكا الشمالية على وجه الخصوص، حيث لم يتم بناء مصافي جديدة منذ السبعينيات، تقلصت الطاقة الإنتاجية مع إغلاق بعض المصافي في عام 2020، ما يعني حاجة البلاد إلى مزيد من النفط المستورد، وهو الأمر الذي لم يحصل بنسبة 100%.
مخاوف عديدة
باختصار، تبين أن العديد من المخاوف التي حدثت في أواخر مارس/آذار حتى مايو/أيار عندما ارتفعت الأسعار كانت قصيرة الأجل.
لقد ظلت قدرة روسيا على إنتاج وتصدير النفط - على الرغم من عدم إرسالها إلى الولايات المتحدة وكندا - مستمرة ، واستجابت السوق لأسعار النفط والغاز المرتفعة للغاية في الربيع وأوائل الصيف.
في بداية الحرب، توقعت أسواق النفط اختفاء ما يقرب من مليوني إلى أربعة ملايين برميل يوميا من النفط الروسي، لكنها واصلت بدلاً من ذلك تصدير النفط بوتيرة متساوية وبأسعار أقل.
في الوقت نفسه، أدت مخاوف الركود في الولايات المتحدة والمشاكل الاقتصادية في الصين، إلى انخفاض الطلب في على عقود النفط الخام المستقبلية، مما زاد من الضغط على الأسعار.
ولم تكن روسيا وحدها التي تضخ المزيد من البراميل بشكل غير متوقع، ولتكون الأسعار عند مستويات مقبولة، بل إن الرئيس الأمريكي جو بايدن بإطلاق مليون برميل يوميا من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي لمدة ستة أشهر.
aXA6IDMuMTQ1LjU2LjE1MCA= جزيرة ام اند امز