صفقة إيني مع ليبيا.. استراتيجية أوروبا لسد احتياجاتها من الغاز
طالت الحرب الروسية في أوكرانيا التي تقترب من العام، قطاع النفط، ومع تقلص الإمدادات الروسية برزت ليبيا كمصدر بديل أمام القارة الأوروبية.
وتقلصت إمدادات روسيا التي تمتلك 3% من الاحتياطي العالمي من النفط، لتبرز ليبيا في المشهد بقوة كمرشحة لسد احتياجات أوروبا المتزايدة من النفط والغاز، خاصة أن ليبيا مستثناة من قرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) القاضي بخفض الإنتاج.
الاستراتيجية الأوروبية بالبحث عن مصادر طاقة بديلة لمواجهة النقص العالمي بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، تقودها إيطاليا على ما يبدو، وفقا لمراقبين.
ووقعت إيطاليا، قبل يومين بحضور رئيسة وزرائها جورجيا ميلوني في طرابلس، اتفاقية طاقة بين شركة إيني للنفط والغاز الإيطالية، مع المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا تشمل استثمار 8 مليارات دولار خلال 3 سنوات، الأمر الذي فتح الباب على تساؤلات حول طموحات إيطاليا في القارة الأفريقية.
وعقب توقيع الصفقة، قالت ميلوني:إن " توقيع اتفاق النفط مع ليبيا سيعيد إطلاق مجموعة مبادرات لتعدد المصادر، واستدامة مصادر الطاقة، ومساعدة أوروبا لتزويد موارد الطاقة في لحظة صعبة بالتأكيد تجعل ليبيا شريكاً مهماً وأساسياً لإيطاليا".
وبحسب خبير ليبي تحدث لـ "العين الإخبارية" فإن الصفقة التي وقعتها "إيني" جعلتها رأس الحربة الأوروبية في البحث عن مصادر متعددة للنفط والغاز في أفريقيا.
إيني رأس حربة
مروان ثابت الخبير الليبي في العلاقات الدولية قال إن "الخطط الأوروبية لتعويض الطاقة عبر البلدان الأفريقية لم تكن وليدة تصريحات ميلوني الأخيرة، بل أن تصريحاتها كشفت قبل وقت عن تلك الخطط بشكل واضح حتى قبل زياراتها الأخيرة لبلدان شمال أفريقيا الغنية بالنفط".
وأضاف لـ"العين الإخبارية " أن " خطة روما كانت أعلنت عنها ميلوني في 23 يناير/كانون الثاني الجاري حينما أعلنت عن زيارات ستقودها إلى دول الشمال الأفريقي في إطار خطة تنمية مزمعة أطلقت عليها اسم خطة "ماتي" لأفريقيا تكريما لنهج مؤسس شركة إيني للطاقة إنريكو ماتي ".
تلك الخطة بحسب مروان ثابت "تهدف لكسر هيمنة شركات الطاقة الغربية السبع الكبرى على القطاع وتعتمد على استراتيجية المنفعة المتبادلة مع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ".
وكانت الوكالة الإيطالية الرسمية (أكي) نقلت عن مليوني قولها إن "المصلحة الجيوسياسية لأوروبا بأكملها أن تكون أكثر حضوراً في أفريقيا ".
تلك التصريحات وفق ثابت تعتبر انطلاقة فعلية لخطة روما لإنقاذ نفسها وأوروبا كاملة من نقص الطاقة العالمي، مؤكدا أن تلك الخطة جاءت للحد من النفوذ الروسي في المنطقة بدعم من الغريم التقليدي للكرملين أي الولايات المتحدة".
وبالنظر إلى مسمى الخطة الإيطالية (ماتي) فإنه وبحسب الخبير الليبي في العلاقات الدولية "تحل مجموعة إيني للطاقة الإيطالية كرأس حربة في تلك الخطة، وهو ما ترجم للواقع بعد الإعلان عن الصفقة مؤخرا".
وبخصوص إثارة تلك الصفقة للجدل في ليبيا، قال مروان ثابت :إن" حكومة الوحدة الوطنية (منتهية الولاية) مستفيدة سياسيا من تلك الصفقة، حيث يعتبر ذلك التوقيع بمثابة دعم سياسي واعتراف من روما ومن خلفها أمريكا بحكومة عبد الحميد الدبيبة التي تبحث عن أي شي لدعم بقائها ضد منافستها حكومة فتحي باشاغا التي عينا البرلمان مؤخرا ".
أبعاد اقتصادية للصفقة
وباعتبار أن السياسة شريكة للاقتصاد، فقد قال الخبير الاقتصادي الليبي، فرج عبد العاطي:" في العالم يستخدم السياسيون الاقتصاد والعكس صحيح أيضا فالمجموعات الاقتصادية العملاقة تستخدم السياسيين والحكومات أيضا ".
وأضاف في تصريح لـ"العين الإخبارية" :" الحكومات الغربية طبقت ذلك حرفيا حيث استخدمت شركة إيني للولوج إلى شمال أفريقيا ".
وتعد تلك الصفقة الجديدة، وفق فرج عبد العاطي "ذات ثمار اقتصادية كبيرة فهي تؤمن إمدادات الغاز لأوروبا من جهة، وتحد من النفوذ الروسي والصيني في القارة الأفريقية من جهة أخرى، كما أنها ستقوي اقتصاد أوروبا وخاصة أمريكا وإيطاليا وهو ما سوف يفشل جميع المساعي الروسية لتأزيم الوضع الاقتصادي الأوروبي الداخلي ".
أما عن ليبيا فيقول الخبير الاقتصادي الليبي فرج عبد العاطي إن "الاستفادة من تلك الصفقة اقتصاديا لا يمكن تحديده بعد كون بنود الصفقة غير واضحة لا يمكن التنبؤ".
وبعيدا عن ذلك يقول أيضا أن "المصالح الاقتصادية الإيطالية الأوروبية من توقيع صفقة الطاقة الجديدة تظل رهن ما سيحكم به القضاء الليبي"، كاشفا نية تقدم عدد من الشخصيات الليبية بطعن لدى القضاء الوطني ضد الصفقة على غرار ما تم ضد الصفقة السابقة بين تركيا وحكومة الدبيبة".