تميزت تونس عبر قرون بصفة الاخضرار، بشجر الزيتون المبارك، وطبيعتها الممزوجة بزرقة خيالية للسماء، وبياض شفيف للقلوب والبيوت.
أما اليوم، وبعد عشر سنوات من اندلاع الثورة التونسية، التي سعت إلى تغيير سلمي يعطي الشعب حقا مشروعا في الكرامة والعيش والخبز والحرية، وبعد عشر سنوات من اغتصاب إرادة الشعب من قبل حركة "النهضة"، ذراع "الإخوان" في تونس، وبعد بارقة أمل وسط العتمة تمثلت في قرارات قيس سعيد الأخيرة، يقف الشعب التونسي مع رئيسه في مسيرة مقارعة الفساد، وعدم الخضوع لسلطة الدولة الخفية، التي سعت "النهضة" إلى تمكينها خلال السنوات الماضية.
فاليوم، يتسلح الرئيس التونسي قيس سعيد في حربه الشريفة هذه بدعم الشعب والتفافه حوله، وبنص صريح من الدستور التونسي.
فمن جهة، يقول "سعيد" إنه اختار أن يقف في صف الشعب للحفاظ على وحدة الدولة وحمايتها من الفساد الذي نخر مفاصلها، وأنه يحترم القانون المعبر عن الإرادة العامة للشعب لا على التحالفات والحسابات، مؤكدا أن الفضل الأول في معركته الحالية ضد الفساد يعود للشعب الذي انتفض ضد فساد رعته حركة "النهضة" وزادته الثروات الناشئة لقياداتها وأبنائهم وبناتهم، وضد الطغيان، الذي مارسته ضد حق الآخرين في الاختلاف وحريتهم في التعبير، وصولا إلى الانهيار الاقتصادي التام، وفشل الحكومة في التعامل مع أزمة فيروس كورونا المتنامية.
ومن جهة ثانية، يعترف "سعيد" بالدور الإيجابي، الذي تلعبه الدول الشقيقة والصديقة في مساعدة تونس على سد الاختلالات في التوازنات المالية والوفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية، بخلاف ما يروج له أتباع "الإخوان".
وهنا يتوجب التركيز على نقطة الديمقراطية، التي أجهضت تجربتها التونسية الخلاقة على يد عناصر "النهضة"، بعدما اختار الشعب رئيسا أكاديميا رصينا حرا قادرا على تحسس آلام شعبه وآماله، فالديمقراطية تنبثق من المادة 80 في الدستور التونسي، والتي تمنح رئيس الجمهورية صلاحية اتخاذ تدابير استثنائية، في ظل الحالة الطارئة التي يقتضيها الوضع في تونس، من تهاوي المرافق العمومية وعمليات الفساد، فضلا عمن يستعد لدفع الأموال في بعض الأحياء لإشعال الاقتتال الداخلي.
والديمقراطية هي الوجهة التي تسير نحوها تونس خارجة من حكم الإخوان وسيطرتهم على مفاصل البلاد وتبعيتهم لدول إقليمية على حساب مصلحة تونس نفسها.
والديمقراطية الشعبية هي خشبة خلاص تونس وعودتها إلى المجتمع الدولي شريكا فاعلا مؤثرا، لا مصدّرا للعناصر الإرهابية إلى سوريا وليبيا برعاية الإخوان، عبر رجلهم راشد الغنوشي، الذي يتوهم مقدرته وحزبه على إيقاف قطار التغيير في تونس.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة