إخوان تونس وتغيير اسم «النهضة».. مناورة سياسية يخنقها الانقسام
انقسامات في صفوف إخوان تونس إثر إعلان العجمي الوريمي الأمين العام لحزب "حركة النهضة" الذراع السياسية للإخوان، تغيير اسم الحزب.
وقال الوريمي مؤخرا إنه "سيتم تغيير اسمي حركة النهضة ومجلس الشورى وذلك في إطار القيام ببعض المراجعات التي تتماشى مع المرحلة الحالية ومتطلّباتها".
وأضاف أن "الاسم الجديد لحركة النهضة يجب أن يعبّر عن المرحلة التاريخية والأهداف السياسية للحزب"، مرجحا أن يحمل مجلس الشورى مستقبلا اسم "المجلس الوطني".
وتسبب هذا الإعلان في انشقاقات داخل القيادات الإخوانية، حيث قال وزير الخارجية الأسبق وصهر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، رفيق عبدالسلام، الهارب خارج تونس، إن" تغيير الاسم ليس مطروحا أصلا، وهذا النقاش خارج السياق، والنهضة ثابتة على نهجها وخطها وفق أولوياتها المعلنة".
وتابع عبدالسلام في منشور عبر موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي قائلا "سووا الصفوف يرحمكم الله، وكفوا عن هذا الجدل والقيل والقال، وعودوا إلى قضاياكم وأولوياتكم".
ويرى مراقبون أن حركة النهضة في حالة غليان وانشقاقات داخلية منذ الإطاحة بحكم الإخوان في 25 يوليو/تموز 2021.
مناورة سياسية
وقال عبد الرزاق الرايس المحلل السياسي التونسي لـ"العين الإخبارية" إن هناك صراعا داخل أجنحة حركة النهضة الإخوانية في تونس بين جناح مؤسسها راشد الغنوشي، وجناح أمينها العام العجمي الوريمي الذي يدعو للتغيير ويتودد للسلطة الحالية.
وأكد أن جناح الغنوشي الذي يضم ابنه معاذ وبناته الأربع وصهره رفيق عبدالسلام ،غير راض عن المتغيرات الحاصلة في حركة النهضة.
وأوضح أن الوريمي أقر بأخطاء حركة النهضة ويدعو للحوار وتخلى عن راشد الغنوشي، وهو الأمر الذي لا يقبل به جناح الغنوشي الذي يعتبر نفسه من مالكي الحزب.
وقال إن "العجمي الوريمي شخصية مهادنة ومعروفة بانحنائها أمام العواصف من أجل إعادة التموقع"، مشيرا إلى أن الوريمي يسعى لتغيير الاسم للاقتراب أكثر من القوى العلمانية المعارضة للرئيس قيس سعيد، وتشكيل حزام معارضة، خاصة بعد تأكده من اللفظ الشعبي للحركة .
وأكد أن اسم حركة النهضة تغير 3 مرات سابقا حيث كان اسمها "حركة الجماعة الإسلامية" ثم تغير إلى "حركة الاتجاه الإسلامي" قبل أن يصبح "حركة النهضة"، موضحا أن تلك التغييرات كانت من أجل أن توهم التونسيين بأنها أصبحت حزبا مدنيا يجري عليها قانون الأحزاب فقط، دون أن تقدم قراءة أو مراجعة حيث بقيت حركة دينية تحتكم لعقيدة الإخوان.
وللإشارة فأنه في سبتمبر/أيلول 2021 إثر الإطاحة بحكم الإخوان، أعلن أكثر من 100 قيادي وعضو في حركة النهضة استقالتهم، ومن بينهم قياديون ووزراء ونواب سابقون، مثل عبداللطيف المكي وسمير ديلو ونورالدين العرباوي وفتحي العيّادي وعماد الحمامي، وأرجعوا ذلك إلى "الخيارات السياسية الخاطئة لقيادة حركة النهضة ما أدى إلى عزلتها".
وسبق أن قال القيادي الإخواني السابق خميس الماجري (ينتمي للنهضة منذ تأسيسها خلال السبعينيات من القرن الماضي) إن الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي هو من اختار اسم "حركة النهضة".
وأضاف الماجري في تصريحات سابقة إن "الرئيس بن علي إثر وصوله للحكم سنة 1987، التقى برئيس الحركة راشد الغنوشي في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 1988، وطلب منه تغير الاسم وقال له حينها " لماذا اسم الحزب الاتجاه الإسلامي؟".
وتابع قائلا " وعاد الغنوشي حينها وأقنعنا بالتصويت لصالح تغيير الاسم".
تاريخ النهضة
تأسست حركة النهضة في أبريل/نيسان 1972 بشكل سري باسم "الجماعة الإسلامية"، وشارك في تأسيسها راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو والمنصف بن سالم، وانضم لهم فيما بعد كثيرون، منهم علي العريض.
وعقدت الجماعة بشكل سري مؤتمرها التأسيسي الذي صادقت فيه على قانونها الأساسي.
وفي 9-10 أبريل/نيسان 1981، أقامت الحركة -وبشكل سري أيضا- مؤتمرها الثاني في مدينة سوسة التونسية، وقررت الخروج من السرية إلى العلنية، وتغيير اسم الجماعة من "الجماعة الإسلامية" إلى "حركة الاتجاه الإسلامي".
وفي 6 يونيو/حزيران 1981، عقد راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو مؤتمرا صحفيا أعلنا فيه عن الحركة بصفة رسمية وعلنية، وتقدمت في اليوم نفسه بطلب الترخيص القانوني، والذي قوبل بالرفض، واعتقلت السلطات التونسية قياداتها في شهر سبتمبر/أيلول من العام ذاته.
واستفادت الحركة من وصول زين العابدين بن علي إلى الحكم في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987، فأفرج عن أغلب أعضائها.
وغيرت اسمها إلى "حركة النهضة" عام 1989، وتقدمت بطلب الترخيص القانوني الذي قوبل بالرفض من السلطة، فتوترت العلاقة معها، وغادر الغنوشي البلاد في 28 مايو/أيار 1989 إلى الجزائر ثم إلى بريطانيا إلى أن عاد إلى تونس سنة 2011 إثر سقوط نظام زين العابدين بن علي.